زاوية الدعوة اليمانيةزاوية العقائد الدينيةعقائد السنةعقائد الشيعةغير مصنف

هل خليفة الله (ع) ياتي بكل العلوم الدنيوية؟ القسم 2

تبين في الحلقة الاولى من هذا المقال ان العلم الذي يأتي به خليفة الله (ع) الحجة على الخلق ليس العلوم الدنيوية ولا علم الغيب كله حاضرا بل هو العلم الإلهي: العقائد الصحيحة وعلم الحلال والحرام وهو العلم المختص بخليفة الله (ع) وإلا فسائر العلوم الأخرى تكاد لا تكون فيها حجية ولا اختصاص فيها بحجج الله (ع). والدليل عليه ما نراه واقعا فكثير من الملحدين آو أصحاب العقائد الفاسدة تجدهم متفوقين في علوم مثل الرياضيات او الفيزياء او الطب وما شاكل.

وأما إذا اقتضت الحكمة أن يظهر الله إعجازه بخليفته (ع) فيقع بإذن الله. فخليفة الله اذا شاء ان يعلم دعا الله أن يعلمه فيعلم كما ورد عنهم عليهم السلام:

عن أبي الربيع الشامي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الإمام إذا شاء أن يعلم علم. بصائر الدرجات: 89، الاختصاص: 284.

عمران بن موسى عن موسى بن جعفر عن عمرو بن سعيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا أراد الإمام أن يعلم شيئا أعلمه الله ذلك. بصائر الدرجات: 91 فيه: (علمه الله ذلك) الاختصاص: 285 و 286

وكذلك وردت روايات عنهم عليهم السلام تبين ان المعصوم (ع) يزداد علما في الكافي – ج 1 (ص) 254 باب لولا إن الأئمة عليهم السلام يزدادون لنفد ما عندهم:

عن صفوان بن يحيى قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: كان جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: لولا أنا نزداد لانفدنا.

وعن ذريح المحاربي قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: لو لا أنا نزداد لانفدنا. فعن صفوان بن يحيى قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: كان جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: لولا أنا نزداد لانفدنا. نفس المصدر السابق.

وعن محمد بن سليمان الديلمي، عن أبيه قال (سألت أبا عبد الله  عليه السلام فقلت له: سمعتك وأنت تقول غير مرة: لولا أنا نزداد لانفدنا فقال: أما الحلال والحرام فقد أنزل الله على نبيه صلى الله عليه واله بكماله وما يزاد الامام في حلال ولا حرام، قلت له: فما هذه الزيادة؟ فقال: في سائر الاشياء سوى الحلال والحرام…..) بصائر الدرجات: 116، الاختصاص: 313.

فالإمام ع أو خليفة الله ع لا يكون علم لا جهل فيه ـ ولكن ليس يعني هذا أن الإمام (ع) يجهل أي لا يعلم ثم يعلم فهذا خطأ ـ ولكن لان العلم الذي لا جهل فيه والنور الذي لا ظلمة فيه هو اللاهوت المطلق ومن ينسب مخلوق إلى علم لا جهل فيه ونور لا ظلمة فيه فهو يقول بتعدد اللاهوت المطلق سبحانه وتعالى.

والعلم الذي لا جهل فيه هو اللاهوت المطلق ولا يشاركه في هذه الصفة المخلوقون:

عن هشام بن سالم، قال: (دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال لي: أتنعت الله؟ فقلت: نعم، قال: هات، فقلت: هو السميع البصير، قال: هذه صفة يشترك فيها المخلوقون قلت: فكيف تنعته؟ فقال: هو نور لا ظلمة فيه، وحياة لا موت فيه، وعلم لا جهل فيه، وحق لا باطل فيه. فخرجت من عنده وأنا أعلم الناس بالتوحيد). التوحيد – الشيخ الصدوق – (ص) 146، بـ 11 ح14

وربما يكون هناك فائدة أن نعرف المعنى الصحيح وكيف يستزيد المعصوم (ع) علما.

ورد في المتشابهات للإمام احمد الحسن (ع) سأله سائل: ـــ سؤال/ 157:كيف يستزيد المعصوم من العلم كما هو وارد عنهم (ع)؟ وهل هو يجهل ثم يعلم؟ ـــ الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين إذا كان المراد أنه يجهل بمعنى لا يعلم ثم يعلم فلا، وهذا خطأ، لكنه يدرك ما أودع في عقله التام بالله سبحانه وتعالى، حيث إنه (ع) محجوب بالجسد عند نزوله إلى عالم الأجسام في هذه الدنيا للامتحان، أي كما أنه محتاج إلى الله سبحانه وتعالى ليوصل قطرة الدم التي أودعها الله في قلبه إلى أطراف جسمه، كذلك هو محتاج لله ومفتقر إلى الله سبحانه وتعالى ليوصل له العلم الذي أودعه في عقله التام إلى نفسه في هذا العالم، أي إنه يعلم ويزداد علماً مما أودع في عقله التام، أي وجوده في بيت الله (المقامات العشرة، عشرة الإيمان)، أي إنه يزداد علماً من علمه المكنون المخزون في قلبه أو عقله التام، (وليس العلم في السماء ولا في الأرض، ولكنه في الصدور فاستفهم الله يفهمك).

فـ (الجامعة) و (الجفر) و (مصحف فاطمة) كلها علم وليست هي العلم، بل العلم هو ما يحدث في كل ساعة، وهو من المعصوم وإلى المعصوم، (… وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)  البقرة: 282.

فالإمام (ع) حجة الله على جميع الخلق والله سبحانه وتعالى اجل من ان يفترض طاعة من يحجب عليه علم ما يحتاجون ولكن القانون الإلهي الذي وضعه سبحانه للتعرف على صاحب الحق وتمييزه من مدعي الباطل هو: ـ النص أو الوصية ـ العلم بالكتاب ـ والدعوة لحاكمية الله.

وهذا ما يأتي به الإمام (ع) وهذا ما يعرف به الإمام (ع) ! وأما غير ذلك من العلوم فهو فضل كما وصف ذلك رسول الله (ص) ولخليفة الله (ع) ان يكتسبها حسب الحاجة والحكمة بإحدى الطرق التي سخرها الله له ومنها أن يسأله سبحانه وتعالى أن يعلمه إن شاء أو يسعى في تعلمها بأسبابها الطبيعية ما لم يكن في إجرائها على نهج خارق للعادة حكمة! كتعلم رسول الله ص التجارة وعيسى ع النجارة مثلا.

فالقول في العلوم الدنيوية كالقول في المعجز: خليفة الله (ع) يعمل ويكد بيده ويتعلم الحرفة آو الصناعة التي يعالج بها معاشه ويتناول الطعام بيده وينام ووو….. ولا يجري كل هذه الأمور على نحو المعجز أي الخارق للعادة بل يتناول فيها بالأسباب التي جعلها الله للبشر ليقوموا بها أو يكتسبوها.

(وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً) (الفرقان: 7)

((وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً * وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءنَا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْ عُتُوّاً كَبِيراً * يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَّحْجُوراً * وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً)) الفرقان (20 -23)

عن الرضا (ع): (إن الإمام مؤيد بروح القدس وبينه وبين الله عمود من نور يرى فيه اعمال العباد وكلما احتاج إليه لدلالة اطلع عليه ويبسطه فيعلم ويقبض عنه فلا يعلم والامام يولد ويلد ويصح ويمرض ويأكل ويشب ويبول ويتغوط وينكح وينام وينسى ويسهو ويفرح ويحزن ويضحك ويبكي ويحيى ويموت ويقبر ويزار ويحشر ويوقف ويعرض ويسأل ويثاب ويكرم ويشفع…). عيون أخبار الرضا (ع) – الشيخ الصدوق – ج 2 – (ص) 193 بـ 19 ح2.

بقي أمر إن وفقني الله في المستقبل اكتب فيه مقالا وهو بخصوص الآيات والمعجزات التي ترافق بعض الدعوات الإلهية وتؤيد صاحب الحق (ع) مع المقارنة بما جاء يرافق هذه الدعوة المباركة وصاحب الحق الإمام اليماني احمد الحسن (ع)….وأما العلم الذي جاء به عليه السلام فهو جاء بما يعجز عنه باقي الخلق: علم القرآن والإنجيل والتوراة وإحكام المتشابه….وكذلك اظهر الإمام احمد الحسن (ع) الحق في بعض العلوم كالسياسة والاقتصاد والأخلاق وايضا في مقام الاحتجاج وإلزام المخالف المدعي العلم فاكتفي بمثال واحد وهو رد الإمام (ع) على الكاتب ماجد في ((بيان الحق والسداد من الأعداد)) ومن أراد التفصيل فله أن يطلع على كتب الإمام (ع) في العقائد أو الأحكام في الموقع الرسمي لأنصار الإمام المهدي (ع).  www.almahdyoon.org

والحمد لله

 (صحيفة الصراط المستقيم / العدد 47 ـ العدد الثاني ـ  11 رجب 1432 هـ/ 14/06/2011 م)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى