أخبار سياسية منوعة

رئيس هيئة أركان الجيش الأمريكي يلوّح بالعصا

 عواقب جسيمة ” تنتظر العراقيين في حال لم يتم إقرار الاتفاقية الأمنية بنسختها التي يريدها الأمريكي نسخة أخيرة ، هذا ما هدد به رئيس هيئة الأركان المشتركة بجيش الاحتلال الأمريكي مايكل مولن ، ولعل من الواضح تماماً إن العبارة ( عبارة عواقب جسيمة ) لا يمكن ترجمتها بشئ آخر سوى تخريب الوضع الأمني غير المستقر أصلاً ، فإذا كان الأمريكي يبرر وجوده بالأوضاع الأمنية المتردية وعدم قدرة قوى الأمن العراقية على ضبطها فإن المزيد من التردي سيصب بالتأكيد في مصلحة بقائه .

وبكلمة واحدة يحاول الأمريكي اختصار الوضع العراقي بمعادلة إن ضرورة وجود القوات الأمريكية في العراق تأتي من ضرورة وجودها ! فالأمن المفقود الذي أوجدوه ينبغي أن يكونوا هم وحدهم القادرين على تحقيقه ، دون أن يعني ذلك انتهاء مهمتهم ودورهم لأن قدرتهم لا تتوقف عند تهدئة الوضع الأمني وإنما تتعداها الى تفجيره أيضاً ، وهذا ما لوح به وزير الدفاع غيتس عندما حذر من ” عواقب وخيمة ” ، وتحدث عن تعطيل عمل القوات الأمريكية في العراق الى أن يتم التوقيع على الإتفاقية الأمنية .

سيفهم الساسة العراقيون هذا الخطاب الأمريكي على أنه تهديد موجه لهم مباشرة ، وليس من شك في أنهم سيعودون بذاكرتهم قليلاً الى الوراء ليتذكروا الحديث الذي راج قبل أسابيع عن إمكانية حصول انقلاب عسكري يطيح بعروشهم التي أشادوها بخداع الجماهير ، وستنتقل بهم الفكرة الى الحديث الأمريكي عن الرشاوى الإيرانية التي دخلت جيوب بعض البرلمانيين من أجل عرقلة الإتفاقية الأمنية ، والحديث عن دور إيراني حديثٌ خطير جداً بطبيعة الحال ، فهو ذريعة كافية تماماً لرمي أصحاب الإعتراضات اللغوية بالعمالة لإيران ومحاولة تخريب العملية السياسية ، وسيفكرون بأن الصحوات جاهزة لأي دور يمكن أن يناط بها ، كما إن الأكراد من جهتهم لن يمانعوا أبداً أي تغيير يمكن أن يحقق لهم ما يصبون له ، وبالتأكيد لن تغيب عن ذهن ساسة الدعوة وحزب الحكيم دلالات الحركة الأخيرة لأياد علاوي ، فهي من نوع الحركات الروتينية التي يستخدمها الأمريكان في تحفيز المخاوف وتنشيط ذاكرة العملاء حين يصيبها التبلد ، وهي على أية حال تشبه كثيراً الحركات الإختبارية التي تسبق عمليات التغيير أو الإنقلاب ، حيث يتم استعراض قامة البديل للجماهير ، ولكنها هذه المرة كما المرات السابقة حركة مسرحية يريد منها الأمريكان تذكير المتربعين على الكرسي بجاهزية البديل .

من جهتهم يشعر الأمريكان بأن الإتفاقية الأمنية حق طبيعي لهم في مقابل كل ما يعتبرونه تضحيات وخسائر قدموها ، بل إنهم يشعرون بعمق بأنهم أصحاب فضل كبير على القوى التي تتربع الآن على سدة الحكم في العراق ، فهم من أطاح بنظام الطاغية صدام وأهداهم الحكم دون أن يبذل هؤلاء الفاشلون أي جهد يُذكر .

إن فكرة الجميل ورد الجميل مهمة جداً في تحليل الموقف الأمريكي وطريقة التعامل التي يتعاطى بها الأمريكان مع الحكومة العراقية ، فالجميل الذي طوقوا به أعناق الفاشلين يحتل المركز في نظرتهم للعراقيين وهم يتوقعون دائماً أن يكون هاجس رد الجميل حاضراً في أذهان العراقيين ، وبرأيهم إن كل محاججة أو اعتراض تدخل في حيز التنكر للجميل ، وتستحق ليس فقط التذكير ، ولكن المصارحة أيضاً ، أو بالأحرى التذكير بالعار ، فالفاشل التافه الذي حمله الآخرون على ظهر دباباتهم ، وأجلسوه على كرسي لم يكن ليخطر في أكثر أحلامه الشيطانية كذباً ، كيف له اليوم أن يجرؤ على الوقوف – ولو الوقوف الخجول – بوجه رغبات السيد القوي !؟

لن أتحدث في هذا المقال عن الفرصة الذهبية التي يمكن أن يستثمرها سياسيو العراق ، فمعرفتي بهؤلاء تكفي لإلجام قلمي عن التأمل في إمكانية أن يستغل العراقيون مناسبة الإتفاقية وتطوير موقفهم منها الى موقف شعبي رافض والمرور منه الى مرحلة المواجهة الكاملة مع المحتل ، ولكني أعلم إن هذا حديث خرافة ، وهو حديث أكبر بكثير من أن يفكر فيه الإمعات ، ولكني أنوه به بوصفه الورقة الوحيدة التي يمكن أن تخيف الأمريكان لأصل الى نتيجة أن الأمريكان يعلمون جيداً أن العراقيين أتباع السيستاني وغيرهم قد ضيعوا على أنفسهم هذا السلاح منذ البدء ، وإنهم بالنتيجة لا يملكون ما يواجهون به إملاءات الأمريكي ، وبما أنهم مكشوفي الظهر هكذا سيكون التلويح بالعصا مخيفاً جداً لهم ، وستشهد الأيام كيف ينقاد القطيع الذي يتصنع التمرد والممانعة ، وسينكشف أن تمرده المسرحي هذا ما هو إلا لعبة للإستهلاك المحلي يعقبها تقديم كل ما تبقى من ماء الوجه للسيد الأمريكي ، وأقول منذ الآن الحمد لله الذي فضح السيستاني ورجالات السيستانية على رؤوس الأشهاد ، فالسيستاني الذي خدع الجماهير يوم الإنتخابات الأولى بأن هذه الإنتخابات ستؤدي الى الضغط على المحتل للخروج من البلاد ها هو – وسترون – يبصم بالعشرة على وثيقة بيع العراق .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى