زاوية العقائد الدينيةعقائد السنة

محاورة بين ابن عباس وعمر

ورد في الكامل في التاريخ عز الدين أبو الحسن علي المعروف بابن الأثير دار الكتاب العربي سنة النشر: 1417هـ / 1997م

ثم دخلت سنة ثلاث وعشرين ذكر بعض سيرته – رضي الله عنه عمر بن الخطاب …فقال عمر : أحسن والله ، وما أعلم أحدا أولى بهذا الشعر من هذا الحي من بني هاشم ; لفضل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وقرابتهم منه . فقلت : وفقت يا أمير المؤمنين ولم تزل موفقا ! فقال يا ابن عباس ، أتدري ما منع قومكم منهم بعد محمد – صلى الله عليه وسلم – ؟

فكرهت أن أجيبه فقلت : إن لم أكن أدري فإن أمير المؤمنين يدريني ! فقال عمر : كرهوا أن يجمعوا لكم النبوة والخلافة ، فتبجحوا على قومكم بجحا بجحا ، فاختارت قريش لأنفسها فأصابت ووفقت . فقلت : يا أمير المؤمنين ، إن تأذن لي في الكلام وتمط عني الغضب تكلمت . قال : تكلم . قلت : أما قولك يا أمير المؤمنين : اختارت قريش لأنفسها فأصابت ووفقت ، فلو أن قريشا اختارت لأنفسها حين اختار الله لها لكان الصواب بيدها غير مردود ولا محسود . وأما قولك : إنهم أبوا أن تكون لنا النبوة والخلافة ، فإن الله – عز وجل – وصف قوما بالكراهة فقال : ( ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم ) . فقال عمر : هيهات والله يا ابن عباس ، قد كانت تبلغني عنك أشياء كنت أكره أن أقرك عليها فتزيل منزلتك مني . فقلت : ما هي يا أمير المؤمنين ؟ فإن كانت حقا فما ينبغي أن تزيل منزلتي منك ، وإن كانت باطلا فمثلي أماط الباطل عن نفسه . فقال عمر : بلغني أنك تقول : إنما صرفوها عنك حسدا وبغيا وظلما . فقلت : أما قولك يا أمير المؤمنين : ظلما ، فقد تبين للجاهل والحليم ، وأما قولك : حسدا ، فإن آدم حسد ونحن ولده المحسدون . فقال عمر : هيهات هيهات ! أبت والله قلوبكم يا بني هاشم إلا حسدا لا يزول . فقلت : مهلا يا أمير المؤمنين ، لا تصف قلوب قوم أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا بالحسد والغش ، فإن قلب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من قلوب بني هاشم . فقال عمر :إليك عني يا ابن عباس . فقلت : أفعل . فلما ذهبت لأقوم استحيا مني فقال : يا ابن عباس ، مكانك ! فوالله إني لراع لحقك محب لما سرك . فقلت : يا أمير المؤمنين ، إن لي عليك حقا وعلى كل مسلم ، فمن حفظه فحظه أصاب ، ومن أضاعه فحظه أخطأ . ثم قام فمضى .

……………………………………………………………………………………………………

( صحيفة الصراط المستقيم – العدد 31 – السنة الثانية – بتاريخ 22-2-2011 م – 18 ربيع الأول 1432 هـ,ق)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى