بسم الله الرحمن الرحيم
الحلقة الثامنة
اللهم صل على محمد وال محمد الائمة و المهديين و سلم تسليماً كثيراً
سلسة من حلقات تبين ما ورد في بعض تفاسير المسلمين وما جاء عن قائم ال محمد السيد احمد الحسن ع في تفسير بعض الايات القرآنية المباركة يتبين من خلالها العلم الذي يحمله هذا الرجل الطاهر .
و سأبدأ اولاً بما ورد في كتب التفسير ومن ثم اورد ما جاء عن السيد احمد الحسن (ع) و اترك الحكم للقاريء الكريم .
قال تعالى : (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ) (العصر:1-2).
ننقل اولا ما جاء في تفسير الميزان للسيد محمد حسين الطباطبائي
قوله تعالى : ” والعصر ” إقسام بالعصر والأنسب لما تتضمنه الآيتان التاليتان من شمول الخسران للعالم الانساني إلا لمن اتبع الحق وصبر عليه وهم المؤمنون الصالحون عملا ، أن يكون المراد بالعصر عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو عصر طلوع الاسلام على المجتمع البشري وظهور الحق على الباطل .
وقيل : المراد به وقت العصر وهو الطرف الأخير من النهار لما فيه من الدلالة على التدبير الربوبي بإدبار النهار وإقبال الليل وذهاب سلطان الشمس ، وقيل : المراد به صلاة العصر وهي الصلاة الوسطى التي هي أفضل الفرائض اليومية ، وقيل الليل والنهار ويطلق عليهما العصران ، وقيل الدهر لما فيه من عجائب الحوادث الدالة على القدرة الربوبية وغير ذلك . وقد ورد في بعض الروايات أنه عصر ظهور المهدي عليه السلام لما فيه من تمام ظهور الحق على الباطل .
قوله تعالى : ” إن الانسان لفي خسر ” المراد بالانسان جنسه ، والخسر والخسران والخسار والخسارة نقص رأس المال قال الراغب : وينسب ذلك إلى الانسان فيقال : خسر فلان وإلى الفعل فيقال : خسرت تجارته ، انتهى . والتنكير في ” خسر ” للتعظيم ويحتمل التنويع أي في نوع من الخسر غير الخسارات المالية والجاهية قال تعالى : ” الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين ” الزمر 15 .
تفسير الميزان – السيد الطباطبائي ج 20 ص 355 و ما بعدها .
أما ماجاء في تفسير التبيان للشيخ الطوسي رحمه الله :
بسم الله الرحمن الرحيم . ( والعصر ( 1 ) إن الانسان لفي خسر ( 2 ) إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ) ( 3 ) ثلاث آيات . هذا قسم من الله تعالى بالعصر .
قال ابن عباس : المراد بالعصر – ههنا – الدهر . وهو قول الكلبي . وقال الحسن وقتادة : هو العشئ وكلاهما فيه العبرة من جهة مرور الليل والنهار . وأصل العصر عصر الثوب ونحوه ، وهو فتله لاخراج مائه ، فمنه عصر الدهر ، لأنه الوقت الذي يمكن فتل الأمور كفتل الثوب .
قال العجاج : عصرا وحضنا عيشة المعذلجا . أي الناعم ،
وقال في العشي : يروح بنا عمر وقد قصر العصر * وفي الروحة الأولى الغنيمة والاجر
وبه سميت العصر ، لأنها تعصر بالتأخير ، والعصارة ما يعتصر من العنب .وغيره ، و ( المعصرات ) السحائب التي تنعصر بالمطر . والاعصار غبار كالعمود يصعد إلى السماء . والعصر الالتجاء إلى الملجأ . والعصر الجارية التي قد دنا بلوغها لأنه عصر شبابها ، وانعصار ماء الشباب منها . والاعتصار استخراج المال من الانسان ، لأنه ينحلب كما ينحلب ما يعصر . والعصران الغداة والعشي ، والعصران الليل والنهار . قال الشاعر :
ولن يلبث العصران يوم وليلة * إذا طلبا ان يدركا ما تيمما .
وقوله ( إن الانسان لفي خسر ) جواب القسم . وفيه اخبار من الله أن الانسان يعنى الكافر ( لفي خسر ) أي لفي نقصان بارتكاب المعاصي وكفره بالله والخسر هلاك رأس المال للانسان وبارتكاب المعاصي في هلاك نفسه خسران ، وهو أكبر من رأس ماله .
تفسير التبيان – الشيخ الطوسي ج 10 ص 404 و ما بعدها .
أما من كتب السنة فننقل ما ورد في تفسير ابن كثير :
بسم الله الرحمن الرحيم ( والعصر ( 1 ) إن الانسان لفي خسر ( 2 ) إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ( 3 ))
العصر : الزمان الذي يقع فيه حركات بني آدم من خير وشر وقال مالك عن زيد بن أسلم هو العصر والمشهور الأول فأقسم تعالى بذلك على أن الانسان لفي خسر أي في خسارة وهلاك (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات) فاستثنى من جنس الانسان عن الخسران الذين آمنوا بقلوبهم وعملوا الصالحات بجوارحهم ” وتواصوا بالحق ” وهو أداء الطاعات وترك المحرمات (وتواصوا بالصبر) أي على المصائب والاقدار وأذى من يؤذي ممن يأمرونه بالمعروف وينهونه عن المنكر . آخر تفسير سورة العصر ولله الحمد والمنة .
تفسير ابن كثير ج 4 ص 585 .
ثم ننقل ما جاء عن يماني ال محمد (ص) في كتاب المشابهات :
س/ ما معنى قوله تعالى : (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ) (العصر:1-2)
أمير المؤمنين علي (ع) فهو الإنسان وهو في خسر نسبة إلى محمد (ص) فمقام الرسول (ص) أعلى وأعظم من مقام الإمام علي (ع) ، فالرسول محمد (ص) هو مدينة الكمالات الإلهية في الخلق أو مدينة العلم وعلي (ع) هو الباب والرسول (ص) صاحب المقام المحمود وصاحب مقام ألقاب قوسين أو أدنى وهو (ص) من فتح له مثل سم الإبرة وأخذ يخفق بين الحق والخلق وأمير المؤمنين (ع) دون هذه المرتبة وقد قال (ع) (لو كشف لي الغطاء لما ازددت يقيناً) أي غطاء وحجاب اللاهوت الذي كشف لمحمد (ص) .
المتشابهات – السيد احمد الحسن ع ج 3 .
و لتتم الفائدة و تكتمل الصورة ننقل جواب اخر في الجزء الرابع من المتشابهات
س / في (المتشابهات) في تفسير سورة العصر قلت : أن الإنسان علي بن أبي طالب (ع) ، وهو في خسر نسبةً إلى رسول الله (ص) . ولكن كيف يستثني الذين آمنوا ، وهذا يشعر انهم أفضل من علي (ع) بحسب ما بينت أنت ؟! .
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد وال محمد الأئمة والمهديين
القرآن كله في الفاتحة ، والفاتحة في البسملة ، والبسملة في الباء والباء في النقطة .
أي إن القرآن كلما ارتقينا إلى الله سبحانه وتعالى قل تفصيله ، لقلة الجزئيات والمتنافيات ، كلما ارتقت العوالم الملكوتية ، حتى تصل إلى النور والكليات : فيكون القرآن نور كلي .
وما بينتـُهُ عن سورة (والعصر) : هو في مرتبة عالية من القرآن ، حيث لا وجود لغير محمد وعلي وفاطمة (ع) ، (وعلي وفاطمة (ع) نور واحد) ، فلا وجود لغيرهم ، فيكون تمام السورة في ذلك العالم هو : (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ) (العصر:1-2) . هذه هي سورة العصر في : ذلك العالم العلوي ، فلا وجود لبقية السورة في ذلك العالم ، وهو (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) (العصر:3) . ليكون لهذا الاعتراض وجه.
أما في هذا العالم :- فالإنسان هو جنس الإنسان ، أي أن الإنسان بسبب وجوده في العالم الجسماني ، ففي خسر وتسافل ، إلا إذا آمن بولي الله في زمانه وعمل معه . (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) .
المتشابهات – السيد احمد الحسن ع ج 4