زاوية الدعوة اليمانيةزاوية تربية وإجتماع

إنسانيتي أولاً

كانت حياتي وكل قواي موهوبة لأروع شيء في العالم، ألا وهو «النضال في سبيل الإنسانية». (نيكولاي استروفسكي)

تعود كلمة الإنسانيّة بالإنكليزيّة Humanity في أصلها إلى الكلمة اللاتينيّة (Humanitas)، التي تعني الطبيعة البشريّة، فالإنسانية شيء جميل ومتكونة من مشاعر وأحاسيس وسلوكيات تميّز الإنسان عن بقية الكائنات الحية، وهي تقوم على فعل الخير بين البشر من دون النظر الى اللون او الطائفة او العرق او الجنس او الدين، انما وفق الفطرة، فهي تبحث عن العدالة والعطاء والإحسان، وتنزع الأنانية من الإنسان الذي ينشأ من حب الذات أو الانتماء بأنواعه.

كتب كثيرٌ من الفلاسفة والأساتذة والعلماء عن الإنسانية منذ القرن الثاني عشر وإلى يومنا، كعالم اللغة الألماني جورج فويت وإرنست رينان وبول جونسون.. والكثيرون، سواء في عصر النهضة أو ما بعده، ورغم كثرة الكتابات حول هذا المفهوم، فإنه ما زال غامضاً بين الاوساط الأكاديمية او العامية، ومن التعريفات الحديثة للإنسانية، وأعتقد أنه كشف الغموض في هذا الجانب ما يقدمه الكاتب السيد أحمد الحسن (ع) بقوله:
«أدعوكم الى شعار انسانيتي أولا، وإنسانيتكم رهن تميزكم عن بقية الحيوانات، وما يميّزكم تمييزا حقيقيا ليس هو الدماغ فقط؛ لأنه نتاج تطوّري، تمتلكه بقية الحيوانات، وإن بمستوى ادنى، ما يميّزكم هو الإيثار الحقيقي المحايد الذي يمكن ان تتحلّوا به، وبه تُعدّون بشرا، شرفك وانسانيتك تجدهما عندما تكفل فقيرا ويتيما لا تربطك بهما صلة قرابة رغم حاجتك للمال، وعندما تعطي من دون ان تنتظر مقابلا مستقبليا، أدعوكم إلى بناء الانسان في بواطنكم، أدعوكم الى قتل «الأنا»، والى شعار «جاري قبل نفسي» و«المدينة المجاورة قبل مدينتي»، كما أوصى رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) والأنبياء: الجار أولاً، والفقير أولاً، واليتيم أولاً، والأرملة أولا، وأدعوكم الى نبذ ما يدعوكم اليه هؤلاء، فإنهم يدعونكم ــــ وللأسف ـــ إلى الاقتداء بالشيطان القائل «أنا أولا»، وملحقاتها وتوابعها، مثل: مدينتي أولا ومحافظتي أولا، هؤلاء يدعونكم لتكونوا مصداقا لقوله تعالى: «فَلَمَّا عَتَوْا عَمَّا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ»، هؤلاء بجهلهم وبشعاراتهم يهدمون الانسان، وإذا هُدم الانسان فلا يمكن ان يكون منتجا وعنصرا نافعا وفاعلا في الحياة الاجتماعية السليمة».
رسالة: إذاً، الانسانية هي الإيثار الحقيقي المحايد، أن تعطي للغير كما تحب أن يُعطى لك، من دون مقابل وحب الظهور، ومن دون النظر الى الطائفة او العرق او القبيلة او الانتماء.

نشرت: بتاريخ 9 تشرين الأول – 2018 في صحيفة الصراط المستقيم / السنة الثامنة – العدد 394

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى