الإفتتاحية

الإمام ينتظرنا أم نحن ننتظره؟؟

486674_449718258454336_160296095_n

هل فكرنا ملياً، بل هل فكرنا أصلاً في خطأ العبارات التي أدمنّا على ترديدها من قبيل: (عجل الله فرجه)، (أيها الغائب انتظرناك طويلاً)، (الإمام غائب، ونحن ننتظر ظهوره)، وما شابه من عبارات تدل على أننا نحن من ينتظر الإمام المهدي عليه السلام، وليس هو من ينتظرنا!؟

ربما يكون شخص قد فكر، أو حتى شخصان، أو أكثر، غير أن الذي لا شك فيه هو أن شيوع هذه الثقافة التي تنسب الانتظار لنا دون الإمام المهدي عليه السلام، يدل حتماً على أن خطأ ثقافياً، ودينياً كبيراً يستوطن عقولنا!

أن نكون نحن من ينتظر الإمام عليه السلام، فيما هو غائب، يعني ببساطة أنه – وحاشاه – متقاعس عن أداء دوره، وإلا ما الذي يؤخره عنا؟

بطبيعة الحال سيجيب البعض قائلاً: ولكن قد ورد في الروايات تعبيرات دلت على أن الإمام سيغيب، أي إنها نسبت الغياب له عليه السلام، فكيف يكون هو من ينتظر، وهو الذي غاب عنا!؟

الجواب: إن ما ورد في الروايات من تعبيرات تدل على أن الإمام سيغيب، وأن له غيبتين، وما شاكل، لا تعني أن الله عز وجل قد خطط للغيبة دون أن يكون لموقف الناس من الإمام مدخلية في الأمر، بل يعني ببساطة أنه قد سبق في علم الله عز وجل أن الناس ستُعرض عن الإمام، أي إن الناس ستغيب عن الإمام، أي لا تعرف قدره، ولا تعطيه حقه من الطاعة، وبالنتيجة لا يكون لوجوده بينهم فائدة تُذكر، بل سيكونون مستحقين لغضب الله لأنهم أعرضوا عن حجته.

فغيبته عليه السلام من هذه الجهة رحمة بهم لأنها تمنع وقوع العذاب، كما إنها من جهة أخرى عقوبة إصلاحية لهم لأنهم بدون الإمام سيعانون حتماً من العنت والظلم، حتى يترشح من بينهم العدد الكافي (313) المؤهل لنصرة الإمام عليه السلام. إذن الغيبة التي ننسبها للإمام هي غيبتنا نحن في الحقيقة، فنحن الغائبون وهو الحاضر الذي يترقب أن يترشح عن الملايين التي تنتسب للإسلام والتشيع عدد قليل قوامه 313 شخصاً!

والحقيقة المُرّة هي أننا لسنا فقط لا ننتظر الإمام عليه السلام، بل لقد بلغ بنا الأمر – وأرجو أن ننتبه لهذا الحقيقة المؤلمة جداً – حدّ أن نقول بلسان الحال: “مات”، “هلك”، أي إننا في الحقيقة، لا نؤمن في أعماقنا أصلاً بالإمام المهدي عليه السلام!

أعلم إن هذه النتيجة الصادمة قد لا يرتضيها الكثيرون منكم، بل قد يسخطون عليها أشد السخط، ولكن صبراً ريثما يتوضح المعنى، وتتبين العلة التي من أجلها قلت ما قلت، فأكثر الحق فيما تنكرون، كما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام.

لنسأل أنفسنا هذا السؤال: ما الذي تعنيه الغيبة، هل تعني أن الإمام عليه السلام موجود، أم غير موجود، أي معدوم؟

طبعاً من يقول أنه عليه السلام غير موجود، أو معدوم فهو يعترف سلفاً، وبلسان المقال بالنتيجة التي قررناها أعلاه، أما من يقول أن الإمام عليه السلام موجود، فنقول له: إذا كنت تؤمن حقاً أنه عليه السلام موجود، وأنه إمامك وقدوتك، فلماذا تختار غيره حاكماً عليك، سواء في أمور الدين، أو الدنيا؟

ستقول – كما هو واقع الحال -: نعم هو موجود، وأنا أؤمن بذلك، ولكنه غائب، ولابد بالتالي من إمام، أو حاكم، أو أي شخص نرجع إليه في أمورنا الدينية والدنيوية معاً، وإلا ستعم الفوضى، وتضطرب أمور الدين والدنيا، ثم إننا لا نسمي ولا نعتبر الحاكم الذي اخترناه، أو الذي نرجع له إماماً، ولا خليفة!

أقول: هذه الإجابة تحديداً، وهي شائعة جداً في أوساطنا، تفترض المعنى المنحرف الذي سبقت الإشارة إليه، أي أنها تفترض سلفاً أن الإمام عليه السلام هو الغائب، ونحن من ينتظر لا هو!

إذ لو كنا نؤمن أن الإمام حاضر، وهو من ينتظر لكنّا بدلاً من البحث عن غيره، بحثنا عنه، بل وجدناه بالأحرى لأننا بمجرد التفاتنا له، وشعوره بأننا نريده حقاً، ولا نطلب غيره، سيكون قد سبقنا بمدّ يده الكريمة.

إذن في الحقيقة هذه الذريعة التي يتمسك بها البعض من كون الإمام غائباً، وبالتالي يمنح نفسه – أي هذا البعض – صلاحيات، وألقاباً، ليست، أي هذه الذريعة سوى إمعان في تغييب الإمام عليه السلام، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى