زاوية العقائد الدينية

المأزق الشيعي في مواجهة التطرف الوهابي ؛ السبب والدلالات

حماد الأنصاري
المسعورة التي يشنها الان اقطاب الوهابية على مذهب التشيع واثارة الكثير من المواضيع التي منها التشكيك بحادثة كسر ضلع الزهراء (ع)

او نفيهم شفاعة اهل البيت (ع) وانكار التوسل بهم إلى الله وغيرها .. ويقابل تلك الشبهات والدعاوى الباطلة انبطاح شيعي تام وانهزامية مريرة ولك عزيزي القاريء ان تشاهد ما تبثه بعض القنوات الفضائية من مناظرات أشبه ما تكون بمحاكمة وجلد لعقيدة الإمامية يقابلها انبطاح ومجاملات على حساب المذهب ولعل ما اقره المرجع الشيعي فضل الله بخصوص قضية الزهراء فيه الكفاية ..
والحقيقة ان السبب الذي ادى إلى تخلي الأمة عن ثوابتها وانهزامها امام المد الوهابي فكريا .. هو ذاته السبب الذي ادى إلى نشوء الفكر الوهابي .. وبالتالي ترتب على هذا التشابه تقدم الفكر الوهابي لأنهم تبنوا عقيدة والتزموا بها بينما تبنى الشيعة عقيدة ولم يلتزموا بها فضيعوا المشيتين ..
ولتوضيح المعنى نعود إلى أصل الانحراف عند الطرفين وهو ينبع من نقطة واحدة ( الانحراف عن مبدأ حاكمية الله ) وقعا فيها معا ويمكن تشخيصها من خلال الطرح التالي للسيد اليماني احمد الحسن :ـ
((  وباختصار شديد.. لو كان إنسان يملك سفينة أو مصنع أو أي شيء يعمل فيه مجموعة من الناس أليس من المفروض ان يعين رباناً للسفينة او مديراً للمصنع أو قائداً لهؤلاء الناس ثم ان ترك هذا وغرقت السفينة او تلف المصنع او حدث ضرر ما الا يوصف عمله هذا بالسفه او عدم الحكمة 
ثم ان عين رباناً للسفينة او مديراً للمصنع او قائداً لهؤلاء الناس ولكنه لم يكن اعلمهم في قيادة السفينة او ادارة المصنع او قيادة هؤلاء الناس وحصل نقص في انتاج المصنع اوحدث طارئ ما تسبب في ضرر معين كغرق السفينة بسبب جهل هذا القائد بقانون تشغيل المصنع او معالجة الطارئ الا يوصف عمله هذا بالسفه او مجانبة الحكمة اليس من المفروض ومقتضى الحكمة اختيار اعلم الموجودين او تزويد المختار بالعلم اللازم ليكون الاكفأ والاقدر على قيادة السفينة وايصالها الى بر الأمان وإدارة المصنع وتحقيق أفضل انتاج .
ولو فرضنا ان هذا الإنسان عين رباناً للسفينة او مديراً للمصنع او قائداً لهؤلاء الناس وكان اعلمهم واقدرهم على قيادة السفينة وادارة المصنع ولكنه لم يأمر الناس بطاعة هذا الربان او المدير او القائد وتصرف الناس كل بحسب هواه ورغبته لأنهم غير مأمورين بطاعة القائد المعين وحصلت فوضى او أضرار بسبب عدم أمره للناس بطاعة الربان او القائد الا يوصف بانه جانب الحكمة الى السفه ثم ما فائدة تعيينه للقائد الاقدر ان لم يأمر الناس بطاعته 
لا اظن ان عاقلاً حكيماً سيقول غير هذا ( يجب تعيين قائد ويجب ان يكون لديه او ان يزود بكل ما يحتاج من العلم ويجب ان يُأمر الذين يقودهم بطاعته )
وهذا موجود في القرآن فمع اول خليفة لله سبحانه في ارضه وضع هذا القانون وهو قانون معرفة خليفة الله وحجته على عباده بل هو قانون معرفة الله لان بمعرفة خليفة الله يعرف الله
فتعيين الامام والقائد وخليفة الله في قوله تعالى :
(وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ) (البقرة:30)
وكون هذا الخليفة هو الأعلم في قوله تعالى: (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (البقرة:31) 
والامر بطاعة هذا الخليفة في قوله تعالى : (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) (الحجر:29) 
بل ومن يرجع للتوراة والانجيل سيجد نصوصاً كثيرة تنطبق تماما مع النص القرآني في بيان ان قانون معرفة خليفة الله او قانون معرفة الله هو هذه الامور الثلاثة التي بينتها .
فمن هو وصي رسول الله ومن هو اعلم الناس بعد رسول الله ومن الذي أمرَ رسول الله بأمرِ الله الناس بطاعته ، يجب ان يكون هناك شخصاً فيه هذه الامور الثلاثة والا فمن يقول بعدمه يتهم الله سبحانه وتعالى بمجانبة الحكمة
اقول مَنْ ؟ وادع الجواب لمن أسألهم وعسى ان ينصف الناس انفسهم بالجواب الحق 

وجدير بنا الالتفات الى ان هناك ومنذ البداية من رفض الانصياع لأمر الله سبحانه وتعالى ورفض ان يكون بينه وبين الله واسطه ورفض ان يكون قبلته الى الله آدم (ع) وهذا الرافض الخبيث هو ابليس لعنه الله (طاووس الملائكة) نعم أؤكد هذا كان من رفض السجود لادم (ع) طاووس الملائكة في حينها ارجو ان يستحضر هذا المعنى كل من يريد الاجابة على السؤال المتقدم قال تعالى (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً) (الكهف:50).
ولعل اشد من تابعوا ابليس في خطاه ورفضوا ان يكون بينهم وبين الله واسطة كما اراد الله ورفضوا ان يكون خليفة الله وحجته على عباده قبلتهم الى الله هم الوهابيون بل انهم تجاوزوا ابليس لعنه الله امامهم وقدوتهم في رفض السجود لخليفة الله حيث لم يكتفوا باقتفاء اثر ابليس بل زادوا عليه في بيان بغضهم وحقدهم على خلفاء الله في ارضه ال محمد (ع) فقاموا بهدم أضرحتهم في البقيع في المدينة المنورة ( وما نورها الا لان محمد وال محمد (ع) دفنوا فيها ) واتموا حقدهم في سامراء ويدعون بهذا انهم يريدون التوحيد ونبذ الشرك 
انظروا ايها المنصفون بعين الحق وليكن القرآن ميزانكم ستجدون ان الشرك الذي يدعي هؤلاء نبذه هو سجود الملائكة لآدم (ع) وستجدون ان التوحيد الذي يدعي هؤلاء طلبه هو رفض ابليس لعنه الله السجود لآدم (ع) .
هكذا هم بحسب عقيدتهم ابليس لعنه الله سيد الموحدين لانه رفض السجود لغير الله ، بل وبحسب عقيدتهم الفاسدة فإن الملائكة مشركون لأنهم سجدوا لغير الله 

ولكن ايضا ليس الوهابيون هم متفردون بهذا المنهج من الجهل وانكار حجة الله ونصب العداء والبغض لآل محمد (ع) فقد سبقهم في هذه الامة كثير كالامويين والعباسيين وغيرهم و قتلوا ال محمد (ع) باسمهم وبسيفهم، فيزيد لعنة الله يدعي انه خليفة الرسول محمد (ص) ويقتل الحسين(ع) باسم الرسول (ص) وهكذا فعل بنو العباس رغم ان الائمة (ع) حجج الله قد جاءوا بالامور الثلاثة المتقدمة التي مثلت قانوناً الهياً لمعرفة حجة الله .
واليوم تعاد نفس الفصول وبأخبث السبل فمنهج الهدم والحرق والقتل والتمثيل وكل سبل النواصب الخبيثة قد مارسها ورثتهم اليوم من يسمون انفسهم جند المرجعية نعم المرجعية النائبة عن الامام المهدي (ع) تماما كخلافة يزيد لعنه الله للرسول محمد (ص) ، نفس الفصول ونفس الجرائم ونفس الادعاءات ونفس الطرق فالحسين ابن رسول الله (ص) كان بالامس عدو الاسلام عند اهل العراق وقد خرجوا بأجمعهم لقتاله نعم لانه في نظرهم خارج على خليفة الرسول محمد(ص) يزيد ابن معاوية لعنه الله 
واليوم نفس الشيء والله الذي لا اله الا هو لم يتغير شيء اللهم الا ان يكون اليوم الامر اوضح لان لهم سنة بمن سبقهم فكان المفروض ان ينتفع بها الناس ويعتبروا بها فلا يعيدوا نفس الكرة ولكن هيهات الا ان يعيدوا سنة ابائهم ويقتفوا اثارهم فيكونوا مصداقا لقول الامام (ع) ( لانهم رضوا بفعل ابائهم في قتلهم الحسين (ع)) . ………)) من خطبة الجمعة للسيد احمد الحسن بتأريخ21/3/2008
إذن فالشيعة اليوم أنكروا اغلب الثوابت التي اقرها أهل البيت (ع) والتي في مقدمتها التنصيب الإلهي واستبدلوها بالانتخابات وتنازلوا عن تشريعاتهم واستبدلوها بعلوم الأصول مبتدعين تقليدا أعمى ونواب باطلين وتنازلوا عن دستور القرآن واستبدلوه بالدساتير الوضعية العلمانية المستوردة وغيرها من انحرافات كثيرة .. بعد هذا من كيف يستمدون الشيعة القدرة عن الدفاع عن  ثوابت أنكرها فقهائهم سلفا ولا يكون هذا إلا إذا عادوا لأصل الشريعة المحمدية الشريفة ونصروا الحق ولو بالتضحيات الجسام ..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى