زاوية العقائد الدينية

جزاء الصابرات – الجزء الثاني

((والتي احصنت فرجها فنفخنا فيهامن روحنا وجعلنا ها وابنها ايه للعالمين )) سورة الأنبياء ايه 91

مريم بنت عمران :

ان لهذه القصة شأنا عظيما و تحديا صعبا لهذه السيدة حيث نجد ان في هذه القصة العظيمة عدة امور منها :

ايمانها القوي الذي قادها الى التسليم المطلق لامر الله سبحانه و تعالى و صبرها على الاذى من قبل الكهنة منذ صغرها و التجائها الى الله والتزامها بامر الله حتى وان كان ذلك الامر مخالف لاهوائها،

كابتعادها عن امها و عينها في المعبد و كانت تعيش بعيدة عن قرابتها و كان انيسها الله وحده في مكانها الذي تسكن فيه و هذا جعلها نموذج يستحذى به للسائرات على طريق الحق فكان صراعها مع علماء السوء في ذلك الزمان المتمثلين بالكهنة و هذا كان اكثر الامور حساسية بالنسبة لها كأنثى و التي كانت تعتبر نفسها امام قومها رائدة الطهر و العفة و التي نشأت و ترعرعت في المعبد و عاشت بين العلماء ( الكهنة ) و هذا لم يؤثر في نفسها شيء فلم تهادن على اي صغيرة او كبيرة من الامور التي تحصل من اخطاء و تظليل للمجتمع الخارجي و عندما لبت نداء الله لم تبالي باتهام كبار قومها و قد جاءت اليهم و هي لم تملك وسيلة تدافع بها عن نفسها فكيف لامرأة تأتي قومها بمولود لها ثم تزعم لهم انها لم تقارب اثما و لا علاقة لها مع رجل و تزعم انها لم يمسها بشر و تصر على انها طاهرة وعفيفة بل لا تقبل اي تأويل بل و حتى المرأة المتزوجة في ايامها الاولى بعد الولادة تكون خجلة امام الناس و المقربين منها فكيف اذا كانت تأتي قومها بطفل تحمله من غير اب او زواج معلن و لم يهتز ايمانها لمواجهة الكل فنرى وقوفها بثبات و شدة وعلى يدها المعجزة الالهية و المبشر بولادته وظهوره ذلك النبي الذي ينتظره الجميع في ذلك الزمان لم تخشى ان تقابلهم و تزلزل عروشهم و تكون هي الحاملة لخليفة الله الذي صدع بكلمات الله و عرفهم بنفسه وطهارة امه (قال اني عبد الله اتاني الكتاب و جعلني نبيا. و جعلني مباركا اين ما كنت و اوصاني باصلاة و الزكاة ما دمت حيا . و برا بوالدتي و لم يجعلني جبارا شقيا . و السلام علي يوم ولدت ويوم اموت و يوم ابعث حيا.)سورة مريم…

فكان ذلك الموقف ليس بشيء يسير لو لا تسليمها لامر الله لم تستطع ان تقوم بذلك الدور الرسالي فلم تتراجع و لم تبادر الى اخفاء هذا الطفل و لا الى ابعاده من التبرئة بل قبلت ورضيت و صبرت وتحملت في سبيل الله سبحانه كل التهم فكانت نعم السيدات الصابرات و اثبتت بكل ثقة و جدارة دورها لانها صدقت بكلمات الله و كانت انسانة موحدة في جميع تفاصيل حياتها فلم تستسلم مع انها امرأة و لم تضعف امام الناس وكما نعلم انها لم تواجه الطبقة الضعيفة او قليلة المعرفة بل كان تحديها لعلماء ذلك الزمان و انتصار دين الله على يد صاحبة المبدأ و المسلمة لامر الله ، ان من كان الله حسبه فسيكفيه وحده.

( واذ قالت الملائكة يا مريم ان الله اصطفك و طهرك و اصطفك على نساء العالمين ) الاية 42 سورة ال عمران

……………………………………………………………………………………………………………

( صحيفة الصراط المستقيم – العدد 32 – السنة الثانية – بتاريخ 1-3-2011 م – 25 ربيع الأول 1432 هـ.ق)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى