زاوية العقائد الدينيةعقائد الشيعة

أم البنين عزيزة آل محمد (ع)… التي واست آل محمد (ع) بأبنائها الأربعة

السلام عليك ِ يا أم البنينِ
السلام عليك ِ يا أم البنين

لم تحضر أم البنين واقعة الطف ، إلاّ أنّها واست أهل البيت ( عليهم السلام ) وضحَّت  من أجل الدفاع عن الدين الإسلامي بتقديم أولادها الأبطال الأربعة فداءً للحسين (    عليه السَّلام ) و لهدف   الحسين (ع) وهو حاكمية الله سبحانه وتعالى .هذا الهدف الذي كاد يندرس اليوم بعد ان رفع   الجميع راية البيعة للناس الا الامام احمد الحسن اليماني (ع).

ثم واصلت جهادها الإعلامي بعد مقتل سيد الشهداء و وصول أهل البيت ( عليهم السلام ) إلى المدينة المنورة ،

فكانت تخرج كل يوم إلى مقبرة البقيع و معها عبيد الله ولد ولدها العباس ، فتندب أبناءها الأربعة أشجى ندبة ، فيجتمع الناس إليها فيسمعون بكاءها و ندبتها و يشاركوها العزاء ، كما كانت تقيم مجالس العزاء في بيتها فتنوح و تبكي على الحسين (عليه السَّلام ) و على أبنائها الشهداء الأربعة ، و لم تزل حالتها هذه حتى التحقت بالرفيق الأعلى .

وبما اننا نحتج على احقية الامام احمد الحسن (ع) بالنص والوصية والعلم الذي اتى به والذي يعجز الآخرين على الاتيان بمثله وبراية البيعة لله التي انفرد بحملها في هذا الزمان وهو قانون معرفة خلفاء الله. ونحتج ايضا بدليل التشخيص (معرفة مصداق عقيدة) بتواتر الرؤى بالرسل والانبياء والاوصياء باحقيته لاناس من بلدان واماكن متفرقة, وبما ان هناك من ينكر علينا دليل الرؤيا ويسمونها احلام ويسفهونها فسأسلط الضوء في قصة ام البنين على علاقتها بالرؤيا وكيف رافقتها في اهم مراحل حياتها.

التبشير بولادتها بالرؤيا

اختار الله « تعالى » لأمّ البنين سلام الله عليها أنْ تنشأ في منبت طاهر، في بيت شجاعةٍ وكرم. وقد كان أبوها حزام مسافراً يوماً ما فرأى في نومه كأنّه جالسٌ في أرض خصبة، منعزلاً عن جماعته وبيده درّة يقلّبها متعجّباً من رونقها، فإذا برجل أقبل إليه من صدر البريّة على فرس له، سلّم عليه، فردّ حزامٌ السلام عليه، ثمّ قال الرجل: بكم تبيع هذه الدرّة، قال: لا أعرف قيمتَها، ولكنْ بكم تشتريها أنت ؟ فقال الرجل: لا أعرف قيمتها لكن اهدِها إلى أحد الأمراء وأنا الضامنُ لك بشيءٍ هو أغلى من الدراهم والدنانير، قال: ما هو ؟ قال: أضمنُ لك بالحظوة عنده والزلفى والشرف والسؤدد أبد الآبدين. قال له حزام: وتكون أنت الواسطة ؟ قال: نعم، أعطني إيّاها. فأعطاها، فلمّا انتبه حزام من نومه قصّ رؤياه على جماعته وطلب تأويلها، فقال له أحدهم: إنْ صدقتْ رؤياك فإنك تُرزق بنتاً يخطبها منك أحد العظماء، وتنال عنده بسببه القُربى والشرفَ والسؤدد.
فلمّا عاد من سفره بُشّر حزام بأنّ زوجته ثمامة بنت سهيل قد وضعتْ بنتاً، فتهلّل وجهه وسُرّ بها، فقيل له: ما نُسمّيها، فقال: سمّوها فاطمة، وكنّوها بـ (أمّ البنين). فنشأتْ بين أبوينِ شريفين عُرِفا بالأدب والعقل، وقد حباها الله « سبحانه » بجميل ألطافه، إذْ وهبها نفساً حرّةً عفيفةً طاهرة، وقلباً زكيّاً سليماً، ورزقها الفطنة والعقل الرشيد، فلمّا كبرتْ كانتْ مثالاً شريفاً بين النساء في الخُلق الفاضل الحميد، فجمعت إلى النسب الرفيع حسباً منيفاً، لذا وقع اختيار عقيل عليها لأنْ تكون قرينةَ أمير المؤمنين «عليّ» عليه السّلام.

زوّجها بالإمام علي (ع)  بالرؤيا :

أراد الإمام عليّ سلام الله عليه أن يتزوّج من امرأة تنحدر عن آباء شجعان كرام، يضربون في عروق النجابة والإباء، ليكون له منها بنون ذوو خصالٍ طيّبة عالية، لهذا طلب أميرُ المؤمنين عليه السّلام من أخيه عقيل ـ وكان نسّابة عارفاً بأخبار العرب ـ أنْ يختار له امرأةً من ذوي البيوت والشجاعة، فأجابه عقيل قائلاً:
ـ أخي، أين أنت عن فاطمة بنت حزام الكلابيّة، فإنّه ليس في العرب أشجع من آبائها .ثم مضى عقيلُ إلى بيت حزام ضيفاً على فراش كرامته، وكان خارج المدينة المنوّرة، فأكرمه حزام ذلك الإكرام، حتّى إذا مضت ثلاثة أيّام مدّة الضيافة سأل حزام عن حاجة عقيل، فأخبره أنّه قادمٌ عليه بالشرف الشامخ، والمجد الباذخ، يخطبُ ابنتَه الحرّة إلى سيّد الأوصياء « عليّ » عليه السّلام. فلمّا سمع حزام ذلك هشّ وبشّ، وشعر بأنّ الشرف ألقى كلاكله عليه إذْ يصاهر ابنَ عمّ المصطفى صلّى الله عليه وآله، ومَنْ يُنكر علياً وفضائله، وهو الذي طبّق الآفاق بالمناقب الفريدة.
وكأنّ حزاماً تمهّل قليلاً وهو لا يرى امرأةً تليقُ بأمير المؤمنين عليه السّلام، فذهب إلى زوجته يشاورها في شأن الخِطبة، فرأى ابنته بين يديها وهي تقصّ عليها رؤياها.. فاستمع إليها دونَ أن تراه وهي تقول: كأنّي جالسة في روضة ذات أشجار مثمرة، وأنهار جارية، وكانت السماء صاحية والقمرُ مشرقاً والنجوم طالعة، وأنا أفكّر في عظمة الله من سماءٍ مرفوعةٍ بغير عمد، وقمرٍ منير وكواكب زاهرة، وإذا بي أرى كأنّ القمر قد انقضّ من كبد السماء ووقع في حِجري وهو يتلالأ نوراً يَغشى الأبصار، فعجبتُ من ذلك، وإذا بثلاثة نجوم زواهر قد وقعن في حجري، وقد أغشى نورُهنّ بصري، فتحيّرتُ في أمري ممّا رأيت، وإذا بهاتفٍ قد هتف بي، أسمعُ منه الصوت ولا أرى شخصه، وهو يقول:

بـُشراكِ فـاطمـة بـالسادةِ الغُررِ

ثلاثةٍ أنـجمٍ والـزاهـرِ الـقمـرِ

أبـوهـمُ سيّدٌ في الخلْق قـاطبـةً

بعد الرسول كذا قد جاء في الخبرِ

فعاد حزام يبشّر نفسه وعقيلاً وقد غمره السرور وخفّت به البشارة، وكان الزواج المبارك على مهرٍ سَنّه رسولُ الله صلّى الله عليه وآله في زوجاته وابنته فاطمة عليها السّلام، وهو خمس مئة درهم.

أم البنين … واست آل محمد (ع) بأربع أبناء:

كان لها أربع أبناء واست بهم آل محمد (ع) وهم عبد الله بن علي (ع) وجعفر بن علي (ع) وعثمان بن علي (ع)، وقد سماه على اسم عثمان بن مضعون كما ورد في بعض الروايات،  وقمر بني هاشم الإمام العباس بن علي (ع) وهو أفضلهم وحامل لواء الحسين (ع). ونذكر مقاطع من المقتل حين بروز هؤلاء الشجعان الطاهرين الفادين لقضية الله : حاكمية الله.

فلما برز عبد الله بن علي(عليه السلام) أخذ يقول:

ذاك علي الخير ذو الفعال

انا بن ذي النجدة والأفضال

في كل يوم ظاهر الأهوال

سيف رسول الله ذو النكال

ثم برز بعده أخوه جعفر بن علي (عليه السلام) وهو يقول:

ابن علي الخير ذي النوال

اني أنا جعفر ذو المعالي

حسبي بعمي شرفا وخالي

ثم برز بعده أخوه عثمان بن علي (عليه السلام) وهو يقول:

شيخي علي ذو الفعال الطاهر

اني انا عثمان ذو المفاخر

وسيد الكبار والأصاغر

هذا حسين خيرة الأخيار

بعد الرسول والوصي الناصر

ولما برز العباس (عليه السلام) اخذ يقول:

بابن علي المسمى حيدرة

انا الذي أعرف عند الزمجرة

ولما دخل المشرعة واغترف من الماء غرفة ليشرب تذكر عطش الحسين (عليه السلام) وقال:

وبعده لا كنت أن تكوني

يا نفس من بعد الحسين هوني

وتشربين بارد المعين

هذا الحسين شارب المنون

ولا فعال صادق اليقين

تالله ما هذا فعال ديني

ولما ملأ القربة وتوجه الى المخيم اخذ يقول:

حتى أوارى في المصاليت لقا

لا ارهب الموت اذا الموت رقا

ولا أخاف الشر يوم الملتقى

اني انا العباس اغدوا بالسقا

نفسي لسبط المصطفى الطهر وقا

ولما قطعت يمينه قال:

اني أحامي أبداً عن ديني

والله ان قطعتم يميني

نجل النبي الطاهر الأمين

وعن امام صادق اليقين

ولما قطعوا شماله قال:

وأبشري برحمة الجبار

يا نفس لا تخشي من الكفار

قد قطعوا ببغيهم يساري

مـــع النبي الـــسيد المختار

فأصلهم يا رب حر النار

واختم بكلمات للامام احمد الحسن (ع) في حق قمر بني هاشم الامام العباس (ع) : وكان فارس هذه المواجهة بعد الحسين (ع) ، وخير من خاض في هيجائها هو العباس بن علي (ع) عندما ألقى الماء ، واغترف من القرآن ( يُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ) (الحشر: 9) ، وأي خصاصة كانت خصاصة العباس (ع) وأي أيثار ؟ !! كان إيثاره (ع) . وهل كان إيثاراً أم انه أمر تضيق في وصفه الكلمات .

السلام عليك يا ام البنين يا عزيزة آل محمد (ع) واسيت آل محمد (ع) باربع ابناءك. والسلام على الامهات الثواكل الذين فقدن ابناءهم من انصار الامام المهدي (ع) وجعلكن الله من الصابرات والمحتسبات.

وستبقى دائما راية البيعة لله مرفوعة بدمائهم الطاهرة.

………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………..

(صحيفة الصراط المستقيم- العدد 25- السنة الثانية- بتاريخ 11-1-2011 م- 6 صفر 1432 هـ.ق)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى