زاوية العقائد الدينية

عصر الظهور : المهدي بيننا 1

– عصر الظهور : –
كثيرة هي العلامات المتحققة التي تدل بما لا يقبل لبساً على أن عصرنا هذا الذي نعيشه هو عصر الظهور المقدس ، بل إن ظهور هذه العلامات ووضوحها ترشح عنه شعور راسخ لدى القاصي والداني من المؤمنين بهذه الحقيقة ، ولكني لزيادة الإطمئنان لمن لم يزل يتردد في ريبه  من جهة ، ولتقوية الشعور المشار إليه من جهة أخرى ، عنيت في هذا البحث المختصر بتحقيق بعض العلامات التي تؤكد المعنى مدار البحث لأخلص منهما الى وضع اليد على بعض الدلالات المتعلقة بالعصر الذي نعيشه ، لاسيما ما يتعلق منها بحقيقة فقهاء آخر الزمان ، عسى أن تكون نتيجة البحث ذات فائدة في إزالة الغشاوة عن المؤمنين ، وتوضيح الرؤية التي ران عليها الكدر بفعل الإثارات التضليلية تمارسها المؤسسة الدينية عبر خطابها الإعلامي الإستخفافي ، لأصل في خاتمة المطاف الى بيان من هو المهدي الذي يحمل السيف ويطهر الأرض من الطواغيت .

1- موت فهد ملك السعودية :-
ورد عن رسول الله (ص) ، قوله : ((يحكم الحجاز رجل اسمه اسم حيوان ، إذا رأيته حسبت في عينه الحول من البعيد ، وإذا اقتربت منه لاترى في عينه شيئاً ، يخلفه أخ له اسمه عبدالله. ويل لشيعتنا منه ، أعادها ثلاثاً ؛ بشروني بموته أبشركم بظهور الحجة )) (مئتان وخمسون علامة : 122 ) .      
وحاكم الحجاز الذي اسمه اسم حيوان هو (فهد) ملك السعودية المقبور، وبإستطاعة كل منكم معاينة صورة لفهد للتحقق من علامة الحول في عينيه . وقد خلفه أخوه عبدالله ، ولا يخفى عليكم الويلات التي تجرعها الشيعة من سياساته .
وعبارة (بشروني بموته أبشركم بظهور الحجة) ، تعبر بلا شك عن ملازمة مستحكمة بين موت عبدالله وظهور القائم، ويؤكدها إعادة العبارة ثلاثاً .
وبمثل مضمون الحديث السابق ورد عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبدالله (ع) ، يقول : (( من يضمن لي موت عبدالله أضمن له القائم ، ثم قال : إذا مات عبدالله لم يجتمع الناس بعده على أحد ، ولم يتناه هذا الأمر دون صاحبكم إن شاء الله ، ويذهب ملك السنين ، ويصير ملك الشهور والأيام  ، فقلت : يطول ذلك ؟ قال : كلا )) (بحار الأنوار- ج 52: 21) .
وتدلنا الرواية التالية عن الإمام الباقر (ع) على أن جزء معتداً به من حكم عبدالله يقع في فترة الملاحم أو المعارك التي تمهد لظهور القائم (ع) ، وأكثر من ذلك سيبقى حكم عبدالله قائماً حتى بعد أن تدخل قوات السفياني الى العراق ، وإليكم الرواية : ((إذا ظهر السفياني على الأبقع وعلى المنصور والكندي والترك والروم ، خرج و صار الى العراق ، ثم يطلع القرن ذو الشفا ، فعند ذلك هلاك عبدالله )) (المعجم الموضوعي لأحاديث الإمام المهدي(ع): الشيخ الكوراني553) .
أقول هل يماري أحد بعد هذا البيان في أن عصرنا هذا هو عصر الظهور، وأن كل ما ورد من روايات تتعلق بعصر الظهور تجد مصداقها في عصرنا هذا؟
وإذا علمنا أن الظهور مفهوم مشكك، أي أن انطباقه على مصاديقه لايتم بالدرجة نفسها؛ فظهوره (ع) في مبتدأ أمره يختلف عنه بعد سنة على سبيل المثال. وقد ورد عنهم (ع) : ((يظهر في شبهة ليستبين)) ، أقول إذا علمنا ذلك يتضح لنا أن ظهوره يحدث قبل موت عبدالله ، بل إن هذا هو المفهوم من رواية ملك الحجاز آنفة الذكر ، فسياق الرواية هو الحديث عن فهد ، وما ذكر عبدالله إلا بوصفه قرينة دالة تشير الى المصداق المراد من الحاكم ( أي لتحديد إنه فهد ) ، والحق إني ما صرفت الحديث الى عبدالله إلا توكيداً لصدق الإستدلال على أن عصرنا هو عصر الظهور .  
أقول وقد تثار هنا شبهتان ؛ الأولى : أن يطعن البعض في سند الرواية.
وفي الجواب أقول أن تحقق مضمون الرواية على أرض الواقع يطيح كلياً بأي طعن في سندها ، فطالما تحقق المضمون فالصدور مقطوع به ، وإن كان الرواة من أكذب الناس ، لأن تحقق المضمون يدل حتماً على أنهم قد صدقوا في هذه الرواية على الأقل .  
الثانية : أن يطعن في المصداق، بأن يقال؛ لعل المراد حاكم آخر غير  فهد سيأتي في زمن لاحق .
وفي الجواب أقول : إن هذا الإعتراض ساقط بالضرورة ، ذلك أن الرواية علامة وضعها الرسول الأكرم (ص) ليستدل الناس بها على قرب الظهور، شأنها شأن العلامات الأخرى ، فلا بد أن يكون مصداقها واحداً لأنه إن تعدد تستحيل العلامة  لغواً ، والعياذ بالله ، إذ لا يمكننا و الحال هذه أن نحدد لها مصداقاً أصلاً ، لإحتمال أن لا يكون هو المصداق المراد . فعلى سبيل المثال إذا طلب منك شخص أن تضع له علامة يستدل بها على منزل ما ، وقلت له إن أمام منزله نخلة وحين ذهب الى المكان المحدد وجد أكثر من منزل أمامه نخلة ، فهل تكون العلامة التي وضعتها مفيدة له ، وهل تكون قد أرشدته حقاً ، أم إنك قد زدته حيرة على حيرة ؟ لاشك إنك أذا أردت إرشاده ستختار له علامة فارقة لا تتكرر، وأنت تعلم أن الرسول (ص) أراد إرشاد أمته الى عصر الظهور وعليه لا يمكن أن يختار لهم علامة يمكن أن تتكرر.  
نعم، من الصحيح القول أن المصداق لابد أن يستوعب جميع الإشارات الواردة في الرواية ، والمصداق الذي ذكرته يستوعبها جميعاً كما لا يخفى .

2- الدجال :-
وردت أحاديث كثيرة عن أهل البيت (ع) تحذر من فتنة الدجال ، سأنقل بعضاً منها فيما يلي من سطور ، ولكني أود الإشارة الآن الى أن اصطلاح الدجال يمكن أن ينصرف الى كل من يُظهر الحق ويُضمر الباطل ، ومن هنا قيل في علماء السوء أنهم دجالون 0 وبقدر ما يتعلق الأمر باستعمال الروايات لاصطلاح (الدجال) و(الدجالين) ، فإن الملاحظ عليها إنها تصف به كل من يُظهر التدين ليخدع الناس ، بينما هو في باطنه منحرف يطلب دنيا ، أو جاهاً ، أو زعامة 0 ولكي يكون القارئ على بينة من أمره ، أقول إن مقصودي من الدجال في هذا المبحث بالدرجة الأولى هو الدجال الأكبر أو أمريكا ، كما فسره بعض الباحثين ، ومن جملتهم السيد محمد الصدر في موسوعته ، وكما وضحه وصي ورسول الإمام المهدي (ع) السيد أحمد الحسن (ع) 0 وعلى أية حال يستطيع من يتأمل في منطق الروايات أن يتبين من الأوصاف التي يوصف بها انطباقها على دولة تمتلك جيشاً وقوة عسكرية كبيرة ، وسيأتي عما قريب ذكر الروايات المشار إليها ، ولما كان اصطلاح الدجال ينطبق كذلك على بعض فقهاء الضلالة ، فسيكون هذا المبحث جامعاً للإثنين ( الدجال الأكبر: أمريكا ، والأصغر: فقهاء الضلالة أو كبيرهم على وجه الدقة ) 0
عن رسول الله (ص) في حديث طويل أقتبس منه موضع الشاهد ، قال : (( 000 فيتقدم المهدي من ذريتي فيصلي الى قبلة جده رسول الله (ص) ، ويسيرون جميعاً – أي المهدي وأصحابه – الى أن يأتوا بيت المقدس ، ثم ذكر الحرب بينه وبين الدجال ، وذكر إنهم يقتلون عسكر الدجال من أوله الى آخره 000 )) [معجم أحاديث الإمام المهدي (ع) / الشيخ الكوراني – ح659] 0 فالدجال في هذا الحديث يملك عسكراً يقتلهم الإمام المهدي (ع) وأصحابه 0 وفي الحديث رقم ( 427 ) من نفس المصدر ، جاء ما يأتي : (( ليهبطن الدجال خوز و كرمان في ثمانين ألفاً 000 )) 0 وهؤلاء الثمانون ألفاً بعض جيش الدجال على ما هو راجح ، أي إنهم غير أولئك النازلين في بيت المقدس 0 وعن أمير المؤمنين (ع) ، في حديث يذكر فيه بعض العلامات التي تسبق خروج القائم ، يقول : (( 000 وغلبة الروم على الشام ، وغلبة أهل أرمينية ، وصرخ الصارخ بالعراق : هُتك الحجاب وافتُضت العذراء وظهر علم اللعين الدجال ، ثم ذكر خروج القائم )) [المعجم الموضوعي لأحاديث الإمام المهدي (ع) . ص29 ] 0 والعلم كما هو واضح علامة رمزية تتخذها الدول للإشارة الى كياناتها ، وصراخ الصارخ في العراق بظهور علم الدجال إشارة الى الإحتلال الأمريكي للعراق 0 ويشير إليه صراحة الحديث الذي يصف دخول الدجال الى العراق من جهة جبل سنام في البصرة ، فعن رسول الله (ص) : (( أول ما يردُه الدجال سنام ؛ جبل مشرف على البصرة هو أول ما يردُهُ الدجال )) [ الفتن : ابن حماد/ 150 ، معجم أحاديث الإمام المهدي /ج2 ص63] ، ومعروف أن القوات الأمريكية دخلت العراق قادمة من الكويت من جهة الجبل المذكور 0 وعلى أية حال نحن نعيش عصر الظهور ، و نشهد بأم أعيننا إحتلال العراق من قبل القوات الأمريكية ( الدجال الأكبر) ، كما إن معرفتنا بالسياسة الأمريكية توفر لنا فرصة نادرة لفهم المراد من التعبيرات الرمزية التي يوصف بها الدجال ؛ من قبيل ( المسيح الدجال ) ، ( الأعور الدجال ) ، ( وكونه يأتي معه بجبل من خبز ، وجبل من نار ) ، فالرئيس الأمريكي بوش من المسيحيين المتدينين – بحسب ما يفهم هو من التدين – وقد صرح في خطاباته بأن الحرب التي يخوضها ضد الإسلام حرب صليبية ، بل صرح علناً أن ما دفعه لحرب العراق رؤيا رأى فيها الرب ( السيد المسيح ) يأمره بإحتلال العراق ، [ سبحان الله حتى بوش يؤمن بالرؤيا ، فما بال فقهاء الشيعة ؟] ، وأكثر من هذا كان يدعي في بعض ما صدر عنه إنه مأمور من قبل الرب بتأديب شعب الخطيئة في بابل ! و لعل العبارة الأخيرة مقتبسة من الإنجيل ، وهي واحدة من علامات ظهور المصلح المنتظر 0 وأما أن الدجال أعور فلأنه لا يرى إلا بعين المصلحة المادية ، وإن ادعى ما ادعى ، ومعلوم إن السياسة الأمريكية لا تحسب حساباً لأي شئ عدا مصالحها المادية 0 وأما جبل الخبز فهو تعبير رمزي عن القوة الإقتصادية ، وحالة الرفاه المادي التي تستخف بها أتباعها ، وجبل النار قوتها الحربية التي تخيف بها الحكومات التي نسيت أن لا قوة إلا بالله 0
إن فتنة الدجال أو أحد أهم مصاديق هذه الفتنة ، هي الديمقراطية ، أو حاكمية الناس ( أو قل اختيار الناس للحاكم ) 0 فأمريكا ترى الديمقراطية الحلقة الأخيرة في سلسلة التطور السياسي البشري ، ونهاية التأريخ فيما يتعلق بطبيعة أنظمة الحكم {وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} 0 والحق إن الديمقراطية لا تختلف كثيراً عن الديكتاتورية ، بل إنهما من حيث الجوهر حقيقة واحدة ، إذ النظامان كلاهما قائمان على فكرة استبعاد السماء من معادلة اختيار الحاكم ، والنظامان كلاهما يقفان على الضد ، أو حتى النقيض من مبدأ التنصيب الإلهي للحاكم 0 وعلى أية حال لست الآن في صدد تتبع مساوئ الديمقراطية ، ولعل الكثير الذي كُتب عنها فيه الكفاية ، كما إنّ المفترض بهذا البحث إنه يُخاطب فئة تؤمن بمبدأ التنصيب الإلهي للحاكم ، وإن كانت هذه الفئة للأسف الشديد قد استخفتها الأهواء ، وأوردها فقهاء آخر الزمان آجناً من بعد عذب ، والى الله المشتكى 0
وقبل الخوض في دور فقهاء آخر الزمان ، أود إيراد بعض الروايات التي يمكن الإستدلال منها على فتنة الديمقراطية ، أو حاكمية الناس ، التي يطرحها الدجال ، وأود الإشارة المسبقة الى أن هذه الروايات بما إنها – كما سنرى – تشير الى أن فتنة الدجال تتمثل بمعارضة مبدأ التنصيب الإلهي ، فإنها تدل بلاشك على أن الدجال الأكبر هو أمريكا ، باعتبارها حاملة لواء الديمقراطية أو حاكمية الناس في العالم 0
عن حذيفة بن أسيد ، قال : (( سمعت أبا ذر يقول ، وهو متعلق بحلقة باب الكعبة : 000 إني سمعت رسول الله (ص) يقول : من قاتلني في الأولى ، وفي الثانية ، فهو في الثالثة من شيعة الدجال )) [ المعجم الموضوعي 24] 0 وفي نفس المصدر ونفس الصفحة ينقل الشيخ الكوراني نفس الرواية عن أمالي الطوسي ، وفيها (( وقاتل أهل بيتي في الثانية )) 0 وعن أمير المؤمنين (ع) ، قال : قال رسول الله (ص) : (( مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق ، ومن قاتلنا في آخر الزمان فكأنما قاتل مع الدجال )) [المصدر والصفحة نفسها] 0 وعن الإمام الصادق (ع) : (( قال رسول الله (ص) : 000 من أبغضنا أهل البيت بعثه الله يهودياً 0 قيل : وكيف يا رسول الله ؟ قال : إن أدرك الدجال آمن به )) [المعجم الموضوعي25] 0 أقول إن من يبغض أهل البيت (ع) ، ومن يقاتلهم هو بالتأكيد مبغض و متمرد على مبدأ التنصيب الإلهي ، ومتبع للشيطان ولهوى نفسه ، وهو بالتالي ممن يقول بحاكمية الناس قطعاً ، ولعل هذه الحقيقة هي التي تشير لها الروايات حين تؤكد على إيمان مبغض أهل البيت (ع) بالدجال 0
ويدلك على خطورة فتنة الديمقراطية ، أو اختيار الناس للحاكم ، التحذير الشديد الصادر عن رسول الله (ص) من الشورتين ؛ الكبرى والصغرى ، فعن حذيفة بن اليمان وجابر الأنصاري ، عن رسول الله (ص) ، إنه قال : (( الويل الويل لأمتي من الشورى الكبرى والصغرى ، فسُئل عنهما ، فقال : أما الكبرى فتنعقد في بلدتي بعد وفاتي لغصب خلافة أخي وغصب حق إبنتي ، وأما الشورى الصغرى فتنعقد في  الغيبة الكبرى في الزوراء لتغيير سنتي وتبديل أحكامي )) [مناقب العترة / ومائتان وخمسون علامة130] 0 ورغم هذا التحذير الشديد ، أبت الأمة إلا مخالفة الرسول (ص) فانعقدت سقيفة بني ساعدة لغصب خلافة علي (ع) ، حتى لم يبق على عهد الله ورسوله سوى قلة لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة ، وأبى شيعة آخر الزمان إلا اقتفاء أثر من سبقهم حذو النعل بالنعل ، فانعقدت سقيفة الزوراء برعاية الدجال ، وفقهاء آخر الزمان لانتخاب حاكم للعراق ، وتبديل أحكام الله ورسوله (ص) عبر كتابة الدستور سيئ الصيت 0 وإذا كان اتباع أبي بكر وعمر ( لعنهما الله ) قد خرجوا من ولاية الله بتمردهم على خليفة رسول الله (ص) ، فإن من يدّعون اليوم إنهم شيعة لعلي (ع) قد التحقوا بركبهم ، ودخلوا جحر الضب نفسه الذي أدخل أولئك أنفسهم به 0
3- إختلاف الشيعة :-
إن حكومة العمائم التي تربعت على كرسي الحكم في العراق ألان تعتبر من مصاديق حكومة بني العباس التي ذكرتها الروايات بكثرة والتي تكون في الصف الأول في المواجهة الشرسة للإمام المهدي أول ظهوره  والتي تتمثل بمحاربة اليماني والخراساني كون الاثنين يمثلان مقدمة ظهور الإمام المهدي (ع) ويكون القضاء على هذه الحكومة الطاغوتية من قبل ثلاث جهات اليماني و الخراساني والسفياني , عن أبي جعفر الباقر ع ( أنه سمعه يقول لا بد أن يملك بنو العباس فإذا ملكوا و اختلفوا و تشتت أمرهم خرج عليهم الخراساني و السفياني هذا من المشرق و هذا من المغرب يستبقان إلى الكوفة كفرسي رهان هذا من هاهنا و هذا من هاهنا حتى يكون هلاكهم على أيديهما أما إنهما لا يبقون منهم أحدا أبدا خروج السفياني و اليماني و الخراساني في سنة واحدة و في شهر واحد في يوم واحد و نظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضا فيكون البأس من كل وجه ويل لمن ناواهم و ليس في الرايات أهدى من راية اليماني هي راية هدى لأنه يدعو إلى صاحبكم ) بحارالأنوار    234    52  .
أما صفات تلك المرحلة من الحكم فتتركز في عدة امور حددتها الروايات حيث يصيب الناس جوع وخوف وموت كثير بسبب تلك الحكومة الظالمة: ــ
عن أبا عبد الله ع يقول ( إن قدام القائم بلوى من الله قلت ما هو جعلت فداك فقرأ وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْ‏ءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَ الْأَنْفُسِ وَ الثَّمَراتِ وَ بَشِّرِ الصَّابِرِينَ ثم قال الخوف من ملوك بني فلان و الجوع من غلاء الأسعار و نقص من الأموال من كساد التجارات و قلة الفضل فيها و نقص الأنفس بالموت الذريع و نقص الثمرات بقلة ريع الزرع و قلة بركة الثمار ثم قال و بشر الصابرين عند ذلك بتعجيل خروج القائم ع ) الإرشاد    377    2 على أن بعض الروايات تصف الحال عكس ذلك الوضع السيئ تماما والظاهر إن المقصودين في هذا الوضع الحسن واليسر هم أركان حكومة بني العباس ومواليهم والله اعلم :ــ
عن أبي صادق عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال : (( ملك بني العباس يسر لا عسر فيه لو اجتمع عليهم الترك و الديلم و السند و الهند و البربر و الطيلسان لن يزيلوه و لا يزالون في غضارة من ملكهم حتى يشذ عنهم مواليهم و أصحاب دولتهم و يسلط الله عليهم علجا يخرج من حيث بدأ ملكهم لا يمر بمدينة إلا فتحها و لا ترفع له راية إلا هدها و لا نعمة إلا أزالها الويل لمن ناواه فلا يزال كذلك حتى يظفر و يدفع بظفره إلى رجل من عترتي يقول بالحق و يعمل به )) الغيبة للنعماني  ص 14
أما علامات نهاية هذه الدولة الطاغوتية الظالمة فقد وردت عدة علامات أهمها هو اختلافهم :-
و قال ع  (لا يكون فساد ملك بني فلان حتى يختلف سيفاهم فإذا اختلفوا كان عند ذلك فساد ملكهم ) الخرائج‏ والجرائح    1164    3  
عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله ع كان أبو جعفر ع يقول ( لقائم آل محمد غيبتان إحداهما أطول من الأخرى فقال نعم و لا يكون ذلك حتى يختلف سيف بني فلان و تضيق الحلقة و يظهر السفياني و يشتد البلاء و يشمل الناس موت و قتل يلجئون فيه إلى حرم الله و حرم رسوله ) بحارالأنوار    156    52  
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ ( الْزَمِ الْأَرْضَ وَ لَا تُحَرِّكْ يَداً وَ لَا رِجْلًا حَتَّى تَرَى عَلَامَاتٍ أَذْكُرُهَا لَكَ وَ مَا أَرَاكَ تُدْرِكُهَا اخْتِلَافُ بَنِي فُلَانٍ وَ مُنَادٍ يُنَادِي مِنَ السَّمَاءِ وَ يَجِيئُكُمُ الصَّوْتُ مِنْ نَاحِيَةِ دِمَشْقَ ) وسائل‏الشيعة    13    56  
عن أبي عبد الله ع ( اختلاف بني فلان من المحتوم و … ) بحارالأنوار    288    52
وطريقة نهاية بني العباس مفاجئة و مهولة کما تصفها الرواÌات :ــ
قال اهل البÌت ع (… إن ذهاب ملك بني فلان كقصع الفخار و كرجل كانت في يده فخارة و هو يمشي إذ سقطت من يده و هو ساه عنها فانكسرت فقال حين سقطت هاه شبه الفزع فذهاب ملكهم هكذا أغفل ما كانوا عن ذهابه ) بحارالأنوار    230    52
قال أمير المؤمنين ع (… أن أخذ بني فلان بغتة و قال ع لا بد من رحى تطحن فإذا قامت على قطبها و ثبتت على ساقها بعث الله عليها عبدا (عنÌفا)عسفا خاملا أصله يكون النصر معه أصحابه الطويلة شعورهم أصحاب السبال سود ثيابهم أصحاب رايات سود ويل لمن ناواهم يقتلونهم هرجا و الله لكأني أنظر إليهم و إلى أفعالهم و ما يلقى من الفجار منهم الأعراب الجفاة يسلطهم الله عليهم بلا رحمة فيقتلونهم هرجا على مدينتهم بشاطئ الفرات البرية و البحرية جزاء بما عملوا وَ ما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ) بحارالأنوار    232    52  

عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال ( ليس يرى أمة محمد فرجا أبدا ما دام لولد بني فلان ملك حتى ينقرض ملكهم فإذا انقرض ملكهم أتاح الله لأمة محمد برجل منا أهل البيت …) بحارالأنوار    269    52
بقي ان نعرف ان حكومة بني العباس قائمة على تشريعات فقهاء خونة لانها اصلا قامت باسم الدين وتحت شعارات دينية وعليه فان تصفيتهم اول ما يفعله القائم (ع) عندما يدخل الكوفة فتجتمع الناس على امر واحد بعدما كانوا متفلرقين كل جماعة تتبع مرجع كما تبين ذلك من الروايات :ــ عن مالك بن ضمرة قال : (( قال أمير المؤمنين ع يا مالك بن ضمرة كيف أنت إذا اختلفت الشيعة هكذا و شبك أصابعه و أدخل بعضها في بعض فقلت يا أمير المؤمنين ما عند ذلك من خير قال الخير كله عند ذلك يا مالك عند ذلك يقوم قائمنا فيقدم سبعين رجلا يكذبون على الله و على رسوله ص فيقتلهم ثم يجمعهم الله على أمر واحد )) .

إذا اتضح الآن إن عصرنا هذا الذي نعيشه هو عصر الظهور فإن علينا ترتيب جملة من النتائج المرتبطة بعصر الظهور على عصرنا هذا ، ومنها ؛

– فقهاء آخر الزمان :-

وردت الكثير من الأحاديث في ذم فقهاء آخر الزمان ، أي فقهاء زمننا هذا ومنها : ورد عن رسول الله (ص):((والذي نفسي بيده لتركبن سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة، حتى لا تخطئون طريقهم، و لايخطئكم سنة بني إسرائيل)) (بحار الأنوار ج 52: 180).
ومعلوم أن بني إسرائيل اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله، كما أخبر عنهم القرآن الكريم:((اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح بن مريم)). ورد عن الإمام الصادق (ع) في تفسير هذه الآية ما مضمونه (إنهم لم يأمروهم بعبادتهم، ولو أمروهم ما أطاعوهم، ولكن أحلوا لهم حراماً وحرموا عليهم حلالاً فأطاعوهم فعبدوهم من حيث لا يشعرون).  
وعن الصادق (ع):((لينصرن الله هذا الأمر بمن لا خلاق له، ولو قد جاء أمرنا  لقد خرج منه من هو اليوم مقيم على عبادة الأوثان)) (نفسه: 392). وبربط هذا الحديث بالحديث المتقدم، يتضح أن المراد من عبادة الأوثان هو إتباع الفقهاء المضلين.
وبشان قوله (ع) : (لقد خرج منه) لا تحسب أن الخارجين عن أمر أهل البيت قوم آخرين غير الشيعة، فأمرهم (ع) هو القول بإمامتهم ولا يخرج من هذا القول إلا من كان داخل فيه وهم الشيعة تحديداً وهؤلاء هم من يخرج من أمرهم (ع) والسبب لأنهم مقيمون على عبادة الأوثان،أي إطاعة علماء السوء.        
وعن الرسول (ص) في حديث المعراج، قال:((… قلت إلهي فمتى يكون ذلك –أي الفرج-؟ فأوحى إلي (عز وجل) : يكون ذلك إذا رفع العلم و ظهر الجهل وكثر القراء و قل العمل وكثر الفتك و قل الفقهاء الهادون وكثر فقهاء الضلالة الخونة))( نفسه: 27 ومابعدها). فمن علامات الفرج إذن كثرة فقهاء الضلالة الخونة ، و إذا أردتم مثالاً على خيانة هؤلاء الفقهاء ، أذكركم بأن مبدأ التنصيب الإلهي للحاكم كان دائماً الشعار المميز للشيعة ، وقد بذلوا من أجله أزكى الدماء، وتعرضوا لشتى صنوف الظلم والإضطهاد، ولم تستطع أقسى الظروف على حملهم على التنازل عنه. ثم خلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة و اتبعوا الشهوات، وها نحن اليوم نشهد مؤامرة التنصل عن هذا المبدأ المقدس التي يقودها فقهاء آخر الزمان الذين وضعوا أيديهم بأيدي الأمريكان المحتلين وآمنوا بالديمقراطية (حاكمية الناس).  
وعن أمير المؤمنين (ع):((… وليس عند أهل ذلك الزمان سلعة أبور من الكتاب إذا تلي حق تلاوته، ولا أنفق منه إذا حرف عن مواضعه)) (نهج البلاغة / ج2: 41).
وعن رسول الله (ص):((سيأتي زمان على أمتي لايبقى من القرآن إلا رسمه، ولا من الإسلام إلا اسمه، يسمون به وهم أبعد الناس منه، مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدى، فقهاء ذلك الزمان شر فقهاء تحت ظل السماء، منهم خرجت الفتنة وإليهم تعود)) (بحار الأنوار / ج52: 190).
وعن أبي عبدالله (ع):((إن قائمنا إذا قام أتى الناس وكلهم يتأول عليه كتاب الله ويحتج عليه به)) (غيبة النعماني: 159).

– الخروج من ولاية أهل البيت (ع) :-

عن الإمام الباقر (ع) ، إنه قال : (( إن حديثكم هذا لتشمئز منه قلوب الرجال ، فانبذوه إليهم نبذاً ، فمن أقرّ به فزيدوه ، ومن أنكر فذروه ، إنه لابد من أن تكون فتنة يسقط فيها كل بطانة و وليجة حتى يسقط فيها من يشق الشعرة بشعرتين ، حتى لا يبقى إلا نحن وشيعتنا )) [غيبة النعماني 210] 0 هذا الحديث ينص على وجود فتنة أو اختبار قبل قيام القائم (ع) تكون نتيجتها سقوط أكثر الناس ، حتى من يشق الشعرة بشعرتين [وهذا التعبير كناية عن الدقة والمعرفة بمجاري الأمور] ، ولا يبقى بالنتيجة إلا أهل البيت وشيعتهم 0 السؤال الآن : كم هم شيعة أهل البيت (ع) ، أ هم حقاً عشرات الملايين ، بل مئات الملايين الذين يدعون أنهم شيعة لأهل البيت (ع) ؟ لنقرأ الحديث الآتي ، عن أبي عبدالله (ع) إنه قال : (( والله لتُكسرنّ تكسر الزجاج ، وإن الزجاج ليعاد فيعود كما كان ، والله لتُكسرنّ تكسر الفخار ، وإن الفخار ليتكسر فلا يعود كما كان ، ووالله لتُغربلنّ ، ووالله لتُميزنّ ، والله لتُمحصنّ حتى لا يبقى منكم إلا الأقل ، وصعّر كفه )) [غيبة النعماني 215] 0 ولنقرأ كذلك هذا الحديث الوارد عن الإمام الرضا (ع) : (( والله لا يكون ما تمدون إليه أعينكم حتى تُمحّصوا وتُميّزوا ، وحتى لا يبقى منكم إلا الأندر فالأندر )) [غيبة النعماني 216] 0 أقول واضح إن الأقل ، والأندر فالأندر ليسوا ملايين ، وليسوا آلافاً ، وإذا شئتم الدقة فانظروا في هذا الحديث الوارد عن الصادق (ع) ، حين سأله بعض أصحابه قائلاً : (( جعلت فداك ، إني والله أحبك ، وأحب من يحبك ، يا سيدي ما أكثر شيعتكم 0 فقال له : اذكرهم 0 فقال : كثير 0 فقال : تُحصيهم ؟ فقال : هم أكثر من ذلك 0 فقال أبو عبدالله (ع) : أما لو كملت العدة الموصوفة ثلاثمائة وبضعة عشر كان الذي تريدون 000 فقلت : فكيف أصنع بهذه الشيعة المختلفة الذين يقولون إنهم يتشيعون ؟ فقال (ع) : فيهم التمييز ، وفيهم التمحيص ، وفيهم التبديل ، يأتي عليهم سنون تفنيهم ، وسيف يقتلهم ، واختلاف يبددهم 000 الخ )) [غيبة النعماني 210- 211] 0 يُفهم من هذا الحديث إنه إذا اكتمل من الشيعة ثلاثمائة وبضعة عشر يتحقق خروج القائم (ع) ، وأما الأعداد الغفيرة التي تدّعي التشيع فإن الغربال سيُسقطهم حتماً 0 وفي حديث آخر يرويه أبو بصير عن الإمام الصادق (ع) : (( قال أبو عبدالله (ع) : لا يخرج القائم حتى يكون تكملة الحلقة 0 قلت : وكم تكملة الحلقة ؟ قال : عشرة آلاف 000)) [غيبة النعماني320] 0 إذن جيش القائم هم هؤلاء ال(313+10000) 0 قد تقول إن هؤلاء هم صفوة الشيعة وليسوا كل الشيعة ، أقول إن الراوي في حديث ( لو كملت العدة الموصوفة 000الخ) يسأل الإمام (ع) قائلاً : ( فكيف أصنع بهذه الشيعة المختلفة الذين يقولون إنهم يتشيعون ) ومعنى ذلك إنه فهم من العدد الذي ذكره الإمام (ع) إن هؤلاء هم كل الشيعة ومن هنا سأله عن الموقف من الأعداد الكبيرة التي تدعي التشيع ، ولو عدت الى سياق الحديث يتأكد لك هذا الفهم 0 فالراوي يبدأ كلامه بإخبار الإمام (ع) بأن شيعته كثيرون ، وأن عددهم أكثر من أن يُحصى ، وهنا يأتي قول الإمام (ع) : ( تُحصيهم ) والإستفهام هنا استنكاري ، أي إنه (ع) يُنكر أن يكون شيعته كثيرين ، ويؤكد هذا قوله (ع) : ( أما لو كملت العدة 000الخ ) ومعنى كلام الإمام إنه لو وجد في الشيعة هذا العدد ، أي ال(313) لتحقق الفرج لهم ، ثم إن الإمام (ع) يخبره أن الأعداد الكبيرة سيجري عليها التمييز والتمحيص والتبديل ، وغيرها ، وبنتيجة هذه الأمور سينكشف زيف ادعائهم ، وسيخرجون من دائرة التشيع ، فالإمام (ع) في كلمته هذه يبين المصير السيئ للمتشيعة ، ولو كان مطلبه الإشارة الى صفوة الشيعة ، وإنهم أفضل من الآخرين فقط لا إنهم هم الشيعة والآخرون مدعون لاكتفى بمدح هذه الصفوة دون بيان الموقف النهائي ( أؤكد على كلمة النهائي ) من الآخرين ، لأن بيان الموقف النهائي يوجد مقابلة نوعية بين الفريقين ، لا مجرد فرق في الدرجة 0 ولو كان الأمر مجرد فرق في درجة الإيمان ، وأن الآخرين هم بالنتيجة شيعة ولكنهم أضعف إيماناً ، لكان – وهذا هو المظنون – توجّه بالنصح لهم ، ودعوتهم الى مزيد العمل والتكامل ، والله أعلم وأحكم 0
ولكي أزيدك ثقة بهذه النتيجة أقترح عليك قراءة هذه الأحاديث الشريفة ؛ عن أبي عبدالله (ع) ، إنه قال : (( مع القائم (ع) من العرب شئ يسير 0 فقيل له : إن من يصف هذا الأمر منهم لكثير 0 قال : لابد للناس من أن يُميّزوا ويغربلوا ، وسيخرج من الغربال خلق كثير )) [غيبة النعماني212] 0 وعن أبي جعفر (ع) : (( لتُمحصنّ يا شيعة آل محمد تمحيص الكحل في العين ، وإن صاحب العين يدري متى يقع الكحل في عينه ولا يعلم متى يخرج منها ، وكذلك يصبح الرجل على شريعة من أمرنا ، ويمسي وقد خرج منها ، ويمسي على شريعة من أمرنا ، ويصبح وقد خرج منها )) [غيبة النعماني214] 0 الحديث الأول يُشبّه التمحيص بالغربال ، ونتيجة التمحيص هي بقاء الإنسان على حد الإيمان أو خروجه منه ، فالخارجون من الغربال خارجون من حد الإيمان كما هو واصح 0 ثم أ ليس هذا هو ما ينص عليه الحديث الثاني ، اسمع إذن تعليق الشيخ النعماني على الحديث ، يقول الشيخ : (( أ ليس هذا دليل الخروج من نظام الإمامة ، وترك ما كان يعتقد منها )) [الغيبة215] 0 وهذا ينبغي أن يكون واضحاً ، فأمرهم (ع) هو الولاية ، والخروج من أمرهم خروج منها 0
– إذن من هو القائم
يقوم هذا البحث على فرضية مؤداها إن القائم هو أحمد ابن الإمام المهدي المذكور في وصية رسول الله (ص) ، والذي سنعرف في بحث لاحق – إن شاء الله – بأنه هو نفسه اليماني الموعود ، على أن يكون واضحاً للقارئ إن أحمد يقوم بأمر من أبيه الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع) وسيرد في ثنايا البحث ان القائم اسم مشترك ينطبق على الإمام المهدي (ع) باعتباره الإمام والقائد لكل حركة الظهور وأحمد باعتباره المنفذ لأمر الإمام المهدي والذي يقوم بالسيف . ولأجل إقامة البرهان على مطلوبه سيعتمد البحث بالدرجة الأولى على الدليل الروائي ، مع الإكتفاء بالإشارة الى الأدلة الأخرى برجاء توفر فرصة مناسبة لاستيفاء القول بشأنها .    ولعل أول ما يحسن البدء به هو عرض وصية رسول الله (ص) المشار إليها ، لغرض تعريف القارئ بشخصية أحمد ، وإليكم هذه الوصية ملخصة ؛ عن أبي عبد الله (ع)عن آبائه عن أمير المؤمنين (ع) قال : (( قال رسول الله (ص) في الليلة التي كانت فيها وفاته لعلي (ع) يا أبا الحسن أحضر صحيفة ودواة فأملى رسول الله (ص) وصيته حتى انتهى إلى هذا الموضع فقال يا علي إنه سيكون بعدي إثنا عشر إماما ومن بعدهم إثنا عشر مهدياً فأنت يا علي أول الإثني عشر إماماً … وساق الحديث إلى أن قال : وليسلمها الحسن (ع)إلى ابنه م ح م د المستحفظ من آل محمد (ص) فذلك إثنا عشر إماماً ، ثم يكون من بعده إثنا عشر مهدياً ، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه أول المهديين له ثلاثة أسامي اسم كاسمي واسم أبي وهو عبد الله و أحمد ، والاسم الثالث المهدي وهو أول المؤمنين )) [ بحار الأنوار ج 53 ص 147 و الغيبة للطوسي ص150] .
–       يتضح من هذا النص لوصية رسول الله (ص) الذي تجدونه مفصلاً في غيبة الطوسي أن الإمامة تؤول بعد الإمام المهدي الى ولده أحمد أول المهديين الإثني عشر ، وأول المؤمنين ؛ أي الأصحاب ال (313) ، ولأجل معرفة المزيد عن شخصية أحمد يمكنكم مراجعة إصدارات أنصار الإمام المهدي (ع) على موقع الإنترنيت الخاص بهم .
–       قبل الإنتقال الى الروايات التي تنص على أن القائم هو أحمد ، أود التعرض الى بعض الشبهات التي أثيرت بخصوص مضمون وصية رسول الله (ص) ؛ وأول هذه الشبهات ما ذهب إليه البعض من القول بأن الوصية تنص على أن الإمامة تذهب الى أحمد بعد وفاة أبيه لا قبل ذلك الأمر الذي يمثل قرينة بزعمهم على أن وجود أحمد يتأخر زمنياً على عصر الظهور . وفي الجواب أقول إن تسلم أحمد زمام الإمامة بعد أبيه لا يصلح قرينة على مدعاكم ، بل إن استقراء التأريخ يثبت حقيقة كون الوصي كان دائماً موجوداً في حياة أبيه ، أو الإمام السابق له ، ثم إن قوله ( وهو أول المؤمنين ) واضح في أن أجمد هو أول الأصحاب ال (313) .

– – الروايات التي تنص على أن القائم هو أحمد :-

–       روى الشيخ الصدوق في كمال الدين عن أبي الجارود زياد بن المنذر عن أبي جعفر محمد بن علي (ع) عن أبيه، عن جده ، في حديث له عن القائم ، قال : ((… له اسمان؛ اسم يخفى، واسم يعلن؛ فأما الذي يخفى فأحمد، وأما الذي يعلن فمحمد)) (كمال الدين وتمام النعمة / ج2: الشيخ الصدوق 653).
–       وعن حذيفة، قال:((سمعت رسول الله (ص) _ وذكر المهدي _ فقال: إنه يبايع بين الركن والمقام، اسمه أحمد وعبدالله والمهدي، فهذه أسماؤه ثلاثتها)) (غيبة الطوسي: 299 و 305).
–       وقال رسول الله (ص) ، في حديث طويل … إلى أن قال (ص) : (( الحقوا به بمكة فإنه المهدي وأسمه أحمد )) ( الملاحم والفتن ص68 ) .

– – روايات أخرى تبين شخص القائم : –

–       عن محمد بن الحنفية، قال: قال أمير المؤمنين (ع):((سمعت رسول الله (ص) يقول، في حديث طويل في فضل أهل البيت (ع): وسيكون بعدي فتنة صماء صيلم يسقط فيها كل وليجة وبطانة، وذلك عند فقدان شيعتك الخامس من السابع من ولدك)) (المعجم الموضوعي لأحاديث الإمام المهدي / الكوراني: 162) .
–       وعن عبدالرحمن بن أبي ليلى، قال علي (ع):((كنت عند النبي (ص) في بيت أم سلمة… الى أن قال (ع): ثم التفت إلينا رسول الله (ص) فقال رافعاً صوته: الحذر إذا فقد الخامس من ولد السابع من ولدي. قال علي: فقلت: يارسول الله، فما تكون هذه الغيبة؟ قال: الصمت حتى يأذن الله له بالخروج…)) (نفسه: 163 – 164) .
–       أقول : الخامس من ولد السابع من ولد أمير المؤمنين هو أحمد الذي تذكره وصية رسول الله (ص) آنفة الذكر . أما غيبته فقد أوضحها الحديث بأنها الصمت ، وورد عن الكافي، قال إن الإمام الكاظم (ع) قال لأولاده وأرحامه : ((إذا فقد الخامس من ولد السابع فالله الله في أديانكم، لايزيلنكم عنها أحد. يا بني إنه لابد لصاحب هذا الأمر من غيبة حتى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به!؟ إنما هي محنة من الله عز وجل امتحن بها خلقه، لو علم أباؤكم وأجدادكم ديناً أصح من هذا لاتبعوه. قال، فقلت: يا سيدي من الخامس من ولد السابع؟ فقال: يا بني عقولكم تصغر عن هذا، وأحلامكم تضيق عن حمله، ولكن إن تعيشوا فسوف تدركونه)) (الكافي / ج1: 336).
–       أتساءل : أي شئ تصغر عنه عقول أبناء الكاظم وأرحامه وتضيق عنه أحلامهم ؛ هل هو معرفة اسم الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع) الذي يعرفه القاصي والداني ؟
–     عن الأصبغ بن نباتة قال: أتيت أمير المؤمنين (ع) فوجدته متفكراً ينكت في الأرض، فقلت: ما لي أراك متفكراً تنكت في الأرض، أرغبة منك فيها؟ فقال:((لا والله ما رغبت فيها ولا في الدنيا يوماً قط، ولكني فكرت في مولود يكون من ظهر الحادي عشر من ولدي هو المهدي الذي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً، كما ملئت جوراً وظلماً، تكون له غيبة وحيرة، يضل فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون. فقلت: وكم تكون الحيرة والغيبة؟ قال: ستة أيام أو ستة أشهر أو ست سنين! فقلت: وإن هذا لكائن؟ فقال: نعم، كما أنه مخلوق، وأنى لك بهذا الأمر  ياأصبغ، أولئك خيار هذه الأمة مع أبرار هذه العترة. فقلت: ثم ما يكون بعد ذلك؟ فقال: ثم يفعل الله ما يشاء، فإن له بداءات وإرادات وغايات ونهايات)) ( كمال الدين ) .
–       المولود من ظهر الحادي عشر من ولد أمير المؤمنين هو أحمد ، نعم ورد الحديث في بعض نسخ الكافي بعبارة من ظهري والمظنون أن زيادة الياء على كلمة ظهر من عمل النساخ الذين لم يستطيعوا فهم الحديث ، ولكن هؤلاء نسوا أن غيبة الإمام المهدي أكثر من ستة أيام أو ستة أشهر أو ست سنين ، وإنه (ع) له غيبتان لا غيبة واحدة ، وأن غيبته ليست حيرة أو صمت كما نصت الرواية المتقدمة .
–       وعن جابر بن عبدالله الأنصاري، قال: دخلت على فاطمة (ع) وبين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء من ولدها، فعددت أثني عشر آخرهم القائم (ع)؛ ثلاثة منهم محمد، وثلاثة منهم علي)) (من لايحضره الفقيه / ج 4: 180. وسائل الشيعة / ج 11: 490).
– وعن أبي جعفر (ع)، قال : ((قال رسول الله (ص): إني وإثني عشر من ولدي و أنت يا علي زر الأرض، يعني أوتادها وجبالها، بنا أوتد الأرض ان تسيخ بأهلها فإذا ذهب الإثنا عشر من ولدي ساخت بأهلها ولم ينظروا)) (الكافي / ج1: 534) .
–       أقول إن القائم في رواية جابر هو أحمد بن الإمام المهدي (ع) بعد استثناء اسم علي (ع) إذ إن المعدودين هم ولده (ع) وولد فاطمة (ع) ، ومثله يقال في الرواية الثانية التي استثنت علياً (ع) بقوله (ص) : ( وأنت يا علي ) .
–     وعن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر (ع) يقول:((في صاحب هذا الأمر سنن من أربعة أنبياء؛ سنة من موسى، وسنة من عيسى، وسنة من يوسف، وسنة من محمد صلوات الله عليهم أجمعين. فقلت: ما سنة موسى؟ قال: خائف يترقب. قلت وما سنة عيسى؟ فقال: يقال فيه ما يقال في عيسى. قلت: وما سنة يوسف؟ قال: السجن والغيبة… الخ)) (المعجم الموضوعي لأحاديث الإمام المهدي: 777) . أقول معلوم أن الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع) لاتطاله أيدي الأعداء ، فالمقصود من صاحب الأمر غيره . هذا وقد ورد عن يزبد الكناسي عن أبي جعفر الباقر (ع):((إن صاحب هذا الامر فيه شبه من يوسف؛ ابن أمة سوداء)) (غيبة النعماني: 166) ، والإمام المهدي محمد بن الحسن ابن السيدة نرجس (ع) إبنة ملك الروم وليست هي أمة سوداء ، علماً إنه حتى أم يوسف (ع) ربما لم تكن أمة سوداء فيكون مدلول الحديث : إن فيه سنة من يوسف يسكت عنها الحديث ثم ينص على معلومة تميز القائم وهو كونه ابن أمة سوداء .
–       و عن الإمام الرضا (ع)، قال:((كأني برايات، من مصر مقبلات، خضر مصبغات، حتى تأتي الشامات، فتؤدى الى ابن صاحب الوصيات)) (المعجم الموضوعي: 451). وصاحب الوصيات هو الإمام المهدي (ع) وابنه هو أحمد المذكور في وصية رسول الله (ص) .
–       قال رسول الله (ص) : (( من ولدي إثنا عشر نقيباً نجباء مفهمون محدثون آخرهم القائم بالحق ليملأها عدلاً كما ملئت جوراً )) [ غيبة الطوسي ص102 / أصول الكافي ج1 ص608]    وقال رسول الله (ص) : (( ياعلي إني مزوجك فاطمة ابنتي سيدة نساء العالمين وأحبهن إليّ بعدك وكائن منكما سيدا شباب أهل الجنة والشهداء المضرجون المقهورون في الأرض من بعدي والنجباء الزهر الذين يطفئ الله بهم الظلم ويحيي بهم الحق ويميت بهم الباطل عدتهم عدة أشهر السنة آخرهم يصلي عيسى بن مريم خلفه )) [ غيبة النعماني ص58 ] .
–       وقال رسول الله (ص) : (( أنا وإثني عشر من ولدي وأنت ياعلي زر الأرض أوتادها وجبالها بنا أوتد الله الأرض أن تسيخ بأهلها فإذا ذهب الإثنا عشر من ولدي ساخت الأرض بأهلها ولم ينظروا )) . [غيبة الطوسي ص102/أصول الكافي ج1ص609] .
–       وعن أنس بن مالك قال : (( سئلت رسول الله (ص) عن حواري عيسى (ع) فقال (ص) : كانوا من صفوته وخيرته وكانوا إثني عشر … وساق الحديث إلى إن قال (ص) : الأئمة بعدي إثنا عشر من صلب علي (ع) وفاطمة (ع) وهم حواري وأنصاري عليهم من الله التحية والسلام )) . [ كفاية الأثر عما جاء أنس بن مالك / كتاب لمحات للشيخ الصافي ] .
–       أقول إن أبناء رسول الله (ص) الإثني عشر هم أبناء علي وفاطمة (ع) والثاني عشر منهم (ع) هو أحمد .
–       والحق إن ما تقدم يمثل عينة صغيرة من أحاديث كثيرة استدل بها الأخوة أنصار الإمام المهدي (ع) في الإصدارات الكثيرة التي خطتها أقلامهم ، وهي على أية حال كافية لطالب الحق ، ومن لا تكفيه رواية فالكافي لا يكفيه . أقول ولعل هذا العلم عن حقيقة شخصية القائم (ع) يكفي وحده دليلاً على صدق السيد أحمد الحسن (ع) فقد ورد عن رسول الله (ص) قوله : ((… له علم إذا حان وقته انتشر ذلك العلم من نفسه)) (كمال الدين: 268). وعن مالك الجهني، قال : (( قلت لأبي جعفر (ع) إنا نصف صاحب هذا الأمر بالصفة التي ليس بها أحد من الناس . فقال : لا والله ، لا يكون ذلك أبداً حتى يكون هو الذي يحتج عليكم بذلك ، ويدعوكم إليه )) (غيبة النعماني : 337) . وفي الختام هاتان روايتان تكفيان من ألقى السمع وهو شهيد :
–       عن أبي عبيدة الحذاء ، قال : ((سألت أبا جعفر (ع) عن هذا الأمر، متى يكون؟ قال: إن كنتم تؤملون أن يجيئكم من وجه ثم جاءكم من وجه فلا تنكروه)) (المعجم الموضوعي : 767). أليس في حديث الإمام الباقر (ع) إشارة الى أن الشيعة سيمرون باختبار وسيقع الكثير منهم في اللبس لأنهم يأملون أن يجيئهم من وجه وإذا به يجيئهم من وجه آخر لم يحسبوا له حساباً ؟ أما الحديث الثاني فيمثله قول الإمام الصادق (ع) : (( إذا قلنا لكم في الرجل منا قولاً فلم يكن فيه ، وكان في ولده، فلا تنكروا ذلك)) .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى