أخبار سياسية منوعة

إنشغالات الفراغ المرجعي

العراق بلد محتل ذليل . على خلفية هذه الحقيقة البسيطة ، التي يراد لها – للأسف الشديد – أن تكون معقدة وقابلة لمزيد من التحليل والجدل ، يبدو السؤال عن دور المرجعيات الدينية ( المرجعيات الثقافية خيار مؤجل )

التي ما انفك أتباعها المستحمرون يديمون النفخ في جرابها المثقوب ، ضرورياً وملحاً للغاية .
قد يحاول بعض النفعيين والمغرضين – وهو أمر متوقع تماماً – نقل الصراع مع المرجعيات العميلة الخائنة ( بكل ما تحمله الكلمة من معنى ) الى مساحة تفقده شرف الخصومة ، أو تموضعه في خانة الإحن التاريخية ، أو تخرجه بصورة الصراع التقليدي مع العدو القديم نفسه .
كل هذا لا ينبغي أن يصرفنا عن الهدف الحقيقي ، فإن أقصى ما يتمناه العدو هو أن يجرنا الى ميدان اللعبة التي يتقنها ، فنكون نحن أيتام النظام السابق ويكون هو البطل المخلص والمحامي عن الضحية . إن نصوصاً تنحو منحى خلقياً قد لا نقبله كثقافة تشكل وعي الأجيال التي نتطلع إليها لا ينبغي الآن أن نخطئ في تحليل أسبابها ودوافعها الحقيقية . من جهتي أرى أقسى عبارات الشتم وأكثرها نبواً قليلة بحق هؤلاء الأراذل الذين استخفوا شعبنا وأوردوه آجناً من بعد عذب ، أما المسؤولية الخلقية فيتحملها بالدرجة الأساس المعممون الأراذل حتماً ، فهم وحدهم المسوؤلون حقاً عن كل السقوط القيمي الذي بدأ يستشري في أوساط شعبنا ؛ مثقفيه وبسطائه ، بعد أن لوثوا بقذاراتهم أشرف الرموز وأكثرها قدسية .
إن حملات كثيرة ستشن على ( كتابات ) ، و( البديل ) وغيرها من الصحف المتحررة ، ومن يدري لعل الضغوطات تصل حدوداً خطيرة ، كل ذلك من أجل أن يبلغ العدو غاية يهمه جداً بلوغها وهي أن يزرع في قناعة ( كتابات ) وكتابها فكرة أن الأمر قد خرج عن حده ، وأن ضرورات تستدعي المراجعة ، وهي فكرة آسف أن أقول إن بعض الكتاب بدأ بترديدها بسذاجة ربما .
لا أريد الخوض في هذا الجانب السلبي بأكثر مما فعلت لحد الآن ، لذا سأقفز الى موضوعي مباشرة على طريقة ( دع ذا ) المعروفة في الشعر الجاهلي  .    
الحديث عن دور المرجعيات يجد مسوغاته في الثقل الفكري الذي تتمتع به هذه المرجعيات في وعي الجماهير ، وهو ثقل يتجاوز حدود التأريخي والحركي ليتعمق بعيداً في المطلق والمخزون ، لاسيما إذا ما تحدثنا عن نمط من الشعوب كالشعب العراقي .
من هنا يبدو دور المرجعيات قدر أو قل مسؤولية لا يسع الشخوص المتلبسين بها التغاضي عنها أو التفريط بها ، هؤلاء الشخوص بتعبير آخر هم من وضع نفسه رهن المسؤولية ، وبالنتيجة لابد أن يكون متوقعاً وطبيعياً جداً بالنسبة لهم أو بالنسبة لأتباعهم أن يتعرضوا لنقود تنطلق من الوظيفة التي ينبغي لهم النهوض بها لتحاكم واقعهم الفعلي .
إن من المؤلم حقاً أن نجد البون شاسعاً جداً بين ما ينبغي أن يكون وما هو متحقق فعلياً في سلوك المرجعيات الدينية العراقية ، فالسيستاني الذي يتربع على الكرسي الأعلى لمؤسسة المرجعية يتدثر بالصمت الثقيل ، كليل الشتاء ، ويجد متسعاً من الوقت للنوم اللذيذ ، وكأن الجنة قد أزلفت ، والإحتلال وهم في مخيلة البائسين أمثالي .
والأنكى من كل ذلك إن هذا الصنم الأبكم ترك الحبل على غاربه لحثالات المجلس الأعمى ، فصاروا يحركونه كالدمية من خلال ولده ( المرجع الحقيقي ) محمد رضا ، ولعل الجميع قد لاحظ أن كل ما يصدر عن السيستاني يخرج ممهوراً بختم مكتبه وهذا يعني ولده محمد رضا .
إن العنوان الأبرز في مشهد التحرك السياسي للمرجعيات ( الأساسية منها أو الثانوية ) يتمثل بالقبول بلعبة المحتل السياسية وكل ما يقال غير هذا لا يعدو عن كونه إما زوبعة غبار للتعمية على عيون الأتباع المستحمرين وإما مماحكات سياسية تدور في إطار اللعبة السياسية نفسها ، فلا المسيرات المليونية ولا المطالبات بجدولة انسحاب القوات الصديقة ( أ ليس كذلك ) يراد منها التأسيس لثقافة رافضة مقاومة .. كلها غبار يذره مسوخ الحوزة في أعين وعي الناس .
إن كلمة واحدة لابد أن تقال ، والتأريخ الإنساني الذي عرف الإحتلال والمقاومة كله شاهد وبرهان ، وهذه الكلمة هي : أيها الشعب هيئ بندقية الجهاد لطرد المحتل . هذه الكلمة ما لم تنطق بها شفاه المراجع المرتعشة جبناً وخوراً – ولن لن لن تنطق بها : أ بعد التي واللتيا – فلن نكف عنهم .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى