زاوية الحكمة اليمانيةزاوية الدعوة اليمانيةزاوية العقائد الدينيةزاوية شبهات وردود

لا بدّ من تمهيد

ربما يعتقد الكثيرون – مع الاسف – و يظنون أن الامام المهدي – سلام الله عليه – يخرج و يقوم هكذا بلا تمهيد، و لا مقدمات و لا استعداد من أصحابه و أنصاره، وبلا دعوة تسبقه وتمهد له، وتدعو اليه والى الاعداد والاستعداد للقائه الشريف، ونصرته والانضمام تحت لواءه المقدس، ورايته راية (البيعة لله) الغالبة، وجيشه الضارب الغالب، وسيفه القاطع البتار.

وطالما سمعنا كثيراً من الكلام والتصور الساذج والخالي من التحقيق العلمي، والاساس الصحيح عن كون الامام سوف يخرج بمكة … هكذا فجأة وبلا سابق انذار، وسوف يتوافد عليه اصحابه وانصاره الكرام بلا مقدمات ولا استعداد مسبق ! وسوف يسمعون صيحة جبرائيل عليه السلام، وسوف وسوف وغيرها من التصورات بل والاوهام الخالية والعارية تماماً عن حقيقة الامر، و وقائع الاحداث. وبالرغم من كون الحديث في هذا الشأن والامر الخطير يطول .. ولكن بالامكان القول: انه لا بد أولاً من تحرير المفاهيم الواردة في الروايات الشريفة على حقيقتها، و رفع اللبس عنها، ثم تطبيق مصاديقها على ارض الواقع، من اجل تجلية ومعرفة حقيقة ما جرى وما يجري على وجه الحق والحقيقة، وليس على ضوء الرغبات والتصورات والتخيلات الباطلة والعارية عن الصحة، فأولاً: أيًّ مكة هذه المعنية والواردة في الروايات الشريفة عن المعصومين عليهم جميعاً سلام الله؟ وأيَّ صيحة كذلك وما هي حقيقةُ هذه الصيحة و كيفيتها ؟ وهذا بحث وأمر قد تكفل في توضيحه ما ورد في كتابات وكتب السيد اليماني الموعود (عليه السلام) وأنصاره ( حفظهم الله ) أنصار الامام المهدي ( مكن الله له في الارض ) وبالامكان مراجعة ما كتبوه في هذا الشأن، وفي كثير من علائم الظهور المقدس.

ثم نقول: إن من العجب أن الناس تعلم جيداً أنه لو أن مَلِكاً من الملوك، أو حاكماً من الحكام، أراد أن يزور مدينةً من المدن فلا بد من التهيئة لزيارته، والاستعداد لاستقباله على الصعيد الرسمي والشعبي، ومن قِبَلِ الناس عموماً، حتى يتضح من خلال ذلك مَن يريد الملك أو الحاكم إذا هبَّ للقائه واستقباله، ممن لا يريده إذا أعرض عنه أو تلهّى بشيء آخر، ولم يحضر موكبه، و يخرج لاستقباله.

و كذلك ينطبق الامر على ادنى معركة تحصل بين فئة واخرى فلا بد أن يكون لها استعداد مسبق، وتحضير وتدريب، ومستلزمات عديدة من أجل أن يكون النصر حليفها، اذا ارادت ذلك . فكيف يكون أمر الامام المهدي عليه السلام .. هكذا خالياً من الاستعداد و التحضير؟ و المسألة – هنا –  ليست فقط الاستعداد العسكري، أو الاستقبال الرمزي، وانما يتعلق بشيء أهم من ذلك وأعظم وأخطر وأكبر .. وهو الاستعداد العقائدي والفكري، والتحضير النفسي والأخلاقي، والاستعداد للتضحية من أجل العقيدة والدين الحق، ودولة العدل الإلهي، ولا بد أن يكون العمل خالصاً لوجه الله تعالى وليس لغرض آخر دنيوي ولا شخصي، ولا غير ذلك من المآرب المخالفة لمنهج الحق.

إضافة لذلك .. لا بد ايضاً أن يكون أصحاب الامام وأنصاره أصحاب علم بدين الله تعالى الحق، الذي ارتضاه لنفسه و لخلفائه في ارضه .. من أجل معرفة السير بسفينة دولة العدل الالهي الى بر الامان في خِضَم أمواج الفتن والانحرافات في كل مجال .

ولا يكون ذلك ولا يحصل مطلقاً ما لم تكن هناك دعوةٌ ممهدة، و داعٍ ممهدٍ لهذا الامر .. معصوم مسدد من قبل السماء، منصوص عليه، وعنده عهدٌ من رسول الله ( صلى الله عليه و اله ) محدد المعالم، واضح الصفات لا لبس فيه لأن غيره لا يمكن أن يضمن لنفسه – فضلاً عن غيره – المسار الصحيح والصادق لنصرة الامام المهدي عليه السلام , إذ أنَّ نصرة الامام المهدي وتطبيق حاكمية الله تعالى في الارض لا يتم بالادعاءات والشعارات، والتسميات الجوفاء الفارغة من كل حقيقة صادقة، ولا وفق الاهواء والرغبات الشخصية والالاعيب السياسية، و الرايات التي تدعو الى نفسها، وتنصيبها بديلاً عن حجة الله وخليفته في ارضه. وعلى ضوء ذلك فان الروايات التي ذكرت اليماني الموعود و بكونهِ أهدى الرايات، وحثت على اتباعه و لزوم رايته، و حذرت من الالتواء عليه،.. هي في الحقيقة التي تتكفل بحل هذا الاشكال، وهي الراية الوحيدة الممهدة للامام المهدي عليه السلام على ضوء جميع الموازين والاعتبارات الصحيحة المتعلقة بذلك . أما ما ورد عن الامام المهدي عليه السلام : بأن أمرنا فجأة بغتة .. فإنما يكون ذلك بعد الاستعداد و التمهيد لا قَبلَهُ .. و ذلك بعد القاء الحجة على خلق و الناس بدعوة الحق وصاحبها اليماني الموعود حتى لا تبقى حجة لمحتج، ولا عذر لمعتذر يقول: لا ادري و لم انتبه لهذا الامر أو أُدعى اليه و غيرها من الاعذار ! .

و أظن أن لا حاجة للخوض في حقيقة وحيثيات الدعوة اليمانية المباركة، ولا في أمر السيد اليماني الموعود عليه السلام .. فإن الدعوة – بفضل الله تعالى و توفيقه و تسديده و تأييده – اصبحت أشهر من نار على علم، و بالامكان لكل من يريد الاطلاع و المعرفة، أن يطَّلِع عليها من خلال الوسائل الاعلامية العديدة .

و الحمد لله وحده .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى