خبر عربي وإسلامي

اليعقوبي والمشروع السياسي الأمريكي

لا تخطئ عين المراقب ملاحظة اندفاع اليعقوبي القوي ، ورهانه الذي يبلغ حد المقامرة بآخر الأوراق ، على المشروع السياسي الذي يقوده المحتل الأمريكي .  
والحق إن اليعقوبي لم يدّخر جهداً في دعم المشروع المذكور

فوظف كل الأدوات التي يملكها في هذا السياق ، لاسيما التنظير الفقهي أو العقدي ، فقد درج شأن فقهاء آخر الزمان – بل إن اليعقوبي يفوق الجميع في هذا الصدد – الذين دأبوا على الترويج لأباطيلهم عبر تأطيرها ببعض الآيات القرآنية، والأحاديث الشريفة ، أو الإدعاء بعائديتها لأحد الأصول الشرعية ، وسأنقل هنا مثالاً له صلة بموضوعنا. 
في خطاب المرحلة رقم (97) يقول الشيخ اليعقوبي جواباً على السؤال الآتي: (س/ من المعلوم إنكم دعمتم الإنتخابات السابقة، و أوجبتم المشاركة فيها وكانت فتواكم أقوى ما صدر من المرجعيات الدينية حين قلتم إن هذا الوجوب أهم من وجوب الصلاة والصوم ، فهل ما زال الوجوب على حاله بالنسبة للإنتخابات المقبلة) ؟ يجيب الشيخ بكلام طويل مرتكزاً على الفكرة الآتية : (إن المستفاد من ذوق الشريعة اهتمامها بالواجبات الإجتماعية أكثر من الفردية 000 الخ)، هذا الإطار الذي يبدو في ظاهره – شرعياً ليس في حقيقته سوى زوبعة غبار يثيرها الشيخ للتمويه على الخطل العجيب الذي ينطوي عليه خطابه، فمن خلال هذه الفكرة يجنب الشيخ نفسه مواجهة سؤال هل أن الإنتخابات عمل شرعي ؟ وهل حقاً يخدم الأمة أم إنه عمل شيطاني مفروض بإرادة أمريكية ولغايات أمريكية وبالنتيجة يخالف الشرع تماماً ؟ هذا من جهة ومن جهة أخرى يُتاح له سوق جملة من الأمثلة مما له صلة بمسألة الواجبات الإجتماعية من قبيل (إصلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصوم)، وغيرها، وكل ذلك من أجل أن يشتبه الأمر على القارئ فيظن أن الشيخ يستدل لفكرته الأصلية المتعلقة بشرعية الإنتخابات، بينما حديثه، في الحقيقة، يدور حول مسألة أهمية العمل الإجتماعي، ويبقى على الشيخ أن يثبت أنّ الإنتخابات عمل شرعي، وأنى له ذلك؟! 
وإذا كان حبل الكذب قصيراً كما يقولون ، فإن الشيخ لا يدعنا ننتظر طويلاً حتى يضعنا أمام مفارقة لا أدري كيف استساغها ، يقول الشيخ : (فالمشاركة بالإنتخابات باعتبارها الوسيلة المتيسرة الآن لإيصال المؤمنين الصالحين الكفوئين النزيهين الى مواقع السلطة ومفاصل الدولة من الوظائف الإجتماعية التي عرفت أهميتها وبوصول هذه الثلة تُحفظ الصلاة والصيام). قبل قليل كانت الإنتخابات من الواجبات الشرعية – بحسب الشيخ اليعقوبي – أما الآن فهي الوسيلة المتيسرة ! ومعنى أنها الوسيلة المتيسرة هو إنها ليست الوسيلة الشرعية، ولكن الظرف الواقعي فرضها على الشيخ اليعقوبي و أضرابه، ولكن يبقى على الشيخ أن يقنعنا بأمور, منها هل حقاً إن الظرف الواقعي حملهم على ركوب هذه الوسيلة ، أم هوى النفوس؟ ومنها لو افترضنا أن الظرف قد قهرهم حقاً، ألم تكن ثمة وسيلة أخرى، أو قل حل آخر غير مخالفة شرع الله؟ ومنها هل إن الشرع يصحح عملكم هذا، أم لا؟ 
والمؤسف إن الشيخ اليعقوبي لا يقف عند حد، ولا يتورع عن تشويه كل مقدس، فالشيخ يضيف دليلاً آخر على صحة الإنتخابات، بقوله: (( والشاهد الآخر على هذه الأهمية قوله تعالى: (يا أيها الرسول بلّغ ما أُنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) فجعل الله تبارك وتعالى تعيين القيادة وتنصيب ولاة الأمر في كفة والرسالة كلها بكفة أخرى، وإن لم تنجح الأمة في اختيار قادتها الحقيقيين وإيصالهم الى المواقع التي يستحقونها فإنها ستضيّع الشريعة كما حصل خلال القرون المتمادية، ولم يبق على دين الله إلا النزر اليسير من هذه البشرية الضالة المتعبة)) . هل سمعتم بجرأة – حتى لا أقول كلمة أخرى –  أكبر من هذه؟ والغريب إن الشيخ ( الفقيه الديمقراطي جداً ) اتضح له لاحقاً إن هذه الثلة المؤمنة – كما أسماها – ليست سوى مجموعة من اللصوص والطائفيين غير النزيهين ، كما قال في تصريح صدر عنه بعد اختلافه مع اللصوص على الغنيمة ( وزارة النفط ) .  
  والحق إن ما يُنظّر له الشيخ اليعقوبي و أضرابه أنتج مناخاً فكرياً يصطنع المصطلحات السياسية الغربية في مقاربة الطروحات والمفاهيم الإسلامية، الأمر الذي يشكل اختراقاً خطيراً لمنظومة الأفكار الإسلامية، فالإسلام كل واحد يستمد وجوده وقوته من كونه وليد المعرفة الإلهية المحيطة بكل المصالح والمفاسد، وليس هو وليد واقع حضاري محدد أو تجربة إنسانية معينة شأن مفاهيم الفكر السياسي الغربي ، وعلى هذا الأساس لا يمكن تقريب نظام الحكم الذي يدعو له الإسلام بمصطلحات من قبيل نظام الحكم الثيوقراطي، أو الديمقراطي، أو غيرها. إن اختزال الإسلام بمصطلحات الفكر الغربي يمثل جناية حقيقية، إذ إن أقل محذور يترتب عليه هو أن هذا الإختزال يجرد الإسلام من روحه الكلي الشامل المتسامي على التجارب البشرية الجزئية ليحدده بإطار ضيق محصور بتجربة بشرية معينة . 
والحق إن ما أقوله هنا لم يكن نتاج تنظير قائم على افتراضات، وإنما هو توصيف لواقع يعلن عن نفسه بوضوح من خلال القنوات الفضائية التي أضحى المعممون ضيوفاً دائمين عليها. فكثيراً ما تلتقي هذه القنوات برجال يتزيون بزي فقهاء الشيعة، وتسمعهم يرطنون بالمصطلحات والمفاهيم الغربية، (وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ  فَلَعَرَفْتَهُمْ  بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ) (محمد: 30) ، بل إن بعضهم لا يكتفي بالتعريف عبر لحن القول ، فهو يجهر علناً بأنه رجل ليبرالي في الوقت يضع فيه العمامة على رأسه ! 
إن اندفاع اليعقوبي الجنوني يعيدنا الى عقدة المرجعيات الثانوية المتمثلة بشعورها الحاد بموقعها الثانوي ، فإذا كانت هذه المرجعيات تضع نصب عينيها كرسي المرجع الأعلى ، فإن الفرصة أمست أكثر من سانحة بعد الإحتلال ، ولعبة الأحزاب . 
فإذا كانت الطريق التقليدية لبلوغ الكرسي – الحلم موصدة تماماً بعد أن احتكرته المؤسسة لرجالاتها المافيويين ، فإن فكرة الأحزاب تبدو مدهشة للغاية كسبيل غير متوقع لاصطناع الأتباع والزعامة ، لاسيما وإن اليعقوبي ، وبوصفه أوضح المرجعيات الثانوية ، قد تعرض لأشرس هجمات المؤسسة  فقد أفتى كاظم الحائري بما يلي :-
س / إن الشيخ محمد اليعقوبي طرح نفسه للتصدي لأمور ليس لأحد الحق في التصدي لها إلا الفقيه ، ولم نجد دليلاً على اجتهاده ، وهذه كتبه ومؤلفاته بين يديكم ، نرجوا رأيكم الصريح في الرجل ؟
ج /  ثبت عندنا بعد مطالعة كتبه الإستدلالية عدم اجتهاده وعليه فنحن نعلن من موقع المسؤولية عدم جواز الرجوع إليه فيما يُرجع فيه الى الفقيه ، وأن حمل الحقوق الشرعية إليه بوصفه فقيهاً حرام ، وأن إفتراض الولاية له باطل .      
وهذا إسحاق الفياض يفتي بما يأتي :- 
س / السلام عليكم شيخنا ورحمة الله وبركاته 
      شيخنا الجليل من الله علينا بمقابلتكم قبل حوالي 6 أشهر وقد سألتكم عن ادعاء منشور ( الصادقين ) التابع الى حزب الفضيلة بأنكم تقرون بإجتهاد الشيخ اليعقوبي وأجبتم في حينه إنهم هم من يدعي هذا وإنكم لا تقرون بإجتهاد الشيخ اليعقوبي لكننا وللأسف نتعرض للتجريح لعدم وجود دليل على هذا القول غير ادعانا ( كذا والأصح إدعائنا ) أرجو من سماحتكم الإجابة الصريحة هل إن الشيخ اليعقوبي مجتهد أم لا ، و جزاكم الله عن الإسلام وأهله أفضل الجزاء . 
ج /  إن وظيفة المرجع شرعاً بيان الأحكام الشرعية للناس لا بيان حالات الشخص من الفسق والعدل والإجتهاد وعدمه . نعم لا يجوز تقليده شرعاً . 
ومن يتابع مواقف اليعقوبي والخطابات التي تصدر عنه يدهشه سعيه المحموم لتكييف الخطاب الديني للغايات السياسية بالمعنى الضيق ( أي بوصف السياسة جسراً للزعامة المرجعية ) ،  تسعفه على ذلك قدرة عجيبة ( لا يُحسد عليها بطبيعة الحال ) على ليّ أعناق النصوص أو حتى وضعها على سرير بروكست لتناسب مقاس نظرته المصلحية الخاصة لكل واقعة سياسية ، تردفها لغة فكرية تتعمد الإبتعاد عن الدقة والتحديد، و تنحو الى المناورة ، مما يتيح له مساحة واسعة للتلاعب بمداليل كلماته . 
فعلى سبيل المثال يروج  اليعقوبي بين أتباعه – من خلال جهاز الفضلاء الجناح الفكري لحزب الفضيلة ، ومن خلال كوادر الحزب أنفسهم – بأن الصراع الحقيقي مع المحتل صراع فكري بالدرجة الأولى ، ويصنف في هذا الصدد مواقف القوى العراقية المختلفة الى ثلاثة مواقف يرفض الأول والثاني منهما وهما موقف القبول بالمحتل من جهة وموقف المقاوم بقوة السلاح ، من جهة أخرى ، ويختار الموقف الثالث الموصوف أعلاه وهو المقاومة الفكرية !
وعلى الرغم من تفاهة الفكرة وقربها الواضح من النكتة السمجة إلا أن اليعقوبي يسوغها –  لأتباعه بطبيعة الحال – بأسلوبين أولهما التركيز على المناقشة السياسية وهنا يردد اليعقوبي الحجج الأمريكية نفسها من قبيل زعمهم بعدم البقاء في العراق ويضفي عليها بعض التلوينات من قبيل القدرة على تكوين رأي عام عالمي ضاغط ينتج خروج القوات المحتلة بعد أن يتم الإستفادة من وجودها الى أقصى الحدود (كذا) . أما الأسلوب الثاني وهو مكمل بدرجة ما للأسلوب الأول وفيه يركز اليعقوبي على الجانب الفكري بطريقة كاريكاتورية ، فهو يزعم أن الشعب العراقي غير مؤهل في هذا الوقت لخوض صراع مع المحتل وتأسيس الدولة الإسلامية لقلة وعيه وعدم وجود الكفاءات القادرة على النهوض بهذه المهمة ، ولأجل هذا قرر الشيخ الواعي جداً تأسيس حزب الفضيلة لينهض بهذه المهمة التأريخية ، فاليعقوبي هو قدر العراق المعاصر كما ي حلو لأتباعه القول ، بل إنه الوحيد الذي لا يحتاج الى أحد بينما الكل يحتاج إليه ، وكيف لا وهو راية الحق الوحيدة على حد زعمه !!
قال اليعقوبي في الإستفتاء الذي نشرته صحيفة صوت الفيحاء الصادرة عن مجموعة الفضلاء / حزب الفضيلة الإسلامي ، بتأريخ حزيران / 2006 ، ما يأتي :-
الإستفتاء :- 
س / شيخنا اليعقوبي المفدى … السيد الشهيد ( رض ) يقول في كل يوم وكل ساعة ترقبوا ظهور الإمام الحجة (عج) والسؤال بأن أقل الروايات تظهر مع الإمام (عج) إثنا عشر راية كلها تقول ( أنا الإمام .. أنا الإمام ) ومن بينها راية حق ، فإذا ظهر الإمام الحجة اليوم فهل نستطيع أن نشخص من هي الراية الحق من بين الرايات كونك نائب الإمام وممهداً له ؟؟
ج / يقول الإمام (ع) : إن أمرنا أبين من الشمس .
ولو تمعنا في فهم اليعقوبي للإسلام والديمقراطية نجده يحاول تلفيق تقارب مفاهيمي بينهما بطريقة تدعو للرثاء حقاً ، فاليعقوبي يحاول أن يجعل من الحمامة غراباً ، ولكن النتيجة التي يخرج بها ليست هي الحمامة ولا هي الغراب ! فالفهم الذي يقدمه اليعقوبي لكل من الديمقراطية والإسلام فهم سطحي للغاية ويبدو بوضوح أنه يخاطب من خلاله المستويات المتدنية من الوعي ، وهو ما يشكل الغالبية العظمى من المقلدين يقول اليعقوبي : (…… إن للديمقراطية معنيين او مساحتين للعمل واحدة مرفوضة وأخرى مقبولة فتارة يراد بالديمقراطية حاكمية الشعب أو كما يعبرون (الشعب مصدر السلطات) وان الأغلبية إذا شرعت شيئاً كزواج المثلين أو جواز موت الرحمة – كما يسمونه – أو إباحة العلاقة الجنسية للمرآة خارج إطار الزوجية أو مساواة الرجل والمرآة في الميراث فيسري العمل بهذا القانون ويكون نافذاً وهذا شئ مرفوض في الإسلام لان الحاكمية لله تبارك وتعالى 0000 
وتارة يراد بالديمقراطية الآلية التي يختار بها الشعب قادته وحاكميه ومدبري شؤونه وهذا مما لا باس به فان الله تبارك وتعالى أوكل تصريف شؤون العباد إليهم أنفسهم فينظمون الآلية التي يتوافقون عليها قال تعالى : (…وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ…) الشورى38 . فاستعمل ضمير (هم) أي إن الأمور العائدة إليهم في تدابير شؤونهم الحياتية فهذا موكول لهم وتركت تفاصيلها إليهم مما سماها بعض الفقهاء (قدس الله أسرارهم) منطقة الفراغ وهي ليست فراغاً في الحقيقة وإنما بمعنى أن المشرع وضع لها حدودها وأطرها العامة وترك التفاصيل الى الأمة لتختار الأسلوب المناسب مثلاً المطلوب من باب حفظ النظام الاجتماعي. العام تامين الطرق للناس بين النجف وبغداد ولكن هل يمر الطريق عبر الحلة أو كربلاء وكم عدد ممرات الشارع وغيرها من التفاصيل فهذه مما يقررها من تختارهم الأمة وتفوضهم النظر في شؤونها وتوكلهم في تدبير أمورها وبهذا المعنى من الديمقراطية أي احترام إدارة الشعب والرجوع إليه في تقرير مصيره فان الإسلام أول من وضع أصوله ومبادئه … ) .
أقل ما يُقال في هذا الكلام إنه يخالف تماماً نظرية الحكم الإسلامية التي يؤمن بها أتباع أهل البيت (ع) الذين يخاطبهم اليعقوبي ، واليعقوبي يتعمد تماماً اللجوء الى مغالطة ضرب المثال فيوهم الناس بأن عمل الحكومة يتحدد بتأمين الطرق وغيرها من الأمور التي هي من اختصاص شرطة المرور في الحقيقة ! ويستطرد اليعقوبي قائلاً :
(وبهذا المعنى من الديمقراطية أي احترام إرادة الشعب والرجوع إليه في تقرير مصيره فان الإسلام أول من وضع أصوله ومبادئه وسار عليه قادة الإسلام بمنتهى الصراحة والشفافية فتجد في سيرة رسول الله (ص) انه حينما خرج مع المسلمين على غير استعداد للقتال لاعتراض قافلة قريش التجارية ولما أفلتت القافلة وأصبح المسلمون في مواجهة قريش إستشارهم رسول الله(ص) في المضي نحو القتال أو الرجوع. وقبل معركة أحد إستشارهم في التصدي لقريش داخل شوارع المدينة وأزقتها أو خارج المدينة واستشارهم في كيفية مواجهة الأحزاب حتى أشار سلمان الفارسي بحفر الخندق…) . 
يلاحظ هنا أن اليعقوبي يغض النظر كلياً عن الجانب التشريعي ويتجنب الإتيان ولو بمثال واحد يؤكد ما يذهب إليه ، بل يعمد كعادته الى المغالطة فيقول : (وحتى في ممارسة قيادة الأمة فبالرغم من أن النبي (ص) هو سيد الخلق والمبعوث رحمة للعالمين وأولى بالناس من أنفسهم فانه لم يؤسس دولته المباركة في المدينة ويمارس صلاحياته كقائد حتى طالبه أهل المدينة بالهجرة إليهم 000) .
ولعله واضح تماماً أن ممارسة الصلاحية لا علاقة له ألبتة بالنظرية السياسية ، ولكن اليعقوبي لا يأنف أبداً من جعل الأمرين أمراً واحداً . 
لست في صدد استقصاء كلمات اليعقوبي ، وسأختم بكلمة توضح التناقض الحتمي الذي ينتظر تنظيرات اليعقوبي ، ففي بيان (الفقه والمجتمع) رقم 5 تحت عنوان (فقه الشرطة والأجهزة الأمنية) الحلقة الأولى – بتاريخ 5-صفر-1426 هـ ، سأُل اليعقوبي : ((س8: ذكرتم في عدة لقاءات وبيانات أن مجمع السلطات يكون بيد الفقيه الجامع للشرائط في النظام الإسلامي فأين محل الإنتخابات التي تنادون بها وماهو دور الأمة في هذا النظام وإذا إختارت الأمة رئيساً للجمهورية لايتصف بملكة الإجتهاد فهل يكون أمرها في سفال كما جاء في بعض الأحاديث عن المعصومين (ع) بإعتبار أن امر الأمة قد تولاه من ليس أهلاً للولاية عليه…)).
فأجاب قائلاً :
((بسمه تعالى: التولية التي مرجعها الى المجتهد الجامع للشرائط هي التشريعية والقضائية أما التنفيذية كرئاسة الحكومة والوزراء-بحسب النظام المعمول به- فيمكن تفويضه الى الأمة لتختار النزيه الكفؤ البصير بمصالحها ويمضي المجتهد الجامع للشرائط هذا الإنتخاب ليكتسب مشروعيته ويإختصار فإن ماهو مختص بالشريعة الإلهية كالتشريع والقضاء فإن مرجعه الى المجتهد العادل، أما ما يرجع الى شؤون العباد كإنشاء معمل في المدينة الفلانية وشق طريق بالمواصفات الكذائية فهي التي يمكن للممثلي الأمة في مجلس البرلمان التصرف فيها وليس من حقهم مثلاً أن يشرعوا مساواة المرأة للرجل في الميراث أو منع تعدد الزوجات ونحوها حتى لو كان التصويت بالأكثرية لصالح هذا القرار. وعلى أي حال فإن النظام الإسلامي يفترض تطبيقه في مجتمع مقتنع بالإسلام وبقادته ولذا هو لاينتخب إلا من هو ملتزم بالشريعة وهذا الموضوع من الأمور التي تستحق الكثير من البيان والتفصيل))..( محمد اليعقوبي5/صفر/1426 هـ.ق ) .
اليعقوبي إذن يحاول التلفيق بين نظريتين متناقضتين ، فتكون النتيجة هذا المسخ المشوه الذي لا يشبه الديمقراطية ولا الإسلام . هذا التنظير الكاريكاتوري ليس في الحقيقة سوى تعبير مأساوي ( تناقض أ ليس كذلك ) عن واقع المرجعيات الثانوية .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى