أخبار سياسية منوعة

الإسلاميون والعلمانيون في الأحزاب العراقية

الأحزاب العراقية .. إسلامية علمانيةبسم الله الرحمن الرحيم

أطلقت نتائج الانتخابات الأخيرة كلاماً كثيراً حول معادلة الإسلام والعلمانية في اللعبة السياسية العراقية ، ونصيب كل منهما في الشارع ، وتحدث البعض عن الآليات التي تُستخدم من قبل ما يسمى بالإسلاميين في بسط النفوذ ، وكيف يمكن معالجتها وكشف الدهاء الذي تنطوي عليه ، وانجرف آخرون بسرعة بالغة إلى الحديث عن مزايا كل من الإسلام والعلمانية بشهادة المعطيات التي أفرزها الواقع العراقي .

وباعتقادي أن الغائب الأكبر في كل ما تم طرحه هو الموضوعية ، فالحقيقة أن القضية القائلة : هل الإسلام قادر على قيادة الحياة المعاصرة ، هذه القضية لا تناقش بالسطحية التي يجري التداول بها ، كما إن معالجتها على ضوء ما قدمته الحركات التي تدعي صلتها بالإسلام كنموذج تطبيقي مزعوم يجعل القضية سالبة بانتفاء الموضوع ، فهذه الحركات المنحرفة كحزب الدعوة وحزب الحكيم وحزبي اليعقوبي والصرخي لا يمكن أن نسميها بحال أحزاباً إسلامياً ، ولا يصح أبداً الزعم بأنها تمثل الإسلام ، فهذه الأحزاب على الأقل قد فرطت منذ البداية بأهم ما يتطلبه تطبيق الإسلام وتحقيق حاكميته على أرض الواقع .
فالدستور الذي ألزمت نفسها به يتمحور حول مقولة لا يسع أحد الالتفاف عليها ، تتعلق بهوية الدولة ، وهي مقولة وضعية الدولة أو علمانيتها ، كما إن طبيعة اللعبة السياسية التي زجوا بأنفسهم فيها قائمة على أساس واقع طوائفي محاصصي وتوافقي يُلزم كل حزب بحدود لا ينبغي تجاوزها على مستوى الطرح الفكري ، ولا يتيح له بالتالي فرصة التبشير بمقولاته أو تعديتها لتستوعب المساحات الشعبية المغايرة .
إن الفرصة الوحيدة التي تمتلكها الأحزاب لمعانقة آفاق أوسع من تلك المحدودة بدائرة الطائفة تتحدد بالطروحات المطلبية المتعلقة بالهموم المعيشية اليومية دون سواها ، وبكلمة أخرى هي تلك الطروحات الخارجة عن نطاق المسألة أصلاً باعتبار مسألة العلمانية والإسلام متعلقة بالطرح الفكري العقيدي ، نعم يمكن تماماً للعلمانية أن تحقق ما تصبو له في ظل هكذا إطار معادلي بالنظر لكون العلمانية في الحقيقة هي إيديولوجية الهموم اليومية المؤطرة بحاجات الجسد دون الروح .
يمكن إذن أن نخرج بنتيجة هي أن التركيبة البنيوية التي أريد للدولة العراقية أن تنبني على أساسها مقيدة بالضرورة لمفهوم الدولة العلمانية ، وكل محاولة للتعامل معها على غير هذا الأساس محكومة بالفشل ما لم يجري نقض الأساس المذكور ، وهذا ما لم تفعله ، ولا يبدو شيء في الأفق يدل على أن الأحزاب الإسلامية ، كما تزعم ، تنوي فعله ، وقبولها به إذن يخرجها كلياً عن حد الالتزام  بالإسلام الذي ترفع شعاره لغايات تضليلية مصلحية .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى