زاوية العقائد الدينيةعقائد السنة

الآلوسي يقول: لا توقف في لعن يزيد لكثرة أوصافه الخبيثة

الآلوسي يقول: لا توقف في لعن يزيد لكثرة أوصافه الخبيثة
الآلوسي يقول: لا توقف في لعن يزيد لكثرة أوصافه الخبيثة

ورد في كتاب روح المعاني في تفسير القران والسبع المثاني للعلامة أبي الفضل شهاب الدين المتوفى سنة 1270 للهجرة الالوسي قرأه وصححه محمد حسين عربالمجلد الرابع عشر بأشراف هيئة البحوث والدراسات دار الفكر للطباعةفي صفحة 108 و109 و110 في ذيل الآية 22 من سورة محمد )

فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم. أولئك اللذين لعنهم الله فأصمهم واعمي أبصارهم. أفلا يتدبرون القران أم على قلوب أقفالها) .وذهب شيخ الإسلام السراج البلقيني إلى جواز لعن العاصي المعين لحديث الصحيحين «إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء فبات غضبان لعنتها الملائكة حتى تصبح»

وفي رواية «إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح» واحتمال أن يكون لعن الملائكة عليهم السلام إياها ليس بالخصوص بل بالعموم بأن يقولوا : لعن اللّه من باتت مهاجرة فراش زوجها بعيد وإن بحث به معه ولده الجلال البلقيني. وفي الزواجر لو استدل لذلك بخبر مسلم «أنه صلّى اللّه عليه وسلّم مر بحمار وسم في وجهه فقال : لعن اللّه من فعل هذا » لكان أظهر إذ الإشارة بهذا صريحة في لعن معين إلا أن يؤول بأن المراد الجنس وفيه ما فيه انتهى.

وعلى هذا القول لا توقف في لعن يزيد لكثرة أوصافه الخبيثة وارتكابه الكبائر في جميع أيام تكليفه ويكفي ما فعله أيام استيلائه بأهل المدينة ومكة فقد روى الطبراني بسند حسن «اللهم من ظلم أهل المدينة وأخافهم فأخفه وعليه لعنة اللّه والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل» والطامة الكبرى ما فعله بأهل البيت ورضاه بقتل الحسين على جده وعليه الصلاة والسلام واستبشاره بذلك وإهانته لأهل بيته مما تواتر معناه وإن كانت تفاصيله آحادا ، وفي الحديث «ستة لعنتهم «1»

وفي رواية : لعنهم اللّه وكل نبي مجاب الدعوة المحرف لكتاب اللّه – وفي رواية – : الزائد في كتاب اللّه والمكذب بقدر اللّه والمتسلط بالجبروت ليعز من أذل اللّه ويذل من أعز اللّه والمستحل من عترتي والتارك لسنتي» وقد جزم بكفره وصرح بلعنه جماعة من العلماء منهم الحافظ ناصر السنة ابن الجوزي وسبقه القاضي أبو يعلى ، وقال العلامة التفتازاني : لا نتوقف في شأنه بل في إيمانه لعنة اللّه تعالى عليه وعلى أنصاره وأعوانه ، وممن صرح بلعنه الجلال السيوطي عليه الرحمة وفي تاريخ ابن الوردي. وكتاب الوافي بالوفيات أن السبي لما ورد من العراق على يزيد خرج فلقي الأطفال والنساء من ذرية علي. والحسين رضي اللّه تعالى عنهما والرؤوس على أطراف الرماح وقد أشرفوا على ثنية جيرون فلما رآهم نعب غراب فأنشأ يقول :  لما بدت تلك الحمول وأشرفت تلك الرؤوس على شفا جيرون نعب الغراب فقلت قل أو لا تقل فقد اقتضيت من الرسول ديوني يعني أنه قتل بمن قتله رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يوم بدر كجده عتبة وخاله ولد عتبة وغيرهما وهذا كفر صريح فإذا صح عنه فقد كفر به ومثله تمثله بقول عبد اللّه بن الزبعري قبل إسلامه :  ليت أشياخي الأبيات ، وأفتى الغزالي عفا اللّه عنه بحرمة لعنه وتعقب السفاريني من الحنابلة نقل البرزنجي والهيثمي السابق عن أحمد رحمه اللّه تعالى فقال : المحفوظ عن الإمام أحمد خلاف ما نقلا ، ففي الفروع ما نصه ومن أصحابنا من أخرج الحجاج عن الإسلام فيتوجه عليه يزيد ونحوه ونص أحمد خلاف ذلك وعليه الأصحاب ، ولا يجوز التخصيص باللعنة خلافا لأبي الحسين وابن الجوزي وغيرهما ، وقال شيخ الإسلام : يعني واللّه تعالى أعلم ابن تيمية ظاهر كلام أحمد الكراهة ، قلت : والمختار ما ذهب إليه ابن الجوزي.

وأبو حسين القاضي. ومن وافقهما انتهى كلام السفاريني. وأبو بكر بن العربي المالكي عليه من اللّه تعالى ما يستحق أعظم الفرية فزعم أن الحسين قتل بسيف جده صلّى اللّه عليه وسلّم وله من الجهلة موافقون على ذلك كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً  الكهف : 5 . قال ابن الجوزي عليه الرحمة في كتابه السر المصون : من الاعتقادات العامة التي غلبت على جماعة منتسبين إلى السنة أن يقولوا : إن يزيد كان على الصواب وإن الحسين رضي اللّه تعالى عنه أخطأ في الخروج عليه ولو نظروا في السير لعلموا كيف عقدت له البيعة وألزم الناس بها ولقد فعل في ذلك كل قبيح ثم لو قدرنا صحة عقد البيعة فقد بدت منه بواد كلها توجب فسخ العقد ولا يميل إلى ذلك إلا كل جاهل عامي المذهب يظن أنه يغيظ بذلك الرافضة.

هذا ويعلم من جميع ما ذكره اختلاف الناس في أمره فمنهم من يقول : هو مسلم عاص بما صدر منه مع العترة الطاهرة لكن لا يجوز لعنه ، ومنهم من يقول : هو كذلك ويجوز لعنه مع الكراهة أو بدونها ومنهم من يقول : هو كافر ملعون ، ومنهم من يقول : إنه لم يعص بذلك ولا يجوز لعنه وقائل هذا ينبغي أن ينظم في سلسلة أنصار يزيد وأنا أقول : الذي يغلب على ظني أن الخبيث لم يكن مصدقا برسالة النبي صلّى اللّه عليه وسلّم وأن مجموع ما فعل مع أهل حرم اللّه تعالى وأهل حرم نبيه عليه الصلاة والسلام وعترته الطيبين الطاهرين في الحياة وبعد الممات وما صدر منه من المخازي ليس بأضعف دلالة على عدم تصديقه من إلقاء ورقة من المصحف الشريف في قذر ، ولا أظن أن أمره كان خافيا على أجلة المسلمين إذا ذاك ولكن كانوا مغلوبين مقهورين لم يسعهم إلا الصبر ليقضي اللّه أمرا كان مفعولا ، ولو سلّم أن الخبيث كان مسلما فهو مسلم جمع من الكبائر ما لا يحيط به نطاق البيان ، وأنا أذهب إلى جواز لعن مثله على التعيين ولو لم يتصور أن يكون له مثل من الفاسقين ، والظاهر أنه لم يتب ، واحتمال توبته أضعف من إيمانه ، ويلحق به ابن زياد وابن سعد وجماعة فلعنة اللّه عز وجل عليهم أجمعين ، وعلى أنصارهم وأعوانهم وشيعتهم ومن مال إليهم إلى يوم الدين ما دمعت عين على أبي عبد اللّه الحسين ، ويعجبني قول شاعر العصر ذو الفضل الجلي عبد الباقي أفندي العمري الموصل وقد سئل عن لعن يزيد اللعين :  يزيد على لعني عريض جنابه فأغدو به طول المدى ألعن اللعنا ومن كان يخشى القال والقيل من التصريح بلعن ذلك الضليل فليقل : لعن اللّه عز وجل من رضي بقتل الحسين ومن آذى عترة النبي صلّى اللّه عليه وسلّم بغير حق ومن غصبهم حقهم فإنه يكون لاعنا له لدخوله تحت العموم دخولا أوليا في نفس الأمر ، ولا يخالف أحد في جواز اللعن بهذه الألفاظ ونحوها سوى ابن يجوزون لعن من رضي بقتل الحسين رضي اللّه تعالى عنه ، وذل العربي المار ذكره وموافقيه فإنهم على ظاهر ما نقل عنهم لاك لعمري هو الضلال البعيد الذي يكاد يزيد على ضلال يزيد أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أي لا يلاحظونه ولا يتصفحونه وما فيه من المواعظ والزواجر حتى لا يقعوا فيما وقعوا فيه من الموبقات أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها تمثيل لعدم وصول الذكر إليها وانكشاف الأمر لها فكأنه قيل : أفلا يتدبرون القرآن إذ وصل إلى قلوبهم أم لم يصل إليها فتكون أم متصلة على مذهب سيبويه ، وظاهر كلام بعض اختياره.

( صحيفة الصراط المستقيم – العدد 21 – السنة الثانية – بتاريخ 14-12-2010 م – 8 محرم 1432 هـ.ق) 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى