زاوية الدعوة اليمانيةعقائد الشيعة

الصيحة ماهيتها وحقيقتها ومفهومها وعلاقتها بالرؤيا

قال الله تعالى في كتابه الكريم (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ) (الشعراء:4)

وقال الله تعالى في كتابه الكريم (وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ * يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ)

(ق :41-42) .

بعد أن حصحص الحق وانجلت الغبرة وبان النور وتمت الحجة البالغة على كل من ينكر حقيقة الرؤيا وحجية الصادق منها ، وبعد أن زال الغموض واللبس الذي لف قضية الرؤيا طيلة سنين آن الأوان لإحياء سنة محمد واله (ص) ولو كره الكافرون وهاهي الرؤيا تعيد الحياة إلى القلوب الميتة إيذاناً لظهور نور الله في خلقه وما هذه الرؤى التي رأها الانصار و يراها الناس هذه الأيام إلا مقدمة للصيحة الكبرى أو الفزعة أو النداء التي ورد الكلام عنها في الكتاب والروايات بشكل لا يحتمل الشك بل مقطوع بصحته وتعتبر الصيحة من الروايات من العلامات الحتمية .

أما ماهية وحقيقة الصيحة ومفهومها

فقد بين السيد احمد الحسن وصي ورسول الأمام المهدي واليماني الموعود(ع) هذا الأمربأوضح بيان وطرح طرحاً للصيحة لم يسبقه له أحد وهو كون الصيحة في عالم الرؤيا و الكشف (وهو رؤيا أثناء اليقظة )وأشكل على الطرح الخاطئ للصيحة بين الناس والعلماء على حد سواء ويثبت فيها الرؤيا وقبل أن نبدأ نورد هذه الرواية المنتقاة من بين روايات الصيحة الكثيرة جداً للاستفادة من مضامينها أثناء الطرح:-

  • عن أبي عبد الله (ع) وهو يفسر قول الله تعالى (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ) (الشعراء:4) فلا يبقى في الأرض يوم أذن أحد إلا وخضع وذلت رقبته لها فيؤمن أهل الأرض إذا سمعوا الصوت من السماء ألا إن الحق في علي ابن أبي طالب وشيعته ، قال فإذا كان من الغد صعد إبليس في الهواء حتى يتوارى عن أهل الأرض ثم ينادي ألا إن الحق في عثمان وشيعته فانه قتل مظلوماً فاطلبوا بدمه ، قال فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت على الحق وهو النداء الأول ويرتاب يومئذ الذين في قلوبهم مرض والمرض والله عداوتنا ، عند ذلك يتبرءون منا ويتناولونا فيقولون إن المنادي الأول سحر من سحر أهل هذا البيت ثم تلى أبو عبد الله(ع) قول الله عزوجل (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ) (الشعراء:4) . غيبة النعماني ص262.

وهذه تسع نقاط انقلها عن أحد الاخوه الانصارعندما سأل السيد احمد الحسن(ع) عن الصيحة فأجاب:-

1- كما هو واضح في الروايات إن جبرائيل (ع) يصيح في السماء يعني في الملكوت وان إبليس اللعين يصيح من الأرض أي في عالم المادة ولو كانت صيحة جبرائيل في سماء هذه الأرض لكان كلا الصيحتين من الأرض وفي الهواء.

2-الصيحة لجبرائيل (ع) ، وجبرائيل ملك فصيحته في عالمه وهو عالم الملكوت ، يصيح بملك الرؤيا وملك الرؤيا يصيح بملائكة الرؤيا التابعين له والذين يأتمرون بأمره ويرون الناس الرؤى وكذلك يصيح جبرائيل في السماء فيسمع الأرواح .

3- صيحة جبرائيل لما ضرب ابن مُلجَم الإمام علي (ع) لم يسمعها كل الناس ولو سمعها كل الناس لنقلها جميعهم فلو كانت في هذا العالم المادي لسمعها كل الناس فما المانع لسماعهم لها لو كانت في هذا العالم وهذه الصيحة نظير صيحة جبرائيل في زمن الظهور الموعود . انتهى كلام السيد أحمد الحسن (ع)

أقول : (إن الناس لو سمعوا الصوت على سبيل الإعجاز المادي لعرفوا وتيقنوا أن طريق الإمام علي (ع) هو طريق الحق ولكان أحرى بهم نصرة ولده من بعده لا خذلانهم وقتلهم وهذا يعني إن الصيحة بلغت المؤمنين فقط وهم قلة ولو شاء الله أن يجعلها عامة لكل الناس أو لأغلبهم لفعل ولكنه ادخرها لوعده ولنصرة قائم آل محمد (ع) بدليل الرواية الآنفة الذكر )

4-عن أمير المؤمنين (ع) قال ( صيحة في شهر رمضان تفزع اليقظان وتوقظ النائم وتخرج الفتاة من خدرها ) غيبة النعماني ص259.

ورد هذا المضمون في كثير من الروايات والذي يوقظ النائم هي الرؤيا فعندما يرى الإنسان رؤيا في كثير من الأوقات يستيقظ بعد الرؤيا .انتهى كلام السيد أحمد الحسن(ع).

أقول : بأنه لا إشكال بالنسبة لليقظان فان الكشف الذي يراه هو بمثابة الصدمة التي تفزع اليقظان الذي لم يعهد ذلك من قبل وكذلك الفتاة التي تخرج من خدرها والله اعلم .

5- الرؤى يفهمها ويسمعها أهل كل  لغة بلغتهم والرؤيا يفهمها العربي والعجمي والسرياني وأهل كل لغة بلغتهم لأنها صور ورموز ثابتة عند الجميع ويفهمها الجميع ، فهي مطابقة للصيحة التي يسمعها أهل كل لغة بلغتهم .

6- الحديث الوارد عن الحضرمي قال دخلت أنا وأبان على أبي عبد الله (ع) وذلك حين ظهرت الرايات السود بخراسان وقلنا ما ترى فقال اجلسوا في بيوتكم فإذا رأيتمونا اجتمعنا على رجل فانهدوا إلينا بالسلاح ) غيبة النعماني 197.

ومعنى هذه الرواية لا يحتاج إلى كثير من التفكر وهو اجتماع أهل البيت في عالم الرؤيا لتأييد رجل وحث الناس على نصره .انتهى كلام السيد احمد الحسن (ع).

أقول : إن اجتماعهم على رجل بأجمعهم لا يكون إلا بعد شهادتهم عليهم السلام لسببين الأول انهم لم يجتمعوا في زمن واحد والثاني هو نصرته بالسلاح وهو لا يكون إلا مع القائم أو من يمثله فلا يكون اجتماعهم إلا بالرؤيا أما ما أوله بعضهم بان السادة الهاشميين هم الذين يجتمعون عليه فأنه يضحك الثكلى كيف وقد أعلن كثير منهم العداء لأهل البيت (ع) .وهذا الشيخ الكوراني عندما سأله أحدهم في قناة سحر الفضائية عن هذه الرواية ((عن أبي بكر الحضرمي قال دخلت أنا و أبان على أبي عبد الله ع و ذلك حين ظهرت الرايات السود بخراسان فقلنا ما ترى فقال اجلسوا في بيوتكم فإذا رأيتمونا قد اجتمعنا على رجل فانهدوا إلينا بالسلاح )) وقال ذلك الشخص نحن نعلم إن الذي يقوم بالسيف هو الإمام أو من يمثله مباشرة ، والأئمة إلى الحسن العسكري (ع)  كلهم متوفى في زمن الظهور فالظاهر انه لا يكون اجتماعهم على صاحب الحق إلا بالرؤيا فهل هذه الرؤى التي يراها كثير من الناس بالرسول والزهراء والأئمة (ع) ويقولون (ع) فيها إن احمد الحسن حق  تمثل اجتماعهم (ع) على صاحب الحق وبالتالي يجب نصرة احمد الحسن  فأجاب الشيخ علي الكوراني إن اجتماعهم أي اجتماع بني فاطمة وهم السادة الهاشميين سبحان الله وكأن الشيخ الكوراني لا يعلم إن كثير من السادة الهاشميين لا ينصرون الإمام (ع) كما نصت روايات على ذلك وهذا مثال منها فقط : عن أبي خالد الكابلي قال لما مضى علي بن الحسين (ع) دخلت على محمد بن علي الباقر (ع) ( فقلت له : جعلت فداك قد عرفت انقطاعي إلى أبيك و أنسي به و وحشتي من الناس . قال : صدقت يا أبا خالد فتريد ما ذا . قلت : جعلت فداك لقد وصف لي أبوك صاحب هذا الأمر بصفة لو رأيته في بعض الطريق لأخذت بيده . قال : فتريد ماذا يا أبا خالد . قلت : أريد أن تسميه لي حتى أعرفه باسمه . فقال سألتني و الله يا أبا خالد عن سؤال مجهد ، ولقد سألتني عن أمر ما كنت محدثا به أحدا و لو كنت محدثا به أحدا لحدثتك ، و لقد سألتني عن أمر لو أن بني فاطمة عرفوه حرصوا على أن يقطعوه بضعة بضعة ) الغيبة للنعماني ص 289.

7- عن البيزنطي قال سالت الرضا (ع) عن مسالة الرؤيا فامسك ثم قال (ع) (إنا لو أعطيناكم ما تريدون لكان شراً لكم واخذ برقبة صاحب هذا الأمر (ع)).قرب الإسناد ص380.

فالسائل سئل عن مسألة تخص الرؤيا والإمام ربط الرؤيا برقبة صاحب الأمر فتبين أن هناك ارتباط وثيق بين الرؤيا والإمام (ع) وكأنها علامة حتمية من علامات ظهوره مرتبطة بقضيته (ع) فلا يناسبها إلا صيحة جبرائيل لأنها من عالمه .انتهى كلام السيد أحمد الحسن(ع) .

8- عن الإمام الصادق (ع) قال (رأي ورؤيا المؤمن في آخر الزمان على سبعين جزء من أجزاء النبوة ) دار السلام ج1 ص18 .

وورد عنهم (ع) إن في آخر الزمان تكاد الرؤيا لا تكذب فالأنسب أن تكون صيحة جبرائيل في عالمه وهو عالم الملكوت ، فالصيحة في عالم الملكوت تصل للإنسان بالرؤيا التي لا تكذب في آخر الزمان وبالكشف انتهى كلام السيد احمد الحسن.

أقول : أي وصول الصيحة عن طريق الرؤيا في آخر الزمان ادعى للتصديق واكثر بالوثاقة من غيرها .

9- لو كانت الصيحة في هذا العالم المادي من سنخه وماديته فما هو المائز بينهما وبين صيحة إبليس (لع) ، هل هو الصوت ؟ وهل سمع الناس صوت جبرائيل وصوت إبليس (لع) لكي يفرقوا بينهما ؟ بلى إذا كانت صيحة جبرائيل في السماء أي في ملكوت السماوات استطاع المؤمنون تميزها لان الملكوت بيد الله (فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (يّـس:83) انتهى كلام السيد احمد الحسن(ع).

أقول : أي لا يمكن تحقق مطلب التمييز بين النداءين الذي ورد في الروايات كون الأول من السماء والثاني من الأرض إلا باعتبار الأول في السماء الملكوتية لا في السماء الدنيا وإلا فانهما ستكونان في نفس السماء وهذا محال لاستحالة التمييز بينهما مما يجعل الصيحة داعية للضلال لا للهداية وحاشا لله وتعالى علواً كبيرا .

واما علاقة الرؤيا بالقائم سوف نتطرق لها لاحقا انشاء الله

والحمد لله وحده وحده

…………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………..

(صحيفة الصراط المستقيم/ العدد 11/السنة الثانية/بتاريخ 5-10-2010 م -26 شوال 1431 هـ.ق)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى