زاوية العقائد الدينية

من هم أهل البيت في آية التطهير ؟ الحلقة الأولى

من هم أهل البيت في آية التطهير ؟ الحلقة الأولى
من هم أهل البيت في آية التطهير ؟ الحلقة الأولى

الأهل في القرآن:

        جاء لفظ الأهل في معاني عديدة:

        أولاً: الزوجة: فقد جاء في القرآن الكريم آيات يراد من لفظ الأهل فيها الزوجة، منها:

    قال تعالى: ﴿ إِذْ رَأَى نَاراً فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى﴾.

    وقال تعالى: ﴿ إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَاراً سَآتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُم بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ ﴾.

 وقال تعالى: ﴿ فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَاراً قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ ﴾.

    فأهل موسى u المقصود منها زوجته التي كانت معه آتية من مدين وقاصدة معه مصر، ولم يكن يصحبه غيرها أحد.

وقال تعالى: ﴿ وَاسُتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءاً إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾.

    كما أنّ الأهل في هذه الآية المراد منها الزوجة، أي زوجة عزيز مصر.

        ثانياً: الأسرة: وقد جاء لفظ الأهل بمعنى الأسرة أي: الزوجين والأولاد والمتعلقين بالرجل، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا أَن جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ﴾.

﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى﴾، ﴿وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي﴾. 

    فالآية الأولى تشير إلى نجاة نبي الله لوط u من العقوبة التي حلت بقومه ، والذي نجى من العذاب هو لوط وابنتيه، وحتى امرأته لم تنجُ من العذاب، لأنها خالفت أمر زوجها النبي، ووقفت مع من خالفوه.

    فالقرآن يعبر عن ابنتي لوط وزوجته بلفظ الأهل، واستثنى من أهل لوط الذين سينالهم العذاب زوجته، فأطلق لفظ الأهل على البنتين الناجيتين مع أبيهما لوط u، وعلى زوجته التي لم تنجو من العذاب.

كما في الآية الثانية توجيه للمؤمنين بالاهتمام بأمر الصلاة وتوجيه الأهل لأداء هذه الفريضة الإلهية.

    والأخ باعتباره من الأقارب فيعد من الأهل كما في قول موسى بحق أخيه هارون عليهما السلام.

    فالآية الأولى والثانية جاء لفظ الأهل فيها بالمعنى العرفي المعروف وهو الذرية، كما في الآية الأولى، والأزواج والذرية معاً كما في الآية الثانية.

والأخ كما في الآية الثالثة. 

        ثالثاً: أسرة الرجل الذين متوافقين معه في المنهج الفكري، كما في قوله تعالى: ﴿ وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ﴾، فأهل نوح u ليس من عاشوا معه في بيته، بل الذين اندمجوا معه في مبدأه والمؤمنون برسالته السماوية، فلذا نهاه الله تعالى أن يعد ابنه من أهله فقال سبحانه: ﴿قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾.

رابعاً: مطلق الأقارب والعشيرة: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً ﴾.

 ﴿ قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ ﴾.

    فقد جاء في توضيح المراد من الأهل في الآيتين بأقارب الزوجين.

خامساً: أبناء الرجل فقط: قال تعالى في قصة نبيه أيوب u: ﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ﴾.

 ﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ ﴾.

فالأهل الذي آتاهم الله لنبيه أيوب بعد أن كشف الضر عنه هم أولاده.

سادساً: أصحاب الشيء: ﴿ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاّ بِأَهْلِهِ ﴾.

أي أصحابه، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾،أي أصحابها.

 وقال تعالى في قصة موسى مع العبد الصالح u وخرق العبد الصالح للسفينة، فقال موسى u: ﴿ قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً ﴾، أي أصحابها.

    ومن هنا يتضح أن لفظة الأهل في القرآن تطلق ويراد بها أكثر من معنى.

 فلقد جاءت لفظة الأهل في القرآن وأُريد منها عدة معاني تعرف من خلال تفسير الآيات ومن خلال السياق القرآني.

    ومن هنا يُعرف أنّ كلمة الأهل مطلقة لا بد من تخصيصها وتقييد إطلاقها من خلال قرينة ترافق الاستعمال، كأن يشير المتكلم إلى المقصود من كلامه، أو يبين للسامع المراد من لفظ الأهل في كلامه.

    ولهذا نجد الرسول  قد قيد كلمة أهل، لأنه يعلم مرونة هذه الكلمة وانطباقها على أكثر من مورد، وبسبب انطباقها على أكثر من مورد نشأت أقوال في تشخيص المراد من أهل البيت  في آية التطهير، وإليك هذه الأقوال:

        القول الأول: إنّ المراد بأهل البيت  في آية التطهير هم: بنو هاشم عشيرة النبي  جميعها. وهذا مختار الثعلبي، وقال به الحنفية من أهل السنة.

        القول الثاني: هم المؤمنون من بني هاشم وعبد المطلب دون غيرهم. وهو رأي الشافعية.

        القول الثالث: نساء النبي  فقط. وهو قول عكرمة مولى ابن عباس، ومقاتل وعروة ومن سار على نهجهم.

        القول الرابع: أهل البيت هم الرسول وعلي وفاطمة والحسن والحسين  ،مضافاً إلى أزواج النبي . واختار هذا القول الآلوسي في روح المعاني، وابن حجر العسقلاني.

        القول الخامس: المقصود بأهل البيت هم العباس ابن عبد المطلب وأبناؤه، وقد نسبوا حديثاً للرسول على غرار حديث الكساء.

                عن أبي أسيد الساعدي قال: قال رسول الله  للعباس بن عبد المطلب يا أبا الفضل لا ترم من منزلك أنت وبنوك غدا حتى آتيكم فان لي فيكم حاجة قال فانتظروه حتى جاء بعد ما أضحى النهار فدخل عليهم فقال السلام عليكم فقالوا وعليك السلام ورحمة الله وبركاته قال كيف أصبحتم قالوا بخير نحمد الله تعالى فكيف أصبحت بأبينا وأمنا أنت يا رسول الله قال أصبحت بخير أحمد الله تعالى فقال تقدموا تقاربوا يزحف بعضكم إلى بعض حتى إذا مكنوه اشتمل عليهم بملاءته ثم قال يا رب هذا عمى وصنو أبى وهؤلاء أهل بيتي فاسترهم من النار كستري إياهم بملاءتي هذه قال فأمنت أسكفة الباب وحوائط البيت فقالت آمين آمين آمين [ذخائر العقبى :ص 195].

        القول السادس: أهل البيت  هم رسول الله وعلى وفاطمة والحسنان .

وسيأتي تفصيله لاحقاً إن شاء الله..

(صحيفة الصراط المستقيم/عدد 2/سنة 2 في 03/08/2010 – 22 شعبان 1431هـ ق)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى