أخبار الدعوة اليمانية

سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ!! هلاك علي الشكري

بقلم د. موسى الأنصاري
كثيراً ما سمعنا عن سياسة الكيل بمكيالين ودندن بها الساسة كثيرا واستنكروها ورأوا أنها سياسة لا أخلاقية ذاك أن منطق المحاباة الجائر يبدو واضحا ظاهرا فيها ، ولكن يبقى مثل هذا الأمر في ساحة السياسة الدنيوية مقبولا مادامت تلك الساحة مبنية على صراع القوى ، والأقوى هو من يفرض منطقه على الأضعف فيها ، ولا وجود فيها لقيمومة الدليل ، أو الاحتكام لمبادئ العدالة وغيرها من المصطلحات التي تجعل الجميع أمام النص القانوني متساوين ولا رأس يعلو على آخر إلا بالحق ، ولذلك صار مستساغاً الحديث عن تلك السياسة في ساحة العمل السياسي ، أما أن ينتقل هذا الفايروس الذي قبلته الساحة السياسية قبول المخير بين الموت والحمى فاختار الحمى على الموت ، إلى ساحة المؤسسات الدينية التي تدعي أنها تنهج نهجا إلهيا يلزمها بأن تستند إلى منطق الحق والعدل في كل ما يصدر عنها ويرد إليها لهو من العجيب فعلا وحقا ؛ بل الأعجب منه أن ترى رؤوس تلك المؤسسات وأذيالها يختزلون كل الدرجات إليها فيهم ولا يتركون لمن سواهم غير الدركات على الرغم من أنهم يخضمون مال الله سبحانه وتعالى خضم البعير بقلة الربيع!! فهم كما يصف المثل المصري القائل (كالمنشار صاعد واكل نازل واكل) فحبسوا عطايا السماء عليهم ، واحتازوا الدنيا إلى ساحتهم وبقيت تلك الدهماء الذين تتبعهم رهن حالة الاستلاب ، وتحت وطأة المعاناة فلا هم من أهل الآخرة فيعضون عليها بالنواجذ ، ولا هم من أهل الدنيا فيعملون لها ، وصار حالهم حال المستجير من الرمضاء بالنار ، ذاك أنهم وضعوا ثقتهم بأناس توهموا أنهم صالحين ، وإذا بهم يفاجؤون بأنهم سالحين قد أبطنتهم الدنيا ، وراحوا يلبسون الدين لبس الفرو مقلوبا!!!
نعم ليس بالموت شماتة ، ولكن فيه عبرة لمعتبر ، ووقفة يتأمل فيها المرء حال المآل والمنقلب ، فيروى عن سبط رسول الله(ص) الإمام الحسن(ع) أنه مر على ميت يدرج في لحده فقال (ص) : دنيا هذا آخرها حقيق أن يزهد فيها ، وآخرة هذا أولها حقيق أن يُخشى منها . ولكن هذا المنطق الحكيم لم يعد موجوداً في ساحة شخوص حوزة يُفترَض أنها أسست على ـ كما يزعم القائمون عليها ـ للدفاع عن منهج أهل البيت(ص) ، ففي كل يوم يخرج لنا صوت من هذه الحوزة يفاجئنا بل ويدهشنا بمنطق هو أبعد ما يكون عن منطق الساحة السياسية (الكيل بمكيالين) فضلا على أن يكون منطقا فيه ولو رائحة دين ، حتى ولو كان ذاك الدين وضعيا من وضع بوذا أو زرادشت!!!
