عقائد الشيعة

الرؤيا وحي من الله

بسم الله الرحمن الرحيم

الرؤيا وحي من الله

الرؤيا وحي من الله

قال تعالى ( الم 1 ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ2 الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ3 والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ 4 أُوْلَـئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ 5 ) البقرة .

يجب ان نعلم من هذه الآيات الكريمة ان الإيمان بالله سبحانه و تعالى هو ايمان بالغيب و الايمان بالانبياء و المرسلين (ع) و محمد و ال محمد (ع) ايضاً بالغيب لانهم من الله عز و جل فان الله سبحانه و تعالى يحثنا و يؤكد على عباده ان الايمان الحقيقي هو ايمان بالغيب لا ايمان بالمعاجز المادية القاهرة
و لو كان الله سبحانه و تعالى يقبل الايمان بالمعجزة لقبل من فرعون ( لعنه الله ) ايمانه , قال تعالى (  وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ 90 ) .
وانقل اليك ايها القارئ الكريم بعض كلام السيد احمد الحسن (ع) من كتاب ( النبوة الخاتمة ) .

في موضوع الرؤيا و النبوة :

القران حافل بوحي الله سبحانه وتعالى للأنبياء المرسلين بالرؤيا ، منهم إبراهيم (ع) ومحمد (ص) ويوسف (ع) .

(وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَاناً كَبِيراً) الإسراء:60.

(لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً)  الفتح:27

(فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) الصافات:102

ثم إن الله يمدح إبراهيم لأنه صدق الرؤيا :-

(قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِين ) الصافات:105.

(إِذْ قَالَ يُوسُفُ لَأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ) يوسف:4.

وفي القرآن الله يوحي لأم موسى (ع) بالرؤيا

( وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) القصص:7

 ويجب الالتفات أن رؤى الأنبياء (ع) كانت قبل إرسالهم وبعد إرسالهم أي إن وحي الله سبحانه وتعالى لهم بدأ بالرؤيا ثم وحتى بعد إرسالهم لم ينقطع هذا السبيل (الرؤيا) من سبل وحي الله سبحانه وتعالى عنهم .

والرسول محمد (ص) كان يرى الرؤى قبل بعثته وإرساله وكانت تقع كما يراها ، ولولا أن الأنبياء المرسلين (ع) صدقوا وامنوا وعملوا بتلك الرؤى التي رأوها قبل إرسالهم لما وصلوا إلى ما وصلوا إليه من المقام العالي ، والقرب من الله سبحانه وتعالى . ولما اصطفاهم الله أصلا لرسالاته

(قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) .

بل هم (ع) كانوا يؤمنون ويصدقون برؤى المؤمنين الذين كانوا معهم ، وهذا رسول الله محمد (ص) كان يسأل أصحابه عن رؤاهم ويهتم بسماعها ، وبعد صلاة الصبح وكأن سماعها ذكر وعباده لله سبحانه ، حتى أن المنافقين شنعوا عليه (ص) بأنه يسمع ويصدق كل متكلم (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) التوبة:61

 عن الرضا (ع) قال : ( إن رسول الله (ص) كان إذا أصبح قال : لأصحابه : هل من مبشرات . يعني به الرؤيا ) الكافي الشيخ الكليني ج8  ص90.

بل إن النبي محمد (ص) كان يعتبرها من مبشرات النبوة ، عن النبي (ص)  قال :

( ألا إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له ) بحار الأنوار العلامة المجلسي ج85  ص192  .

بل وكان (ص) يعتبرها نبوة ، عنه (ص) قال :

( لا نبوة بعدي إلا المبشرات . قيل يا رسول الله ، وما المبشرات ؟ قال : الرؤيا الصالحة ) بحار الأنوار ج85  ص192

وقال رسول الله (ص) : (الرؤيا الصالحة بشرى من الله وهي جزء من أجزاء النبوة)  بحار الأنوار ج85   ص192 

ويجب الالتفات أن قول الرسول محمد (ص) لم يبق من النبوة إلا الرؤيا الصادقة لا يعني أن كل من يرى رؤيا صادقة هو نبي مرسل من الله ، بل ما يعنيه أن الرؤيا الصادقة هي نبأ وخبر صادق جاء من ملكوت السموات إلى الرائي . انتهى كلام السيد احمد الحسن (ع)

 و اكثر من رواية رواها الشيعة و السنة و كذا اهل البيت (ع) ان طريق من طرق الوحي الالهي سيبقى مفتوحاً و هو ( الرؤيا الصادقة ) من الله سبحانه و تعالى .

عن النبي (ص) قال : ( رؤيا المؤمن جزء من سبعة و سبعين جزءاً من النبوة ) كنز الفوائد ابو الفتح الكراجي ص 211 .

و عن النبي (ص) قال : ( اذا تقارب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب و اصدقهم رؤيا اصدقهم حديثاً ) كنز الفوائد ص 211 .

نقل العلامة المجلسي في بحار الانوار عن جامع الأخبار : في كتاب التعبير عن الأئمة عليهم السلام : ( أن رؤيا المؤمن صحيحة لان نفسه طيبة ، ويقينه صحيح ، وتخرج فتتلقى من الملائكة ، فهي وحي من الله العزيز الجبار . وقال عليه السلام : انقطع الوحي وبقي المبشرات ألا وهي نوم الصالحين والصالحات . ولقد حدثني أبي عن جدي عن أبيه عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : من رآني في منامه فقد رآني ، فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي ولا في صورة أحد من أوصيائي ولا في صورة أحد من شيعتهم ، وإن الرؤيا الصادقة جزء من سبعين جزء من النبوة . ) ج 58 ص 176 .

يقول العلماء غير العاملين ان الشيطان يتمثل برسول الله (ص) و حاشاه من هذا الافتراء الخبيث و يقول بعضهم كيف نعرف رسول الله (ص) او الائمة (ع) في الرؤيا و انا لم نراهم . فاقول لهم هل كان احد في زمن الامام الصادق (ع) رأى رسول الله (ص) حيث يقول الامام الصادق (ع) من اراد ان يرى رسول الله (ص) في المنام فليفعل كذا و كذا ؟ ! .

قال الامام الصادق (ع) : ( من قرأ سورة القدر بعد صلاة الزوال و قبل الظهر احد و عشرين مرة لم يمت حتى يرى النبي (ص))

و عن ابي جعفر (ع) قال : ( من ختم القرآن بمكة لم يمت حتى يرى رسول الله (ص) و يرى منزله في الجنة ) البرقي في المحاسن .

اذن فالرؤيا طريق لوحي الله سبحانه و تعالى و هو مفتوح بعد محمد (ص) و الذي تأكد بالروايات و بالواقع الملموس انه لا يزال مفتوحاً للناس و ليس فقط للائمة عليهم السلام .

و الحمد لله وحده وحده وحده

و صلى الله على محمد و ال محمد الائمة و المهديين وسلم  تسليماُ 

ـــــــــــــــــ                             

(صحيفة الصراط المستقيم/ العدد 26/ السنة الثانية/في 18/1/2011-13 صفر 1432)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى