منذ أن انتهت الانتخابات التي كان عرابيها الأرجوزات الأربعة؛ سيستاني وفياض والباكستاني ومحمد سعيد، والمشهد السياسي العراقي يراوح في بقعة المطامع الدنيئة لرؤساء المافيات التي تُسمى أحزاباً سياسية.
فكل من هؤلاء الطواغيت يريد حيازة كرسي رئاسة الوزراء، دون أن يفكر ولو للحظة واحدة بالشعب المخدوع الذي تقطع أشلاءه يومياً المفخخات والأحزمة الناسفة، وتلهب ظهره سياط الفساد والفوضى المستشرية في كل مكان.
وإذا كان هذا الشعب وللأسف الشديد قد فرط بإرادته ورهن مصيره لسماسرة الدجل الديني، فإن هؤلاء بدورهم شرعوا برفع مناسيب استهتارهم بوعي هذا الشعب، وما عادوا يهتمون حتى بتوجيه كلمة فارغة واحدة تُشعره بأن المرارات، التي يتجرع غصصها ساعة إثر ساعة، قد عنت في خاطر أحدهم بصورة عابرة.
بل هذه الدمى المعممة التي يسمونها مراجع لم تعد تفكر بشيء آخر سوى مصيرها ومستقبلها المهدد بالخطر، لاسيما بعد أن أفرزت لعبة القمار التي يسمونها انتخابات نتائج أعادت لأذهانهم صور الخسة والذل التي عاشوها إبان حكم الطاغية صدام.
ففي سَوْرَةِ قلقهم المحموم من خطر البعثية القادم بقوة ارتضوا أن يكونوا أرجوزات يحركها حزب عمار الحكيم.. أرجوزات وظيفتها الضغط على المافيات الأخرى من أجل تحصيل مكاسب لم يحققوها في لعبة القمار الانتخابية. وهكذا بدأت الأرجوزات تكرر نعيب الغراب المتواصل المنادي بالإسراع بتشكيل الحكومة.
هذا النعيب الغرابي لا يمكن أن يُفسر في ظل الأجواء السياسية العراقية التي تصطرع فيها المافيات إلا بوصفه ورقة ضغط إضافية تمنح حزب السيستانية الذي يقوده عمار ثقلاً أكبر يمكنه من ممارسة سمسرته مع بقية المافيات.
وبكلمة أخرى لا يمكن أن نفهم نعيب الأرجوزات الأربعة على أنه دعوة صادقة لتدراك الوضع الشعبي العراقي الموشك على العطب، فالنعيب الغرابي الذي تعالى منذ أن انتهت لعبة القمار لم يأت بثمرة ما، ولم يجد أذناً تصغي له، وكان يجدر بهذه الأغربة أن تلجأ إلى وسيلة أخرى أكثر حزماً لو أنها حقاً حريصة على مصلحة الشعب الذي قامرت به، ولكن شيئاً من هذا لم يحدث.
إذن لا ينبغي لمغفل أن يعتقد بصدقية النداء الأرجوزي، ولابد لفهمه من وضعه في إطاره الحقيقي المتمثل بكونه تلويحة دمى سيستانية يمارسها عمار وعصابته لإشعار المافيات الأخرى بأن طريق حكم العراق سالك تماماً لمن يمنح حزب السيستانية دوراً في الحكومة، سبق أن خسرته في لعبة القمار.