بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد الائمة و المهديين و سلم تسليماً كثيراً
سلسة من حلقات تبين ما ورد في بعض تفاسير المسلمين وما جاء عن قائم ال محمد السيد احمد الحسن ع في تفسير بعض الايات القرآنية المباركة يتبين من خلالها العلم الذي يحمله هذا الرجل الطاهر.
و سأبدأ اولاً بما ورد في كتب التفسير ومن ثم اورد ما جاء عن السيد احمد الحسن (ع) واترك الحكم للقاريء الكريم.
الحلقة الثانية والعشرون
(وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) (الزمر:74).
و كما تعودنا سابقاً سنبدأ من تفسير الميزان للسيد محمد حسين الطباطبائي:
قوله تعالى: ” وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض ” إلى آخر الآية. القائلون هم المتقون والمراد بالوعد ما تكرر في كلامه تعالى وفيما أوحي إلى سائر الأنبياء من وعد المتقين بالجنة قال: ” للذين اتقوا عند ربهم جنات ” آل عمران: 15 وقال: ” إن للمتقين عند ربهم جنات النعيم ” القلم: 34، كذا قيل، وقيل: المراد بالوعد الوعد بالبعث والثواب.
ولا يبعد أن يراد بالوعد الوعد بإيراث الجنة كما في قوله: ” أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون ” المؤمنون: 11 ويكون قوله: ” وأورثنا الأرض ” عطف تفسير لقوله ” صدقنا وعده “.
وقوله: ” وأورثنا الأرض ” المراد بالأرض – على ما قالوا – أرض الجنة وهي التي عليها الاستقرار فيها وقد تقدم في أول سورة المؤمنون أن المراد بوراثتهم الجنة بقاؤها لهم بعد ما كانت في معرض أن يشاركها غيرهم أو يملكها دونهم لكنهم زالوا عنها فانتقلت إليهم.
وقوله: ” نتبوء من الجنة حيث نشاء ” بيان لايراثهم الأرض، وتبديل ضمير الأرض بالجنة للإشارة إلى أنها المراد بالأرض. وقيل: المراد بالأرض هي أرض الدنيا وهو سخيف إلا أن يوجه بأن الجنة هي عقبى هذه الدار قال تعالى: ” أولئك لهم عقبى الدار ” الرعد: 22. والمعنى وقال المتقون بعد دخول الجنة: الحمد لله الذي صدقنا وعده أن سيدخلنا أو أن سيورثنا الجنة نسكن منها حيث نشاء ونختار – فلهم ما يشاؤن فيها -.
تفسير الميزان – السيد الطباطبائي ج 17 ص 298.
اما الشيخ الطوسي رحمه الله في تفسيره التبيان فيقول:
ثم حكى تعالى ما يقول أهل الجنة إذا دخلوها، فإنهم يقولون اعترافا بنعم الله عليهم (الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض) يعنون ارض الجنة. وقيل: ورثوها عن أهل النار، وقيل: لما صارت الجنة عاقبة أمر هم كما يصير الميراث، عبر عن ذلك بأنه أورثهم وقوله (نتبوء من الجنة حيث نشاء) معناه نتخذ متبوءا أي مأوى حيث نشاء، وأصله الرجوع من قولهم: باء بكذا أي رجع به.
تفسير التبيان – الشيخ الطوسي ج 9 ص 51.
اما ما ورد من كتب ابناء السنة فنورد اولاً ما جاء في تفسير ابن كثير:
” وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده ” أي يقول المؤمنون إذا عاينوا في الجنة ذلك الثواب الوافر والعطاء العظيم والنعيم المقيم والملك الكبير يقولون عند ذلك ” الحمد لله الذي صدقنا وعده ” أي الذي كان وعدنا على ألسنة رسله الكرام كما دعوا في الدنيا ” ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد ” ” وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق ” ” وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور * الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب ” وقولهم ” وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين “. قال أبو العالية وأبو صالح وقتادة والسدي وابن زيد أي أرض الجنة فهذه الآية كقوله تعالى ” ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون ” ولهذا قالوا ” نتبوأ من الجنة حيث نشاء ” أي أين شئنا حللنا فنعم الاجر أجرنا على عملنا.
تفسير ابن كثير ج 4 ص 73.
و كذلك ما ورد في تفسير الرازي
(وأورثنا الأرض) * والمراد بالأرض أرض الجنة، وإنما عبر عنه بالإرث لوجوه الأول: أن الجنة كانت في أول الأمر لآدم عليه السلام، لأنه تعالى قال: وكلا منها رغدا حيث شئتما) * (البقرة: 35) فلما عادت الجنة إلى أولاد آدم كان ذلك سببا لتسميتها بالإرث الثاني: أن هذا اللفظ مأخوذ من قول القائل: هذا أورث كدا وهذا العمل أورث كدا فلما كانت طاعتهم قد أفادتهم الجنة، لا جرم قالوا * (وأورثنا الأرض) * والمعنى أن الله تعالى أورثنا الجنة بأن وفقنا للإتيان بأعمال أورثت الجنة الثالث: أن الوارث يتصرف فيما يرثه كما يشاء من غي منازع ولا مدافع فكذلك المؤمنون المتقون يتصرفون في الجنة كيف شاءوا وأرادوا، والمشابهة علة حسن المجاز فإن قيل ما معنى قوله * (حيث نشاء) * وهل يتبوأ أحدهم مكان غيره؟ قلنا يكون لكل أحد جنة لا يحتاج معها إلى جنة عيره، قال حكماء الإسلام: الجنات نوعان، الجنات الجسمانية والجنات الروحانية فالجنات الجسمانية لا تحتمل المشاركة فيها، أما الروحانيات فحصولها لواحد لا يمنع من حصولها للآخرين.
تفسير الرازي ج 27 ص 23.
أما ما جاء في كتاب المتشابهات في الجزء الرابع للسيد احمد الحسن (ع):
س / قال تعالى: (وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) (الزمر:74).
هل الأرض المذكورة في هذه الآية هي ارض الجنة؟.
ج / بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وال محمد الأئمة والمهديين
الأرض:- هي هذه الأرض، والذين ورثوها هم: خلفاء الله في أرضه، وهم الأوصياء والأنبياء والمرسلون (ع)، ومن تابعهم وارتقى معهم إلى مقاماتهم العالية، في كل السماوات الستة الملكوتية والسابعة الكلية.
والله هو مالك الأرض، ولذلك قالوا أورثنا الأرض، أي استخلفنا فيها، فجعلنا خلفاءه في أرضه.
اما الجنة:- فهي في هذه الآية: يُراد بها الجنات الملكوتية، والجنة النورية في السماء السابعة. فهم (ع) لهم مقعد صدق في كل جنة ملكوتية، وفي الجنة النورية. ولذلك قالوا: نتبوأ من الجنة حيث نشاء، فالآية تذكر نعمتين هما: (وراثة الأرض) و كونهم خلفاء الله في أرضه. والنعمة الثانية هي ان (لهم مقام في كل الجنات، يتبوءون منها حيث يشاءون).
والنعمتين مترابطتين، لأنه لا يكون خليفة الله في أرضه حتى يتم عقله ، ولا يتم عقله حتى يرتقى إلى السماء السابعة الكلية (سماء العقل).
والوراثة:- تكون من سابق، والجنة لا سكان سابقين غادروها ليرثها الإنسان عنهم، ولكن الأرض التي نحن عليها، لها سكان سابقين سبقوا بني ادم، وكذلك كل وصي وخليفة لله في أرضه، سبقه خليفة لله في أرضه فورثها عنه.
ويبقى ان نفهم:- ان التبوء من الجنة حيث يشاءون سابق على وراثة الأرض، كما انه لاحق لها، حيث أنهم لا يكونون خلفاء الله في أرضه ويرثون الأرض، إلا إذا كانوا يتبوءون من الجنة حيث يشاءون، أي ان لهم وجود في كل سماء، حتى السماء السابعة الكلية (سماء العقل)، فلا يبعث نبي حتى يتم عقله، أي يكون له مقام في (السماء السابعة) او (الجنة النورية).
………………
– قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (ما قسم الله للعباد شيئا ” أفضل من العقل، فنوم العاقل أفضل من سهر الجاهل، وإقامة العاقل أفضل من شخوص الجاهل ولا بعث الله نبيا ” ولا رسولا ” حتى يستكمل العقل، ويكون عقله أفضل من جميع عقول أمته) الكافي ج 1 ص 12
المتشابهات – السيد احمد الحسن ع ج 4.