في حادث مرعب هلك فيه أحد المتاجرين بقضية الحسين(ص) على المنابر وما أكثرهم هذه الأيام ، فقضية الحسين(ص) تحولت من بناء فكري وعقائدي عظيم للثورة على الطاغوت والانتصار لحاكمية الله ، إلى موسم سياحي تنتعش به السياحة الدينية ـ بزعمهم ـ وموسم اقتصادي تنتظره ثعالب السوق وضباع الحوزات وغربانها ، والبضاعة هي دم الحسين(ص) وأهل بيته وأصحابه الكرام البررة!! هذا الهالك اسمه (الشيخ علي الشكري) الذي صعد على منبر جامع الأبلة في البصرة ليلة التاسع من محرم الحرام سنة 1432هـ ق ليسخر من كلمات الله وعلى منبر ينبغي أن يكون قد أسس لنصرة كلمات الله!! صعد هذا الهالك المنبر وراح يستهزئ بالرؤيا وكونها دليل يشخص مصداق داعي الحق ، وكونها شهادة الله سبحانه لذلك الداعي ، ليحولها هذا الخطيب الهالك إلى ساحة للسخرية والاستهزاء من دون أن يجد له رادعا من حوزته الطينية أما ضميره فهو معروف ممن لا ضمير له فيخزه عندما يتجاوز ساحة الحق ، ولم يكتف هذا الشكري الهالك بذلك بل راح يتساءل باستخفاف : هل الرؤيا دليل ، حجة؟؟!! آتوني بكتاب يقال فيه أن مصادر التشريع هي القرآن والسنة والعقل والإجماع والرؤيا؟؟؟!! واستمر بهذه الطريقة التي بنفس منطقها قتل الحسين(ص) في طف العاشر من محرم عام 61هـ ق ، فكذلك الذين قتلوا الحسين(ص) كانوا يسخرون من كل دليل إلهي يعرضه لهم الحسين(ص) وهو في موضع التبليغ والاحتجاج عليهم ، ولكن رب سائل يسأل : ما الذي حمل هذا الشكري على قول ما قال؟؟!! الجواب يأخذه من فم الشكري الهالك : الحسد لداعي الحق يماني آل محمد الإمام أحمد الحسن(ص)!! لقد غاضهم أن يظهر لهم رسول من الإمام المهدي(ص) في زمن بدؤوا يتنفسون به الدنيا وزخرفها وزينتها ، في زمن صار لا صوت يعلو على صوتهم ، في هذا الزمن وفي تلك المرحلة الحرجة من حياة الأمة يظهر صوت معارض يقف لوحده منافحا ومدافعا عن مبادئ الحق والصدق والرحمة ، وفاضحا لتلك المؤسسة الدينية التي كان وما يزال ـ للأسف ـ الكثير من الناس المغيبة تظن فيها ظنا حسناً!! ولكن اليوم لا يظن فيها هذا الظن غير من رضي أن يبقى في ساحة الغفلة نائما على الرغم من أن شمس الحقيقة كشفت كل ما كان مستوراً .
وليس بين تطاول هذا الشكري وبين هلاكه غير مدة قصيرة ستة أيام حسب أمهله الله سبحانه فيها لعله يرجع عن غيه ، ولكنه أبى إلا أن يرى ما رأى من قبله ذلك السائل الذي سأل بعذاب واقع ، والحال لا يتوقف هنا عزيزي القارئ بل يتعداه لما سيأتي من خبر مفاده : أن من صلى على هذا الهالك هو ما يسمى بـ(آية … محمد السند) ومعروف هذا الشخص وهو من مهد للهالك الشكري ومعه كمال الحيدري الفرص ليتجول في دول الخليج خطيبا ، ويالها من فرص للسياحة الدينية والكسب المادي ، ويشاء حال الهالك الشكري أن يصلي عليه من أورده موارد الهلكة ، فكان السند في بدايته شاهدا ، وفي نهايته شاهدا ، ولكن اسمعوا لشهادة السند في الشكري بعدما صلى عليه ، حيث قال لمن صلى على الشكري ، [رأيت رؤيا بالشيخ الشكري وهو يرتدي عمامة سوداء في ضريح الإمام الحسين(ص)] وعقب السند على رؤياه تلك قائلا : وهذا يعني أن للشيخ مقاما!!! رأيتم السند يعترف بلسانه وأمام من حضر جنازة الهالك الشكري بأن الرؤيا حق وكاشفة عن المقام أيضاً!!! سبحان الله السند يرى رؤيا تبين مقام من استهزأ بالرؤيا!!! هل هناك مفارقة أعظم من تلك المفارقة يا حوزويون؟؟؟!!!
الشكري الذي على منبر عاشوراء استهزأ بالرؤيا كثيراً وسفهها ، وربما أضحك سامعيه عليها ، تكون هي نفسها ـ بحسب ما يروي السند ـ كاشفة لمقام من يستهزئ بها!!! نعم ، ولم لا ، فنحن لا جرم في آخر الزمان الذي وصفه آل محمد(ص) بقولهم (في آخر الزمان يكاد لا يُرى عاقل)!! فمن أين يا محمد السند تربون الناس على إنكار الرؤيا وتحثونهم على الاستهزاء بها وتسفيهها ، ومن أين تعدونها كاشفة عن المقام الرفيع؟؟؟؟!!!! ذاك أن علي الشكري هو تربية محمد السند وكمال الحيدري اللذان ما فتئا يسخران بالخفاء والعلن من كون الرؤيا دليلاً يشخص به المصداق الحق ، فكيف صارت اليوم لديك الرؤيا حجة يا محمد السند؟؟؟!! ما هذا المنطق الغريب الذي تستلبون به عقول الناس وتفرغونها من محتواها من خلاله؟؟!! ربما ليس غريبا أن نسمع من ساسة اليوم هذا التناقض لأنهم يصرحون أن السياسة ساحة عهر ، وهم لا يستحون من الاصطباغ بعهرها ولكنكم أنتم نصبتم أنفسكم أدلاء على طريق الله سبحانه وإذا بها المسألة تتبين أن (حاميها حراميها)!!! فهل أصبحت رؤيا محمد السند حجة ، ورؤيا الآلاف من الناس بداعي الحق أحمد الحسن(ص) ليست حجة؟؟؟!!! ما لكم كيف تحكمون؟؟!!
ولعل من المفيد في الختام بيان كيف يستجهل أولئك الناس من دون أدنى وازع من ضمير ـ هذا إن بقي لديهم شيء من ضمير ـ فالسند لم يكتف بقص رؤياه!! لا ، بل عمد إلى تأويلها قائلا : هذا يعني أن للشيخ مقاما!! وذكرني السند برجل جاء إلى الإمام الصادق(ص) وهو مستغرب من رؤيا رآه في الشيخين ؛ حيث رأى ملاكاً هبط من السماء على هيأة طائر وبيده قارورة وقام بالأخذ من القارورة والمسح على رقبتي الشيخين!! وظن أن في القارورة عطراً وهنا كان مبعث استغرابه!! فجاءه جواب من اختصه الله سبحانه بتأويل كلامه سواء بالملك أو بالملكوت حيث قال له الإمام الصادق(ص) ليس الأمر كما ظننت فهذه القارورة لم يكن فيها عطرا بل كان فيها دم ، والمسح على رقبتيهما يعني أن كل دم حرام يسفك هو في رقبتيهما . والآن أيها القارئ الكريم لنسأل محمد السند : من أين علمت أن للشكري مقاما ، هل أنت ممن اختصه الله سبحانه بتأويل كلامه الملكوتي؟؟؟!!! هل لديك دليل على أن ما رأيته هو رؤيا ، وليس حلما أو من إلقاء الشيطان ـ كما تعودتم القول دائما ـ أو هو حديث نفس لأن الشكري تلميذك الذي كان صوتك وصوت الحيدري على المنابر التي هيأتموها له؟؟؟!!
ولنفترض أنك صادق فيما رأيت ، ومصيب في تأويلك للرؤيا ـ وإن كان هذا مستحيلا ولكن على قاعدة فرض المحال ليس بمحال ـ فهذا يلزمك أولا : أن الرؤيا حق ، فلماذا تسفهونها على المنابر وتوصون تلاميذكم الخطباء بتسفيهها علنا والاستهزاء منها؟؟؟!! إذن أنتم يا سند ممن ناصب الحق العداء لأنه لا يستهزئ بالحق ولا يسفهه إلا الناصبي ، وهذا يعني أنكم أنتم قتلة الحسين(ص) في هذا الزمان ، وما تفعلونه اليوم هو استرزاق واستجلاب للدنيا بقضية الحسين(ص) ، ولعل السند وكمال الحيدري ومن سار على سبيلهما أن يتعظا مما حصل لتلميذهم علي الشكري فطريقة موته البشعة عظة ، وانتفاخه بعد موته عظة ، وما خرج منه من رائحة نتنة عظة ، وحتى في قبره الذي كان مملوءاً بالذباب عظة ، ونجاة من كان يجلس بجانبه عظة ، وبرؤيا السند له وهو يرتدي عمامة سوداء عظة ، فما أكثر العظات وما أكثر العبر ، ولكن هل سيعتبر من رأى تلك العظات والعبر وعلى رأس أولئك ؛ هل سيعتبر كمال الحيدري والسند؟؟؟!!!
وسيعلم الذين ظلموا آل محمد أي منقلب ينقلبون والعاقبة للمتقين ، ولقد رأيتم بأم أعينكم منقلب الشكري وسوء عاقبته ، وكيف لقي جزاء استهزائه بكلمات الله الملكوتية (الرؤيا) ، وكيف لقي جزاءه بتطاوله على مقام يماني آل محمد(ص) السيد أحمد الحسن وصي ورسول الإمام المهدي(مكن الله له في الأرض)؟؟؟ فهل ستعتبرون؟؟؟ قال تعالى{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}(فصلت/53) .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى