زاوية الأبحاث

فقهاء السوء والهداية للقائم الحلقة الرابعة

jesus Ahmad savior

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الأئمة والمهديين وسلم تسليماً
ومما يحسن التعرض إليه من مصائب فقهاء آخر الزمان هو تفرقتهم للأمة وجعلها أحزاب وطوائف يلعن ويعادي بعضها البعض الآخر، كما قال الله تعالى: { فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } غافر53،
{ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } غافر32، وهذا مما سينعكس سلباً على قضية الإمام المهدي (ع)، حيث كل طائفة تأمل أن يأتي الإمام المهدي (ع) عن طريق من يتبعوه لا غير، وبغض النظر عن أي شيء فإن الدين الإلهي لا يعترف بتعدد الحجج أي لا يمكن أن يكون للأمة أكثر من حجة في زمان واحد وخصوصاً بعد الرسول محمد (ص)، ففي زمن الغيبة الصغرى رغم تفرق الشيعة في البلاد المتباعدة لم يتخذ الإمام المهدي (ع) أكثر من سفير في زمن واحد، بل كان كل سفير ينص على من بعده عند وفاته، لان تعدد القيادة ينتج الاختلاف قطعاً لتفاوت العقول والأهواء والميول … الخ، قال تعالى: { لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ } الأنبياء22،  { مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ } المؤمنون91.
وقد جهد فقهاء آخر الزمان في إخفاء هذه الحقيقة عن الناس، ليسلم لكل منهم منصبه وأتباعه، ولفقدان القاعدة التي يستندون إليها في الولاية على الناس، أو قل لفشل واضطراب القاعدة التي يستندون إليها في ذلك، فأوهموا الأمة بأن تعدد الحجج في الغيبة الكبرى جائز، والخيار للفرد في انتقاء من يقلده ويتعبد بقوله ! وعلى هذا الحال افترقت الشيعة إلى طوائف ربما تصل إلى العشرات ! وكل منهم يرى مرجعه هو الحق والنائب عن المعصوم دون غيره !!
وهذا الاختلاف والتشرذم والتناحر بين الشيعة قد أخبر عنه أهل البيت (ع) وانه من علائم قيام الإمام المهدي (ع):
روي انه ذكر عند أبي عبد الله (ع) القائم (ع) فقال: ( أنى يكون ذلك ولم يستدر الفلك حتى يقال: مات أو هلك، في أي واد سلك ؟ فقلت: وما استدارة الفلك ؟ فقال: اختلاف الشيعة بينهم ) الغيبة للنعماني ص159.
وعن عميرة بنت نفيل، قالت: ( سمعت الحسين بن علي ( عليهما السلام ) يقول: لا يكون الأمر الذي تنتظرونه حتى يبرأ بعضكم من بعض، ويتفل بعضكم في وجوه بعض، ويشهد بعضكم على بعض بالكفر، ويلعن بعضكم بعضاً. فقلت له: ما في ذلك الزمان من خير ؟ فقال الحسين ( عليه السلام ): الخير كله في ذلك الزمان، يقوم قائمنا ويدفع ذلك كله ) الغيبة للنعماني ص 213 – 214.
وعن أبي عبد الله ( عليه السلام )، أنه قال: ( لا يكون ذلك الأمر حتى يتفل بعضكم في وجوه بعض، وحتى يلعن بعضكم بعضاً، وحتى يسمي بعضكم بعضاً كذابين ) الغيبة للنعماني ص 213 – 214.
إذن فالشيعة على أتعس الأحوال قبل قيام الإمام المهدي (ع) والسبب الرئيس في ذلك هم فقهاء آخر الزمان وحبهم للترؤس والجاه والأتباع … الخ، والواقع الآن هو كما اخبر عنه أهل البيت (ع) ولا ينكره إلا معاند لا يحسن مكالمته.
بقي شيء لابد من الوقوف عنده، وهو انه لابد للفطن أن يسأل ويقول: إن كانت الغربلة التي تسبق قيام الإمام المهدي (ع) هكذا عصيبة وشديدة ولا يمكن الاعتماد في ذلك حتى على الفقهاء أو أن الاعتماد عليهم هو مما سيؤدي إلى الفشل في معرفته (ع)، فما هو الحل وهل هناك من قانون الهي يمكن معرفة الحجة به في كل زمان ؟
أقول: الكلام في هذا الموضوع طويل جداً ويحتاج إلى مقدمة عريضة، ولكني سأختصر الموضوع جداً وأحيل التفصيل الى كتاب ( إضاءات من دعوات المرسلين ج3 قسم 2 ) للسيد أحمد الحسن، فقد بين السيد أحمد الحسن أن قانون معرفة الحجة يعتمد على ثلاث دعائم أساسية ( النص أو الوصية والاعلمية والأمر بوجوب طاعة الحجة )، ونظراً لضيق المقام فسأتعرض إلى أهم هذه الأمور الثلاثة بنظري وهي ( الوصية ) وقد يكون الشرطان الآخران تابعان لها.
فإن مسألة الحجة على الخلق لم يوكلها الله تعالى إلى خلقه أبداً لا إلى ملك مقرب ولا إلى نبي مرسل فضلاً عن غيرهم، ففي أول خلق البشر قال الله تعالى: { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } البقرة30، وخفيت الحكمة من هذا الاختيار حتى على الملائكة، وهكذا استمر اختيار الأوصياء والأئمة من بعد آدم (ع) من الله تعالى بوصية يوصي بها السابق إلى اللاحق حتى وصلت للرسول محمد (ص)، والرسول محمد (ص) نص على أوصياءه من بعده إلى يوم القيامة في الليلة التي كانت فيها وفاته (ص) وبقيت هذه الوصية هي الدليل الرئيسي على إمامة الأئمة وخلافتهم للرسول محمد (ص).
وهذه الوصية هي التي وصفها الرسول محمد (ص) بقوله: ( هلم أكتب لكم كتابا لن تظلوا بعده )، كما في رواية ابن عباس وهي مذكورة في مصادر الفريقين ( الشيعة وأبناء العامة ):
عن ابن عباس قال: ( لما حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم الوفاة قال: ( هلم أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده ). وفى البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب فقال عمر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غلبه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله. قال: فاختلف أهل البيت فاختصموا فمنهم من يقول: يكتب لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال قربوا يكتب لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومنهم من يقول: ما قال عمر. …. إلى ان قال: فكان ابن عباس يقول إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم ) مسند احمد – احمد بن حنبل ج 1 ص 324 – 325 / وفي البحار ج 22 ص 474 ، بتفاوت يسير.
وبعد ذلك كتبها الرسول محمد (ص) لعلي بن أبي طالب واشهد عليها سلمان الفارسي وأبا ذر الغفاري، كما روي ذلك عن سليم بن قيس الهلالي:
عن سليم بن قيس الهلالي: قال الإمام علي (ع) لطلحة: ( ألست قد شهدت رسول الله (ص) حين دعا بالكتف ليكتب فيها مالا تضل الأمة ولا تختلف، فقال صاحبك ما قال: ( إن نبي الله يهجر) فغضب رسول الله (ص) ثم تركها  قال: بلى قد شهدت ذلك. قال: فإنكم لما خرجتم اخبرني بذلك رسول الله (ص) بالذي أراد أن يكتب فيها وأن يشهد عليها العامة  فأخبره جبرئيل: ( إن الله عز وجل قد علم من الأمة الاختلاف والفرقة ) ثم دعا بصحيفة فأملى عليّ ما أراد أن يكتب في الكتف وأشهد على ذلك ثلاث رهط: سلمان وأبا ذر والمقداد  وسمى من يكون من  أئمة الهدى الذين أمر الله بطاعتهم إلى يوم القيامة. فسماني أولهم ثم ابني هذا ـ وأدنى بيده إلى الحسن ـ ثم الحسين ثم تسعة من ولد ابني هذا ـ يعني الحسين- كذلك كان يا أبا ذر وأنت يا مقداد فقاموا وقالوا: نشهد بذلك على رسول الله (ص) …) كتاب سليم بن قيس 211 (تحقيق الأنصاري ) / غيبة النعماني ص 81 .   
وقد أكد الأئمة (ع) على أن الإمامة ليست باختيارهم وأنها عهد معهود من رسول الله (ص) عن الله تعالى:
عن أبي عبد الله (ع) قال: (( أترون الموصي منّا يوصي إلى من يريد ! لا والله ولكن عهد من الله ورسوله (ع) لرجل فرجل حتى ينتهي الأمر إلى صاحبه )) الكافي 1/307.
إذن فالأئمة (ع) يعرفون بالوصية وهي الوصية التي أوصى بها رسول الله (ص) في ليلة وفاته، هذه الوصية التي أوجبها الله على كل مؤمن عندما تحضره الوفاة، قال تعالى: { كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ } البقرة 180.
ونجد أن الأئمة (ع) قد أكدوا في أكثر من حديث على أهمية هذا الدليل ( الوصية ):
عن الحرث بن المغيرة قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام: بِمَ يُعرف صاحب هذا الأمر ؟ قال: ( بالسكينة والوقار والعلم والوصية ) بصائر الدرجات للصفار ص 509.
وقيل لأبي عبد الله عليه السلام  بأي شيء يعرف الإمام  قال: ( بالوصية الظاهرة وبالفضل إن الإمام لا يستطيع أحد أن يطعن عليه في فم ولا بطن ولا فرج  فيقال: كذاب ويأكل أموال الناس  وما أشبه ذلك ) الكافي –  1 / 284.
ومن كلام للإمام علي (ع) مع أحد اليهود قال له: (…هذه الحالة – يا أخا اليهود – ثم طلبت حقي لكنت أولى ممن طلبه لعلم من مضى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ومن بحضرتك منه بأني كنت أكثر عدداً وأعز عشيرة وأمنع رجالاً وأطوع أمراً وأوضح حجة وأكثر في هذا الدين مناقب وآثاراً لسوابقي وقرابتي ووراثتي فضلاً عن استحقاقي ذلك بالوصية التي لا مخرج للعباد منها والبيعة المتقدمة في أعناقهم ممن تناولها … ) الخصال ص 374.
وعن معاوية بن وهب قال استأذنت على أبي عبد الله عليه السلام فأذن لي فسمعته يقول في كلام له: ( يا من خصنا بالوصية وأعطانا علم ما مضى وعلم ما بقى وجعل أفئدة من الناس تهوى إلينا وجعلنا ورثة الأنبياء ). بصائر الدرجات- محمد بن الحسن الصفار ص 149.
فمن أهم الدلائل التي يعرف بها الإمام المهدي (ع) هي ( وصية رسول الله – ص – ) وقد ذكر ذلك في رايات أهل البيت (ع) بالخصوص:
عن الإمام الصادق (ع) في حديث قال : ( … فيبايعونه بين الركن والمقام ومعه عهد من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قد توارثته الأبناء عن الآباء… ) غيبة النعماني ص282.
وعن جابر الجعفي، عن أبي جعفر عليه السلام يقول: ( … ثم يخرج من مكة هو ومن معه الثلاثمائة وبضعة عشر يبايعونه بين الركن والمقام، معه عهد نبي الله صلى الله عليه وآله ورايته، وسلاحه، ووزيره معه، فينادي المنادي بمكة باسمه وأمره من السماء، حتى يسمعه أهل الأرض كلهم اسمه اسم نبي ما أشكل عليكم فلم يشكل عليكم عهد نبي الله صلى الله عليه وآله ورايته وسلاحه …. ) بحار الأنوار ج 52 ص 222 – 224.
ووصية رسول الله (ص) التي أملاها لعلي (ع) ليلة وفاته هي واحدة وقد نص فيها الرسول محمد (ص) على أوصياءه من بعده إلى يوم القيامة، وقد نقلها الشيخ الطوسي في كتابه ( الغيبة )، وسأذكرها باختصار:
… عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عن أبيه الباقر عن أبيه ذي الثفنات سيد العابدين عن أبيه الحسين الزكي الشهيد عن أبيه أمير المؤمنين عليهم السلام قال : (( قال رسول الله (ص) في الليلة التي كانت فيها وفاته لعلي (ع) يا أبا الحسن أحضر صحيفة ودواة  فأملا رسول الله (ع) وصيته حتى انتهى إلى هذا الموضع فقال : يا علي انه سيكون بعدي اثنا عشر إماماً ومن بعدهم اثنا عشر مهدياً  فأنت يا علي أول الأثني عشر إمام … إلى أن قال: فإذا حضرتك الوفاة فسلّمها إلى ابني الحسن البر الوصول  فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابني الحسين الشهيد الزكي المقتول فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه سيد العابدين ذي الثفنات علي  فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه محمد الباقر  فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه جعفر الصادق فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه موسى الكاظم فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه علي الرضا فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه محمد الثقة التقي فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه علي الناصح  فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه الحسن الفاضل فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه محمد المستحفظ من آل محمد  فذلك اثنا عشر إماماً ثم يكون من بعده اثنا عشر مهدياً فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه أول المقربين (المهديين) له ثلاثة أسامي أسم كاسمي وأسم أبي وهو عبد الله وأحمد والاسم الثالث المهدي وهو أول المؤمنين )) الغيبة الطوسي ص107- 108.
ولعل قائل يقول: كيف يمكن للناس أن تتأكد من الشخص الذي يحتج بالوصية بأنه هو الإمام المهدي (ع) فعلاً وليس أحداً غيره اسمه محمد أيضاً ؟ فنحن لم نعاصر الإمام الحسن العسكري (ع) حتى نتأكد بأن محمد هذا هو نفسه ابن الحسن العسكري (ع)، فقد يكون شخص غيره تقمص هذه الوصية ليخدع الناس بها، وان الإمام المهدي (ع) ليس الآن محل قيامه المقدس ؟
أقول: حاشا لله سبحانه وتعالى أن يجعل دليلاً معيناً على الإمامة ثم يجعله عرضة للتقمص لمن هب ودب، فالدليل إذا كان كذلك لا يسمى دليلاً أصلاً، بل مضلاً، فلا بد أن الله تعالى يحفظ هذه الوصية عن الانتحال ويحول بينها وبين الكاذبين والمنافقين بقدرته وحكمته تعالى، فرغم وجود من ادعى الإمامة كذباً وزوراً، إلا إننا لم نجد أحداً ادعى انه منصوص عليه بوصية الرسول محمد (ص)، وهذا بحد ذاته دليلاً على أن الله حافظ لهذه الوصية من هكذا أمور، فهي لا يدعيها غير صاحبها أبداً، وذكر تميم بن بهلول كلاماً في ذلك عن عبد الله بن أبي الهذيل وقال انه رواه أيضاً عن الأعمش عن الصادق (ع)، وهو :
عن تميم بن بهلول عبد الله بن أبي الهذيل  عندما سُُئل عن الإمامة  كلاماً طويلاً في وصف الأئمة (ع) منه : (( … وهم عترة الرسول عليه وعليهم السلام المعروفون بالوصية والإمامة لا تخلو الأرض من حجة منهم في كل عصر وزمان وفي كل وقت وأوان … )) . ثم قال تميم بن بهلول حدثني أبو معاوية عن الأعمش عن جعفر بن محمد عليهما السلام في الإمامة مثله سواء. عيون أخبار الرضا 1 / 57-59.
ولذلك نجد الإمام الجواد (ع) يقول في حديث طويل:
( … وإن كان رسول الله (ص) لم يستخلف في علمه أحداً فقد ضيّع من في أصلاب الرجال ممن يكون بعده … ).
وربما هناك من لا يقنع بهكذا كلام، فأقول له هذا هو استدلال الإمام الرضا (ع) على أهل الكتاب في صفة الرسول محمد (ص) في كتبهم، واليكم المناظرة مختصرة:
( … فلما سمع الجاثليق ورأس الجالوت ذلك علما أن الرضا عليه السلام عالم بالتوراة والإنجيل فقالا: والله قد أتى بما لا يمكننا رده ولا دفعه إلا بجحود التوراة والإنجيل والزبور، ولقد بشر به موسى وعيسى جميعا ولكن لم يتقرر عندنا بالصحة أنه محمد هذا، فأما اسمه فمحمد فلا يجوز لنا أن نقر لكم بنبوته، ونحن شاكون أنه محمدكم أو غيره، فقال الرضا عليه السلام: احتججتم بالشك فهل بعث الله قبل أو بعد من ولد آدم إلى يومنا هذا نبيا اسمه محمد ؟ أو تجدونه في شيء من الكتب الذي أنزلها الله على جميع الأنبياء غير محمد ؟ فأحجموا عن جوابه، وقالوا: لا يجوز لنا أن نقر لك بأن محمدا هو محمدكم لأنا إن أقررنا لك بمحمد ووصيه وابنته وابنيها على ما ذكرتم أدخلتمونا في الإسلام كرها.
فقال الرضا عليه السلام أنت يا جاثليق آمن في ذمة الله وذمة رسوله أنه لا يبدؤك منا شيء تكره مما تخافه وتحذره، قال: أما إذ قد آمنتني فان هذا النبي الذي اسمه محمد وهذا الوصي الذي اسمه علي وهذه البنت التي اسمها فاطمة، وهذان السبطان اللذان اسمهما الحسن والحسين في التوراة والإنجيل والزبور ( قال الرضا عليه السلام: فهذا الذي ذكرته في التوراة والإنجيل والزبور ) من اسم هذا النبي وهذا الوصي وهذه البنت وهذين السبطين، صدق وعدل أم كذب وزور ؟ قال: بل صدق وعدل، ما قال إلا الحق …. ) بحار الأنوار ج 49 ص 76 – 77.
وعن الإمام أبو محمد العسكري – عليه السلام – : في قوله تعالى { ولا تلبسوا الحق بالباطل } الآية ، قال – عليه السلام – : ( خاطب الله تعالى بها قوما [ من ] اليهود لبسوا الحق بالباطل بأن زعموا أن محمدا – صلى الله عليه وآله – نبي ، وأن عليا وصي ، ولكنهما يأتيان بعد وقتنا هذا بخمسمائة سنة ) مدينة المعاجز للسيد هاشم البحراني ج 1 ص 478.
وقال تعالى : ((الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيل )) ِ
ومن أراد التفصيل حول الاستدلال بالوصية على حجج الله تعالى من آدم (ع) والى يوم القيامة، فليراجع كتاب ( الوصية والوصي ) وهو أحد إصدارات أنصار الإمام المهدي (ع).
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الأئمة والمهديين، ولعنة الله على مخربي شريعتهم إلى يوم الدين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى