بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليماً كثيراً
سلسة من حلقات تبين ما ورد في بعض تفاسير المسلمين وما جاء عن قائم ال محمد السيد احمد الحسن ع في تفسير بعض الايات القرآنية المباركة يتبين من خلالها العلم الذي يحمله هذا الرجل الطاهر.
وسأبدأ اولاً بما ورد في كتب التفسير ومن ثم اورد ما جاء عن السيد احمد الحسن (ع) واترك الحكم للقاريء الكريم .
الحلقة الرابعة
قال تعالى (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)) سورة القيامة
ورد في تفسير هذه الايات المباركة في تفسير الميزان للسيد محمد حسين الطباطبائي ما يأتي :
قوله تعالى: (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة)
وصف ليوم القيامة بانقسام الوجوه فيه إلى قسمين: ناضرة وباسرة، ونضرة الوجه واللون والشجر ونحوها ونضارتها حسنها وبهجتها.
والمعنى: نظرا إلى ما يقابله من قوله: (ووجوه يومئذ باسرة) الخ وجوه يوم إذ تقوم القيامة حسنة متهللة ظاهرة المسرة والبشاشة قال تعالى: (تعرف في وجوههم نضرة النعيم) المطففين: 24، وقال: (ولقاهم نضرة وسرورا) الدهر: 11 .
وقوله : (إلى ربها ناظرة) خبر بعد خبر لوجوه، و(إلى ربها) متعلق بناظرة قدم عليها لإفادة الحصر أو الأهمية.
والمراد بالنظر إليه تعالى ليس هو النظر الحسي المتعلق بالعين الجسمانية المادية التي قامت البراهين القاطعة على استحالته في حقه تعالى بل المراد النظر القلبي ورؤية القلب بحقيقة الايمان على ما يسوق إليه البرهان ويدل عليه الاخبار المأثورة عن أهل العصمة عليهم السلام وقد أوردنا شطرا منها في ذيل تفسير قوله تعالى: (قال رب أرني أنظر إليك) الأعراف: 143، وقوله تعالى: (ما كذب الفؤاد ما رأى) النجم: 11.
فهؤلاء قلوبهم متوجهة إلى ربهم لا يشغلهم عنه سبحانه شاغل من الأسباب لتقطع الأسباب يومئذ، ولا يقفون موقفا من مواقف اليوم ولا يقطعون مرحلة من مراحله إلا والرحمة الإلهية شاملة لهم (وهم من فزع يومئذ آمنون) النمل: 89 ولا يشهدون مشهدا من مشاهد الجنة ولا يتنعمون بشئ من نعيمها إلا وهم يشاهدون ربهم به لأنهم لا ينظرون إلى شئ ولا يرون شيئا إلا من حيث إنه آية لله سبحانه والنظر إلى الآية من حيث إنها آية ورؤيتها نظر إلى ذي الآية ورؤية له .
ومن هنا يظهر الجواب عما أورد على القول بأن تقديم (إلى ربها) على (ناظرة) يفيد الحصر والاختصاص، أن من الضروري أنهم ينظرون إلى غيره تعالى كنعم الجنة. والجواب أنهم لما لم يحجبوا عن ربهم كان نظرهم إلى كل ما ينظرون إليه انما هو بما أنه آية، والآية بما أنها آية لا تحجب ذا الآية ولا تحول بينه وبين الناظر إليه فالنظر إلى الآية نظر إلى ذي الآية فهؤلاء لا ينظرون في الحقيقة إلا إلى ربهم.
تفسير الميزان – السيد الطباطبائي ج 20 ص 111 و ما بعدها .
اما ما نقله الشيخ الطوسي في التبيان
ثم قسم تعالى أهل الآخرة فقال (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة)
أي مشرقة مضيئة، فالنضرة الصورة الحسنة التي تملأ القلب سرورا عند الرؤية نضر وجهه ينضر نضرة ونضارة فهو ناضر. والنضرة مثل البهجة والطلاقة، وضده العبوس والبسور، فوجوه المؤمنين المستحقين للثواب بهذه الصفة بما جعل الله عليها من النور علامة للخلق، والملائكة على أنهم مؤمنون مستحقون الثواب.
وقوله (إلى ربها ناظرة) معناه منتظرة نعمة ربها وثوابه ان يصل إليهم .
وقيل (ناضرة) أي مشرفة (إلى) ثواب ربها (ناظرة) وليس في ذلك تنغيص لان الانتظار إنما يكون فيه تنغيص إذا كان لا يوثق بوصوله إلى المنتظر أو هو محتاج إليه في الحال.
والمؤمنون بخلاف ذلك، لأنهم في الحال مستغنون منعمون، وهم أيضا واثقون انهم يصلون إلى الثواب المنتظر. والنظر هو تقليب الحدقة الصحية نحو المرئي طلبا للرؤية ويكون النظر بمعنى الانتظار، كما قال تعالى ( واني مرسلة إليهم بهدية فناظرة ) أي منتظرة ………
ثم يقول: ويكون النظر بمعنى المقابلة، ومنه المناظرة في الجدل، ومنه نظر الرحمة أي قابله بالرحمة، ويقال: دور بني فلان تتناظر أي تتقابل، وهو وينظر إلى فلان أي يؤمله وينتظر خيره، وليس النظر بمعنى الرؤية أصلا، بدلالة انهم يقولون: نظرت إلى الهلال فلم أره فلو كان بمعنى الرؤية لكان متناقضا، ولأنهم يجعلون ىالرؤية غاية للنظر يقولون: ما زلت أنظر إليه حتى رأيته، ولا يجعل الشئ غاية لنفسه لا يقال: بما زلت أراه حتى رأيته، ويعلم الناظر ناظرا ضرورة ، ولا يعلم كونه رائيا بل يسأل بعد ذلك هل رأيت أم لا ؟ ودخل ( إلى ) في الآية لا يدل على أن المراد بالنظر الرؤية .
تفسير التبيان – الشيخ محمد بن الحسن الطوسي ج 10 ص 197 و ما بعدها .
كما ورد في تفسير هذه الاية المباركة عن اسماعيل بن عمر ابن كثير
قال تعالى (وجوه يومئذ ناضرة) من النضارة أي حسنة بهية مشرقة مسرورة
(إلى ربها ناظرة) أي تراه عيانا كما رواه البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه ” إنكم سترون ربكم عيانا ” وقد ثبتت رؤية المؤمنين لله عز وجل في الدار الآخرة في الأحاديث الصحاح من طرق متواترة عند أئمة الحديث لا يمكن دفعها ولا منعها لحديث أبي سعيد وأبي هريرة وهما في الصحيحين أن ناسا قالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال ” هل تضارون في رؤية الشمس والقمر ليس دونهما سحاب ؟ ” قالوا لا قال ” فإنكم ترون ربكم كذلك “
وفي الصحيحين عن جرير قال نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القمر ليلة البدر فقال (إنكم ترون ربكم كما ترون هذا القمر فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس ولا قبل غروبها فافعلوا) وفي الصحيحين عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى الله عز وجل إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن).
ثم يقول ابن كثير
ولولا خشية الإطالة لأوردنا الأحاديث بطرقها وألفاظها من الصحاح والحسان والمسانيد والسنن ولكن ذكرنا ذلك مفرقا في مواضع من هذا التفسير وبالله التوفيق وهذا بحمد الله مجمع عليه بين الصحابة والتابعين وسلف هذه الأمة كما هو متفق عليه بين أئمة الاسلام وهداة الأنام ………. ثم يقول : وأين هو من قوله تعالى (كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) قال الشافعي رحمه الله تعالى: ما حجب الفجار إلا وقد علم أن الأبرار يرونه عز وجل ثم قد تواترت الاخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما دل عليه سياق الآية الكريمة وهي قوله تعالى (إلى ربها ناظرة) قال ابن جرير حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري حدثنا آدم حدثنا المبارك عن الحسن ” وجوه يومئذ ناضرة ” قال حسنة ” إلى ربها ناظرة ” قال تنظر إلى الخالق وحق لها أن تنضر وهي تنظر إلى الخالق .
تفسير ابن كثير ج 4 ص 479 و ما بعدها .
وجاء في تفسير الطبري
عن مجاهد، في قوله: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ) قال: مسرورة (إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) .
اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: أنها تنظر إلى ربها.
حدثنا محمد بن منصور الطوسي، وإبراهيم بن سعيد الجوهري قالا ثنا عليّ بن الحسن بن شقيق، قال: ثنا الحسين بن واقد، عن يزيد النحويّ، عن عكرِمة قال: (تنظر إلى ربها نظرا)
ثم يقول:
وقال آخرون: بل معنى ذلك: أنها تنتظر الثواب من ربها.
- ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا عمر بن عبيد، عن منصور، عن مجاهد (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) قال: تنتظر منه الثواب.
قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد (إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) قال: تنتظر الثواب من ربها.
الأعمش، عن مجاهد (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ) قال: نضرة من النعيم (إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) قال: تنتظر رزقه وفضله.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، قال: كان أناس يقولون في حديث: “فيرون ربهم” فقلت لمجاهد: إن ناسا يقولون إنه يرى، قال: يَرى ولا يراه شيء.
قال ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، في قوله: (إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) قال: تنتظر من ربها ما أمر لها.
حدثني أبو الخطاب الحساني، قال: ثنا مالك، عن سفيان، قال: ثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح، في قوله: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) قال: تنتظر الثواب
تفسير جامع البيان- الطبري ج24 ص71 – 73.
و الآن ننقل لكم ما جاء عن يماني ال محمد السيد احمد الحسن (ع) في تفسير هاتين الايتين المباركيتين
ما معنى هذه الآيات من سورة القيامة
( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23) )
أي ناظرة إلى محمد (ص)، فهو المربي فهذه الوجوه الطيبة الناضرة.
قال الصادق (ع) لهاشم الصيداوي :-
( يا هاشم حدثني ابي وهو خير مني عن رسول الله (ص) انه قال ما من رجل من فقراء شيعتنا إلا وليس عليه تبعة قلت جعلت فداك وما التبعة قال من الإحدى والخمسين ركعة ومن صوم ثلاث أيام في الشهر فإذا كان يوم القيامة خرجوا من قبورهم ووجوههم مثل القمر ليلة البدر فيقال للرجل منهم سل تعط فيقول أسال ربي النظر إلى وجه محمد (ص) قال فيأذن الله عز وجل لأهل الجنة ان يزوروا محمد (ص) قال فينصب لرسول الله (ص) منبراً على درنوك من درانيك الجنة له ألف مرقاة بين المرقاة إلى المرقاة ركضة الفرس فيصعد محمد (ص) وأمير المؤمنين (ع) قال فيحف ذلك المنبر شيعة آل محمد (ع) فينظر الله إليهم وهو قوله تعالى وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة قال فيلقى عليهم من النور حتى أن أحدهم إذا رجع لم تقدر الحوراء تملأ بصرها منه ثم قال أبو عبد الله (ع) يا هاشم لمثل هذا فليعمل العاملون) البحار ج24 ص261.
المتشابهات السيد احمد الحسن ع ج 2