عقائد الشيعة

حديث المهدي من ولد الإمام الحسن السبط عليه السلام

لم أجد ما يدل على أن المهدي الموعود المنتظر هو من ولد الإمام الحسن عليه السلام في كتب أهل السنة غير حديث واحد فقط،   وهو ما أخرجه أبو داود السجستاني في سننه ، وإليك نصه : قال : حدثت عن هارون بن المغيرة ، قال : حدثنا عمر بن أبي قيس     عن شعيب بن خالد ، عن أبي إسحاق ، قال : قال علي رضي الله عنه – ونظر إلى ابنه الحسن – فقال : ( إن ابني هذا سيد كما   سماه النبي صلى الله عليه وسلم ، وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم ، يشبهه في الخُلق ولا يشبهه في الخَلق ) . ثم ذكر   قصة : يملأ الأرض عدلا[1].

بطلان الحديث من سبعة وجوه:

من دراسة سند الحديث ومتنه ، ومقارنة ذلك بأحاديث كون المهدي من ولد الحسين عليه السلام ، يطمئن الباحث بوضعه ، وذلك   من سبعة وجوه وهي : الوجه الأول: اختلاف النقل عن أبي داود في هذا الحديث ،

فقد أورد الجزري الشافعي ( ت 833 ه‍ ) هذا   الحديث بسنده عن أبي داود نفسه وفيه اسم : ( الحسين ) مكان ( الحسن ) ، فقال : والأصح أنه من ذرية الحسين بن علي

لنص   أمير المؤمنين علي على ذلك ، فيما أخبرنا به شيخنا المسند رحلة زمانه عمر بن الحسن الرقي قراءة عليه ، قال : أنبأنا أبو   الحسن بن البخاري ، أنبأنا عمر بن محمد الدارقزي ، أنبأنا أبو البدر الكرخي ، أنبأنا أبو بكر الخطيب ، أنبأنا أبو عمر الهاشمي ، أنبأنا أبو علي اللؤلؤي ، أنبأنا أبو داود الحافظ قال : حدثت عن هارون بن المغيرة ، قال : حدثنا عمر بن أبي قيس ، عن شعيب بن خالد ، عن أبي إسحاق قال : قال علي عليه السلام – ونظر إلى ابنه الحسين – فقال : إن ابني هذا سيد كما سماه النبي صلى الله عليه وسلم ، وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم ، يشبهه في الخلق ، ولا يشبهه في الخلق . ثم ذكر قصة يملأ الأرض عدلا . هكذا رواه أبو داود في سننه وسكت عنه[2]. وأخرجه المقدسي الشافعي في عقد الدرر ص 45 من الباب الأول ، وفيه اسم : ( الحسن ) ، وأشار محققه في هامشه إلى نسخة باسم : ( الحسين ). وهذا الاختلاف ينفي الوثوق بترجيح أحد الاسمين ما لم يعتضد بدليل من خارج الحديث ، وهو مفقود في ترجيح ( الحسن ) ومتوفر في ( الحسين ) .

الوجه الثاني: سند الحديث منقطع لأن من رواه عن علي عليه السلام هو أبو إسحاق والمراد به السبيعي ، وهو ممن لم تثبت له رواية واحدة سماعا عن علي عليه السلام كما صرح بهذا المنذري في شرح هذا الحديث[3]، وقد كان عمره يوم شهادة أمير المؤمنين عليه السلام سبع سنين ، لأنه ولد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان في قول ابن حجر[4].

الوجه الثالث: إن سنده مجهول أيضا ، لأن أبا داود قال : ( حُدثت عن هارون بن المغيرة ) ولا يعلم من الذي حدثه ، ولا عبرة في الحديث المجهول اتفاقا .

الوجه الرابع: إن الحديث المذكور أخرجه أبو صالح السليلي – وهو من أعلام أهل السنة – بسنده عن الإمام موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد الصادق ، عن جده علي بن الحسين ، عن جده علي بن أبي طالب عليهم السلام ، وفيه اسم : ( الحسين ) لا : ( الحسن ) عليهما السلام[5].

الوجه الخامس: أنه معارض بأحاديث كثيرة من طرق أهل السنة تصرح بأن المهدي من ولد الإمام الحسين منها حديث حذيفة بن اليمان قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكرنا بما هو كائن ، ثم قال : لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد ، لطول الله عز وجل ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلا من ولدي ، اسمه اسمي . فقام سلمان الفارسي رضي الله عنه فقال : يا رسول الله ! من أي ولدك ؟ قال : من ولدي هذا ، وضرب بيده على الحسين[6].

الوجه السادس: احتمال التصحيف في الاسم من ( الحسين ) إلى ( الحسن ) في حديث أبي داود غير مستبعد بقرينة اختلاف النقل ، ومع عكس الاحتمال فإنه خبر واحد لا يقاوم المتواتر.

الوجه السابع: يحتمل قويا وضع الحديث لما فيه من العلل المتقدمة ، ويؤيد هذا الاحتمال أن الحسنيين وأتباعهم وأنصارهم زعموا مهدوية محمد بن عبد الله بن الحسن المثنى ابن الإمام الحسن السبط عليه السلام ، الذي قتل في زمن المنصور العباسي.


[1] – سنن أبي داود 4 : 108 4290 ، وأخرجه عنه في جامع الأصول 11 : 49 – 50 7814 ، وكنز العمال 13 : 647 37636 ، كما أخرجه نعيم بن حماد في كتاب الفتن 1 : 374 – 375 1113 .

[2] – أسمى المناقب في تهذيب أسنى المطالب الجزري الدمشقي الشافعي : 165 – 168 61 .

[3] – مختصر سنن أبي داود المنذري 6 : 162 4121 .

[4] – تهذيب التهذيب 8 : 56 100 .

[5] – التشريف بالمنن للسيد ابن طاووس : 285 413 ب 76 ، أخرجه عن فتن السليلي باختلاف يسير .

[6] – المنار المنيف لابن القيم : 148 329 فصل 50 ، عن الطبراني في الأوسط ، عقد الدرر : 45 من الباب الأول وفيه : ( أخرجه الحافظ أبو نعيم في صفة المهدي ) ، ذخائر العقبى المحب الطبري : 136 ، وفيه : ( فيحمل ما ورد مطلقا فيما تقدم على هذا المقيد ) ، فرائد السمطين 2 : 325 575 باب 61 ، القول المختصر لابن حجر : 7 37 باب 1 ، فرائد فوائد الفكر : 2 باب 1 ، السيرة الحلبية 1 : 193 ، ينابيع المودة 3 : 63 باب 94 ، وهناك أحاديث أخرى بهذا الخصوص في مقتل الإمام الحسين عليه السلام للخوارزمي الحنفي 1 : 196 ، وفرائد السمطين 2 : 310 – 315 الأحاديث 561 – 569 ، وينابيع المودة 3 : 170 212 باب 93 وباب 94 . ومن مصادر الشيعة أنظر : كشف الغمة 3 : 259 ، وكشف اليقين : 117 ، وإثبات الهداة 3 : 617 174 باب 32 ، وحلية الأبرار 2 : 701 54 باب 41 ، وغاية المرام : 694 17 باب 141 ، وفي منتخب الأثر الشئ الكثير من تلك الأحاديث المخرجة من طرق الفريقين ، فراجع .

………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………….

(صحيفة الصراط المستقيم- العدد 12- السنة الثانية- بتاريخ 12-10-2010 م – 26 شوال 1431 هـ.ق)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى