أخبار سياسية منوعة

مفترق الطريق مع الديمقراطية

مفترق الطريق مع الديمقراطيةانتهت الحكاية المنافقة ، ولم يعد ثمة ما يقال ، والوجوه التي خبأت خناجر غدرها وراء الإبتسامات العريضة المصطنعة عادت لوجومها القديم ، إذن ستبدأ الآن حكاية أخرى ، حكاية أرهصت بها تمتمات عادل عبدالمهدي الإنقلابية ، ونطق بكلماتها الأولى مسعود البرزاني والكربولي ، وتحركت أحداثها على طول البلاد وعرضها ؛ سيارات مفخخة تختطف أرواح العراقيين ومسدسات كاتمة تنبح بصوتها المبحوح في سكون الليل العراقي الطويل .
بالحسابات الأمنية التي تعتمد المبدأ الإحصائي قد يبدو ما يحدث سحابة صيف عابرة قياساً بما شهده العراق في الأيام الغابرة ، ولكن المنهج التحليلي الذي يعيد النتائج الى أسبابها يكشف عن مسكوت تخبئه الحكاية الجديدة أدهى وأمر من كل ما شهده العراق .
فالتجربة التي انطلقت مع الإحتلال وبرعايته الأبوية كانت دائماً تجد في العراب الأمريكي ضابطاً يمنع إيقاعاتها الناشزة من التطرف ، ويحدد الوجهة التي ينبغي للفرقاء السياسيين أن ييمموها ، ولكن الراعي هذه المرة بانت عليه علامات الجزع ، ويفكر جدياً في قلب الطاولة لاسيما بعد أن بدا له ما يشبه التمرد على إرادته فيما يتعلق بالإتفاقية الأمنية .
ومن جهة الأطراف العراقية ، ترى هذه الأطراف أن اللعبة قد بلغت شوطها الأخير ، وأن الوقت قد أزف لجمع محصول ما استزرعته طيلة السنوات الفائتة ، فالأكراد يريدون دولتهم – الحلم ، وشيعة عبدالعزيز الحكيم يريدون الجنوب دولة سيستانية يسرحون فيها ويمرحون ، والطرفان يدركان بوضوح أشبه ما يكون بوضوح صحوة الموت أن عدم تحقق ما يطمحون له في هذه المرحلة يعني حتماً أنه لن يتحقق الى الأبد ، الكل إذن سيفكر بسيناريو آخر للحكاية يقوم على موضوعة المؤامرة ، وكبش العيد سيكون هذه المرة أيضاً رئيس الوزراء الدعوتي .
ويبدو أن قدر حزب الدعوة ، العريق تأريخياً والضعيف جماهيرياً ، قد أوقعه في مأزق لا يحسد عليه ، فعراقته تدفع به الى الطموح حيث لا تسعفه جماهيريته المتدنية ، ولكن الوضع العراقي الفوضوي يغري تماماً بإعتماد المغامرة منهجاً لتخطي كل الحسابات الواقعية ، وهذا ما ركبه المالكي عبر صولاته وجولاته الدونكيشوتية ، وعبر الصحوات التي أراد لها أن تكون وجه العراق الجديد ، العراق العشائري الديمقراطي غير الفيدرالي .
لقد أراد المالكي أن ينفرد وحده بكتابة فصول الحكاية الجديدة ، ليكون له الدور الرئيس فيها ، وهذا ما أغاض الأبطال المزيفين الآخرين الذين يطمعون في دور البطولة المطلقة ، ولم يجدوا أمامهم من سبيل غير الرد على خطوة المالكي ذات التوجه العسكري العشائري سوى سياسة الأرض المحروقة ، فشهروا مسدساتهم الكاتمة داخلياً ، وعلى المستوى الخارجي شرعوا فعلياً في زج الوضع الداخلي العراقي بكل تفاصيله في إطار لعبة الأمم ، فتحركت ثعالبهم نحو دول الجوار تحذر من خطورة ما شرع المالكي به من عسكرة مزعومة تهدد بعودة الديكتاتورية مرة أخرى الى العراق .
ولسوء طالع المالكي صادفت هذه الدعوات المناهضة له رغبة أمريكية صريحة في إزاحته عن سدة الحكم ، ولكن أيضاً ولسوء طالع كل الأحزاب العراقية وعموم الشعب العراقي بالنتيجة ، انتقلت العين الأمريكية هذه المرة الى جهة أخرى بعيدة عن أرض العراق ، تدفعها خيبتها من الأطراف العراقية ، وقلقها المتزايد من العدو الإيراني الشيعي ، وكذلك تشجيع الأعراب الموغورين طائفياً ، والمرجح بقوة أن تجربة شبيهة بتلك التي أعقبت ثورة العشرين ستكررها السياسة العراقية المستباحة ، ففي ذلك الوقت استورد العراقيون حاكماً هاشمي النسب لضمان القبول الشيعي ، وسني المذهب لضمان القبول السني ، أما سوء الحظ فسيتضح بعد فوات الأوان حين يتبين للجميع أن من اختاروه ليس سوى السفياني الذي تحدثت عنه الروايات .
AAA_AAA9686_(at)_YAHOO.COM

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى