زاوية الأبحاثعقائد السنة

محمد بن عبد الوهاب النجدي في سطور – الحلقة الخامس

محمد بن عبد الوهاب النجدي في سطور - الحلقة الخامس
محمد بن عبد الوهاب النجدي في سطور - الحلقة الخامس

احتلال الطائف عام 1217هـ

قال الجبرتي: في أواخر عام 1217هـ، غار الوهابيّون على الحجاز، فلمّا قاربوا الطائف خرج إليهم الشريف غالب فهزموه، فرجع إلى الطائف وأُحرقت داره وهرب إلى مكة، فحاربوا الطائف ثلاثة أيام حتى دخلوها عنوة، وقتلوا الرجال وأسروا النساء والأطفال، وهذا دأبهم في من يحاربهم، وهدموا قبة ابن عباس في الطائف.(أخبار الحجاز ونجد في تاريخ الجبرتي:ص93).

ويقول زيني دحلان: فدخلوا البلد عنوة في ذي القعدة سنة 1217هـ، فقتلوا الناس قتلاً عاماً حتّى الأطفال، وكانوا يذبحون الطفل الرضيع على صدر أُمّة، وكان جماعة من أهل الطائف خرجوا قبل ذلك هاربين فأدركتهم الخيل وقتلت أكثرهم، وفتّشوا على من توارى في البيوت فقتلوه وقتلوا من في المسجد ـ إلى أن قال: ـ و صارت الأعراب تدخل كلّ يوم إلى الطائف وتنقل المنهوبات حتّى صارت كأمثال الجبال.( أخبار الحجاز ونجد في تاريخ الجبرتي:ص93).

وبعد أن نفذ الوهابيون مجزرتهم المروعة وجريمتهم النكراء والإبادة الجماعية في الطائف كتبوا كتاباً إلى علماء مكة يدعونهم فيه إلى الدخول تحت ظل الحركة الوهابية، ثمّ تريّثوا إلى أن انقضت أيام الحج وخرج الحاج من مكة، حينها قصدوا مكة المكرّمة ووصل ابن سعود بقواته إلى مشارف مكة المكرّمة يوم العاشر من محرم فدخلها من دون مقاومة تذكر، ففعل بها وبإهلها ما فعله جنده بأهل الطائف.(سيف الجبار المسلول على الأعداء:ص 2).

ولقد تعرّض شاه فضل رسول قادري «الهندي» في كتابه «سيف الجبار» إلى الإشارة إلى المنهج الوهابي في مواجهة المسلمين وموقف العلماء منهم فقال في مقدمة كتابه المذكور: أمّا بعد فقد ورد الصحيفة الردية، أعني: «الرسالة النجدية» ضحوة الجمعة سابع شهر المحرّم سنة 1221هـ بحرم اللّه المحترم وبيت اللّه المكرّم، وجند شياطين نجد إليها قاصدة، على نيّات خبيثة وعزائم فاسدة، والأخبار موحشة غير راشدة، وما فعلوا بالطائف من القتل والنهب والسبي وهدم مسجد عبد اللّه بن عباس (رضي الله عنه) ، ينذر بإساءة أدبهم في البلد الأمين، فاجتمع علماء مكة المعظّمة ـ زادها اللّه شرفاً ـ بعد صلاة الجمعة عند باب الكعبة، وأكبّوا على مطالعة الرسالة النجديّة ليحقّق ما فيها من الغي والضلال.

وبعد أن تعرّض الشاه فضل لذكر نقاط الخلل والانحراف التي بيّنها علماء مكة في الباب الأوّل من «الرسالة النجدية» قال في خاتمتها:

قالوا ـ أي العلماء ـ : تمّ النظر إلى الباب الأوّل، وحان العصر، وقامت الصلاة فقاموا، فلمّا فرغوا من الصلاة رجعوا وراجعوا في النظر إلى الباب الثاني، فإذا طائفة من مظلومي الطائف دخلوا المسجد الحرام وانتشر ما جرى عليهم من أيدي الكفرة، واشتهر أنّهم لاحقون من أهل الحرم وعامدون لقتلهم، فاضطرب الناس كأنّها قامت الساعة، فاجتمع العلماء حول المنبر، وصعد الخطيب أبو حامد عليه وقرأ عليهم الصحيفة الملعونة النجدية…وقال العلماء والقضاة والمفاتي:

سمعتم مقالهم وعلمتم عقائدهم، فما تقولون فيهم؟

فأجمع كافة العلماء والقضاة والمفاتي على المذاهب الأربعة من أهل مكة الشريفة وسائر بلاد الإسلام الذين جاءوا للحج ـ و كانوا جالسين ومنتظرين لدخول البيت عاشر المحرم ـ و حكموا بكفرهم وبأنّه يجب على أمير مكة الخروج لدفعهم عن الحرم، ويجب على المسلمين معاونته ومشاركته، فمن تخلّف بلا عذر يكون آثماً، ومن قاتلهم يكون مجاهداً، ومن قتل على أيديهم يكون شهيداً….(سيف الجبار المسلول على الأعداء:ج2/ص89)

ومن هنا يتّضح أنّ الحركة الوهابية قد أُدينت وفنّدت عقائدها وحكم ببطلانها منذ زمن طويل من قبل علماء المسلمين قاطبة ـ شيعة وسنّة ـ ولم تقتصر مواجهتهم على طائفة دون أُخرى.

هدم القباب في المدينة:

وفي سنة 1344 أفتى فقهاء المدينة بوجوب هدم القبور في البقيع وغير البقيع في المدينة وخارجها ، وفي اليوم الثامن من شهر شوال من تلك السنة صدر الأمر ونفذ الحكم ، فأهووا على قبر الصديقة الطاهرة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فهدموا قبرها ، فكأنها ما كفاها المصائب التي جرت عليها من الأولين أيام حياتها ، حتى قام الآخرون بإتمامها بعد وفاتها ، ثم هدموا مرقد الأئمة الأربعة من أهل البيت وهم : سبط الرسول الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام . الإمام زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام . الإمام الباقر محمد بن علي عليه السلام . الإمام الصادق ، جعفر بن محمد عليه السلام ، وقبة العباس عم النبي ، وقبر سيدنا إبراهيم ابن رسول الله ، وقبور زوجاته وعماته ، وقبر فاطمة بنت أسد وحمزة سيد الشهداء عم رسول الله وغيرهما من قبور أهل البيت ، ولعلهم إنما أقدموا على تلك الجرائم عملا منهم بالآية الشريفة : قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى.

كان الوهابيون يشنّون الغارات والمعارك في نجد وخارجها ـ كاليمن والحجاز و نواحي سورية والعراق ـ و كانوا يبيحون التصرّف بالمدن ـ التي يسيطرون عليهاـ كيفما يشاءون، فإن أمكنهم ضمُّ تلك الأراضي إلى ممتلكاتهم وعقاراتهم فعلوا ذلك; وإلاّ اكتفوا بنهب الغنائم منها.(جزيرة العرب في القرن العشرين:341).

قال العلاّمة السيد صدر الدين الصدر ـ المغفور له ـ :

لعمري إنّ فاجِعةَ البقيع ***  يُشيبُ لهولها فؤود الرضيعِ

و سوف تكون فاتحة الرزايا ***  إذا لم يُصحَ من هذا الهجوعِ

أما مِن مسلم للّه يرعى *** حقوق نبيِّه الهادي الشفيعِ

و قال آخر:

تبّاً لأحفاد اليهود بما جَنَوا ***  لم يكسبوا من ذاك إلاّ العارا

هتكـوا حريـم محمّد في آلِــه ***      ياويلهم قد خالفـوا الجبّارا

هَدموا قبور الصالحيـن بحقـدهم ***      بُعداً لهم قد أغضبوا المختارا

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى