زاوية العقائد الدينيةعقائد الشيعة

صيحة الحق – النداء باسم القائم ( الجزء الثالث )

عن الإمام أبي جعفر الباقر (ع): (ينادي منادي باسم القائم واسم أبيه).

كان هذا احد المضامين التي يكون النداء السماوي بها، وقد أوضحنا في الحلقات السابقة أن المنادى باسمه ليس هو الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع)؛ إذ أن النداء باسمه لا يزيد من يدعي التشيع لآل محمد (ع) إلا رسوخاً باعتقاده الحق،

ولكن الرواية التي عرضناها للإمام الصادق (ع) تؤكد أن النداء الثاني (نداء إبليس لعنه الله) سيكون سبباً لتبري الأغلب ممن يدعي ولاية أهل البيت (ع) منهم وتناولهم واتهامهم بالسحر، إذ يقول (ع): (فيثبّت الله الذين آمنوا بالقول الثابت على الحق وهو النداء الأول، ويرتاب يومئذٍ الذين في قلوبهم مرض، والمرض والله عداوتنا، فعند ذلك يتبرءون منا ويتناولونا، فيقولون: إن المنادي الأول سحر من سحر أهل هذا البيت) غيبة النعماني: ص260.

وإذا كان النداء ليس باسم القائم (الإمام المهدي محمد بن الحسن “ع”) فمن هو يا ترى ؟؟ أو بتعبير آخر: هل يوجد قائم آخر لأهل البيت (ع) في زمن الظهور غير الإمام محمد بن الحسن (ع)، كان أمره مخفياً قبل وقته ومجهولاً للناس ؟؟

إن إجابة هذا السؤال من الأهمية بمكان تستوجب مرة أخرى الرجوع إلى آل محمد (ع) ومعرفة الحقيقة منهم، وماذا يجد الراجع إليهم سوى النجاة والهدى.

أول ما نطالعه في هذا الصدد أن آل محمد (ع) وهم يعددون العلامات الحتمية لظهور الإمام المهدي (ع) نجدهم يذكرون القائم، فعن محمد بن علي الحلبي قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: (اختلاف بني العباس من المحتوم، والنداء من المحتوم، وخروج القائم من المحتوم ..) الكافي: ج8 ص310 ح484.

وعن أبي حمزة الثمالي قال: ( قلت لأبي عبد الله “ع”: إن أبا جعفر “ع” كان يقول: إن خروج السفياني من الأمر المحتوم؟ قال لي: نعم، واختلاف ولد العباس من المحتوم، وقتل النفس الزكية من المحتوم، وخروج القائم “ع” من المحتوم ..) كمال الدين وتمام النعمة: ص652 ح14.

إنّ من الواضح أنّ هاتين الروايتين تتحدثان عن العلامات الحتمية التي يليها ظهور الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع)، واتضح أنّ من بين تلك العلامات (خروج القائم)، وبكل تأكيد لا يصح القول أن المقصود به الإمام المهدي (ع)؛ ذلك أنّ الشيء لا يكون علامة حتمية لنفسه فيكون هو العلامة من جهة، وهو ما يستدل عليه بالعلامة من جهة ثانية، وهل العلامة التي ترشدك إلى البصرة يصح القول إنها البصرة نفسها ؟!!

إذن هناك قائم وصفته الروايات أنه علامة حتمية لظهور الإمام القائم محمد بن الحسن (ع)، ولو طلبت صفته وشمائله لوجدتها تختلف عن شمائل الإمام المهدي (ع)، يتضح ذلك عند المقارنة بين الصفات، واليك أولاً صفة الإمام (ع) كما نقلها الطوسي في غيبته: (… ليس بالطويل الشامخ ولا بالقصير اللازق، بل مربوع القامة مدور الهامة صلت الجبين أزج الحاجبين، أقنى الأنف، سهل الخدين، على خده الأيمن خال ..)غيبة الطوسي: ح228، تحقيق عباد الله الطهراني، مؤسسة المعارف الإسلامية.

هذا وصف لك ان تقارنه بما ورد عن الامام الباقر (ع) وهو يصف قائم لآل محمد (ع)، اذ روى  حمران قال: قلت لأبي جعفر (ع): (.. سألتك بقرابتك من رسول الله أنت صاحب هذا الأمر والقائم به ؟ قال: لا، قلت: فمن هو بأبي أنت وأمي ؟ فقال: ذاك المشرب حمرة، الغائر العينين، المشرف الحاجبين، عريض ما بين المنكبين، برأسه حـزاز، وبوجهـه أثر، رحم الله موسـى)غيبة النعماني: ص215.

والصفتان – لمن ينصف آل محمد (ع) – تعود لشخصيتين بكل تأكيد، ولا يمكن بحال صرف كل الصفات للإمام المهدي (ع)، ويكفي أن بوجه احدهما خال وبوجه الآخر أثر للحكم بذلك، كما يكفي أن احدهما أزج الحاجبين والآخر مشرف الحاجبين، وكذا أن الإمام مربوع القامة ليس بالطويل ولا القصير في حين أن صفة الآخر عريض ما بين المنكبين المستدعي لطول قامته، وهي الصفة التي يشابه فيها نبي الله موسى بن عمران (ع)، في حين أنّ الإمام المهدي (ع) شبيه لجده رسول الله (ص) باتفاق الجميع.

 وينبغي أن أنبه هنا إلى أنّ جواب الإمام الباقر (ع) كان عن السؤال التالي: (أنت صاحب هذا الأمر والقائم به ؟؟)، فكان جوابه (ع) يوضح فيه صفة قائم لآل محمد (ع) يقوم بالأمر، وأكيد أنه ذاته القائم (العلامة الحتمية) التي تقدم الحديث عنها.

وسيأتي مزيد توضيح لهذه النقطة في حلقة قادمة بإذن الله تعالى.

……………………………………………………………………………………………..

( صحيفة الصراط المستقيم – العدد 2 – السنة الثالثة – بتاريخ 26-7-2011 م – 24 شعبان 1432 هـ.ق)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى