زاوية الأبحاثزاوية العقائد الدينيةعقائد السنة

أزهري يسطر هذه الأدلة الشرعية على جواز التبرك بالأنبياء والصالحين وآثارهم رداً على تقولات الوهابية ج4

أزهري يسطر هذه الأدلة الشرعية على جواز التبرك بالأنبياء والصالحين وآثارهم رداً على تقولات الوهابية ج4 روى البخاري في صحيحه أن رسول اللّـه صلى اللّـه عليه وسلم أمر النساء اللواتي تولين غسل ابنته زينب بعد وفاتها أن يخبرنه بعد فراغهن، فلما فرغن أعطاهن حَقْوه (أي إزاره) ليجعلنه على جسدها ثم بعده الكفن لتنالها بركته صلى اللّـه عليه وسلم ببركة ثوبه.

54- روى الحافظ الزبيدي في شرح الإحياء عن الشعبي قال: حضرت عائشة رضي اللّـه عنها فقالت: ((إني أحدثت بعد رسول اللّـه حدثًا ولا أدري ما حالي عنده فلا تدفنوني معه، فإني أكره أن أجاور رسول اللّـه صلى اللّـه عليه وسلم ولا أدري ما حالي عنده، ثم دعت بخرقة من قميص رسول اللّـه صلى اللّـه عليه وسلم فقالت: ضعوا هذه على صدري وادفنوها معي لعلي أنجو بها من عذاب القبر))ا.هـ.

عائشة رضي اللّـه عنها هي أم المؤمنين وأفقه نساء العالمين وحبيبة الرسول صلى اللّـه عليه وسلم، وقد تبركت به كثيرًا صلى اللّـه عليه وسلم، ومع ذلم فإنها لم تعتبر نفسها مستغنية عن التبرك بآثاره بعد وفاته وعند وفاتها، بل رأت أنها محتاجة لذلك من تواضعها مع أنها مبشّرة بالجنة. ولو كان فعلها هذا من قبيل الشرك كما يزعم المحرومون من البركة، كيف سمّاها في القرءان أمًا للمؤمنين بقوله عزوجل: {النبيّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم} (سورة الأحزاب).

55- روى الحافظ ابن حبان في صحيحه عن أنس بن مالك رضي اللّـه عنه أنه كانت له عصا صغيرة من رسول اللّـه صلى اللّـه عليه وسلم أوصى أن تُدفن معه بين جنبه وكفنه،. وأنس رضي اللّـه عنه لازم الرسول صلى اللّـه عليه وسلم وخدمه عشر سنوات وانتفع به بمسّه ولمسه وتقبيله ومصافحته ومسّ ما كان من ءاثاره، ومع ذلك رأى من النافع والمفيد أن تُدفن معه هذه العصا الصغيرة التي كانت نحو ذراع وأخذها من رسول اللّـه صلى اللّـه عليه وسلم وخبّأهل لتُدفن معه، وما هذا إلا مما فهمه الصحابة من رسول اللّـه صلى اللّـه عليه وسلم أنه يجوز التبرك بآثاره بعد وفاته صلى اللّـه عليه وسلم.

56- روى السمهودي في وفاء الوف والسبكي في شفاء السقام، والقاضي عياض في الشفاء، وابن عساكر في تاريخه، أن بلالا الحبشي مؤذن رسول اللّـه صلى اللّـه عليه وسلم الذي سكن بلاد الشام بعد وفاة الرسول صلى اللّـه عليه وسلم، رأى في المنام رسول اللّـه صلى اللّـه عليه وسلم يقول له: يا بلال ما هذه الجفوة؟ مضى زمان لم نرك، فلما استيقظ من منامه غلبه الشوق، فشدّ رحاله وقصد قبر النبي صلى اللّـه عليه وسلم، ولما وصل صار يمرّغ نفسه بتراب القبر تبركًا، وكان ذلك في خلافة عمر رضي اللّـه عنه فلم يُنكر عليه عمر رضي اللّـه عنه ولا غيره، وجاء إليه الحسن والحسين عليهما السلام فقالا له: نشتهي أن نسمعك أذانك يا بلال، فصعد إلأى المكان الذي كان يؤذّن فيه في زمن رسول اللّـه صلى اللّـه عليه وسلم وبدأ بالأذان.

57- رو البخاري عن عائشة رضي اللّـه عنها أن الرسول صلى اللّـه عليه وسلم كان يقول للمريض: ((بسم اللّـه، تربة أرضنا، برِيقة بعضنا، يُشفى سقيمنا، بإذن ربنا)).

فأرض المدينة المنورة بركة، وهواؤها فيه بركة، وترابها فيه بركة، ولذلك كان الإمام مالك رضي اللّـه عنه يمشي فيها ولا يركب لأن الرسول صلى اللّـه عليه وسلم مدفون فيها، ولأنه كان يرجو أن يصيب بقدميه موضعًا أصابته قدم النبي صلى اللّـه عليه وسلم تبركًا.

وقد قال رسول اللّـه صلى اللّـه عليه وسلم: “اللّـهم اجعل بالمدينة ضعفي ما جعلت بمكة من البركةرواه البخاري في الصحيح.

فمن دخل مدينة رسول اللّـه صلى اللّـه عليه وسلم ليغتنم كل أوقاته في الطاعة وتتبع ءاثار النبي والصحابة الكرام، فإن العلماء الكرام كانوا إذا دخلوها سعوا جاهدين أن ينالوا من عظيم بركاتها، حتى إنهم كانوا يشربون من لبن نوق المدينة يقولون: لعل هذه الناقة أكلت من عشب نبت في أرض داس عليها رسول اللّـه صلى اللّـه عليه وسلم.

وقال العلماء يستحب لزائر المدينة أن يأتي بئر أريس التي روي أن النبي صلى اللّـه عليه وسلم تفل فيها، وهي عند مسجد قباء، فيشرب من مائها ويتوضأ.

كما يستحب أن يأتي الآبار التي كان رسول اللّـه صلى اللّـه عليه وسلم يتوضأ منها ويغتسل فيشرب ويتوضأ وهي سبع آبار. ذكر استحباب ذلك ابن حجر في حاشية الايضاح على مناسك النووي .

58- قال الشافعي رضي اللّـه عنه: ما أعطى اللّـه نبيًا معجزة إلا وأعطى محمدًا مثلها أو أعظم منها. فقيل للشافعي: أعطى اللّـه عيسى إحياء الموتى فقال رضي اللّـه عنه: أعطى محمدا حنين الجذع حتى سمع صوته. فهذا أكبر من ذلك.

فقد جاء عن جابر بن عبد اللّـه أن امرأة من الأنصار قالت: يا رسول اللّـه ألأا أجعل لك منبرًا تقعد عليه؟ فإن لي غلامًا نجارًا، قال: ((إن شئت))، قال: فعملت له منبرًا فلما كان يوم الجمعة قعد على المنبر الذي صنع له، فصاحت النخلة التي كان يخطب عندها حتى كادت تنشق، فنزل رسول اللّـه صلى اللّـه عليه وسلم حتى أخذها فضمها إليه، فجعلت تئن أنين الصبي الذي يُسكّت حتى استقرت، فبكى الحسن وقال: يا معشر المسلمين، الخشبة تحن إلأى رسول اللّـه صلى اللّـه عليه وسلم شوقًا إليه، أفليس الرجال الذيني رجون لقاؤه أحق أن يشتاقوا إليه.

وقال عليه الصلاة والسلام: ((والذي نفسي بيده لو لم ألتزمه لما زال هكذا إلى يوم القيامة)) حُزنًا على رسول اللّـه صلى اللّـه عليه وسلم، ثم أمر به فدُفن.

هذا الجذع الذي حنّ للرسول صلى اللّـه عليه وسلم خلق اللّـه فيه الإدراك والمحبة والشوق لرسول اللّـه صلى اللّـه عليه وسلم فحنّ من شدة الشوق، وكان هذا الجذع في قبلة المسجد.

وحديث حنين الجذع هذا متواتر، وهذا من أعجب المعجزات،ويصح لقائل أن يقول إنها أعجب من إحياء الموتى الذي حصل للمسيح عليه السلام، لأن إحياء الموتى يتضمن رجوع هؤلاء الأشخاص إلى مثل ما كانوا عليه قبل أن يموتوا، أما الخشب فهو من الجماد الذي لم يكن من عادته أن يُظهر صوتًا بإرادة فهو أعجب، وهذ من أظهر المعجزات.

فإن قال مانعو التبرك: إنما أمر الرسول بدفنه كي لا يتبرك الناس به؟!! فالجواب أن هذا الكلام تقوُّلٌ، أي قول بلا دليل، وليس صحيحًا، وإنما أمر بدفنه كي لا يعاود الصراخ بعد ذلك، ومما يثبت ويؤكد أن الصحابة كانوا يتبركون بهذا الجذع كتبركهم بمنبر النبي صلى اللّـه عليه وسلم وبالرمانة القرعاء وهي خشبة مستديرة ملساء توضع على المنبر يضع الخطيب يده عليها، وكانوا يتبركون بقبره الشريف ويضعوا وجوههم وأيديهم تبركًا، أن الصحابي الجليل خالد بن زيد أبا أيوب الأنصاري رضي اللّـه عنه رجع بعد موت الرسول صلى اللّـه عليه وسلم وحفر وأخرج الجذع ووضعه في بيته كما روى ذلك الحافظ ابن حجر العسقلاني، وما ذلك إلا للتبرك بالجذع الذي كان الرسول يستند إليه ويلمسه.

وكذلك يجوز ويصح التبرك بالشبيكة المباركة المعروفة اليوم باسم المواجهة الشريفة، فإن قال مانعو التبرك: هذه الشبيكة لا رءاها الرسول صلى اللّـه عليه وسلم ولا لمسها؟!! فيقال: ولكنها جاورته، وبمجاروتها له صارت مباركة، كما أن جلد الخروف أو (الكرتون) إذا رأيناه في الدكان لا نُقبّله، لكن غذا صار غلافًأ للمصحف يصير مباركًا بمجاورته فنُقبّله، ولكن مَنْ لي بإفهام مَنْ حرمهم اللّـه الفهم السليم والتبرك بسيد العالمين صلى اللّـه عليه وسلم.

59- قال مصعب بن عبد اللّـه حدثني إسماعيل بن يعقوب التيمي قل: كان ابن المنكدر يجلس مع أصحابه فكان يصيبه صمات، فكان يقوم كما هو حتى يضع خده على قبر النبي صلى اللّـه عليه وسلم ثم يرجع فعوتب في ذلك، فقال: إنه يصيبني خطر فإذا وجدت ذلك استعنت بقبر النبي صلى اللّـه عليه وسلم ا.هـ. من كتاب سير أعلام النبلاء للذهبي.

60- في فتح الباري لابن حجر: الإيمان انتشر في المدينة، وكل مؤمن له من نفسه سائق للمدينة لمحبته في النبي اللّـه صلى اللّـه عليه وسلم، فيشمل ذلك جميع الأزمنة، لأنه في زمن النبي صلى اللّـه عليه وسلم للتعلم منه، وفي زمن الصحابة والتابعين وتابعيهم. منقول عن منتدى الأزهريين. 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(صحيفة الصراط المستقيم/عدد 10/سنة 2 في 28/09/2010- 10 شوال 1431هـ ق)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى