الإفتتاحية

في محرم لنستحضر الدروس قبل الطقوس

بعد كل هذه السنوات الطويلة، لنسأل أنفسنا: ما الذي أخذناه، أو استفدناه من محرم الحرام؟
شهر محرم لا يمكن أن يكون خالياً من العبر والدروس، بل ما أكثر دروسه وعبره، فأي هذه العبر، وأي هذه الدروس استفدنا؟ هل من حصيلة ما، وكيف نتيقن أننا تعلمنا درساً ما من دروس عاشوراء الحسين عليه السلام؟
لا أشك في أن إنساناً سوياً، أيّ إنسان كان، ومن أي دين، وأي قوم، يرى موقف قتلة الحسين عاراً ما بعده عار، فما بالك والنار ستكون المصير بعد العار!
إذن لنحاذر كثيراً، ولنشفق على أنفسنا كثيراً من هذا الموقف والمصير المخزي الذي انتهى إليه قتلة الحسين عليه السلام. أقول هذا لأن هذا المصير المأساوي سيكون مصيرنا إذا ما جردنا كربلاء الحسين من حقيقتها، وجوهرها الرسالي.
فكربلاء الحسين لم تكن مناسبة لذرف الدموع الرخيصة، وليست مناسبة فلكلورية تتكرر كل عام دون هدف، وإنما هي بالأحرى رسالة مكتوبة بالدم، بل هي صفعة مدوية لبلادة التأريخ، تذكره على الدوام بالمبدأ الأساس الذي ينبني عليه الدين الإلهي وهو مبدأ التنصيب الإلهي للحاكم، وعليه فإن إفراغها من هذا المحتوى يعني بالضرورة قتلها، والوقوف في معسكر ابن سعد وشمر لعنهما الله.
ولعلكم تعرفون أن مجرد الزيارة، أو اللطم والبكاء، وكل الطقوس الأخرى المعتادة لا قيمة لها إذا ما جردناها من المضمون الذي أشرنا إليه، بل إن هذه الأمور قد تعني تسطيح الثورة الحسينية، بل تحريفها، إذ إنها في الحقيقة مجرد وسيلة لإبقاء جذوة الثورة متقدة في القلوب والعقول، ولكنها ستستحيل مخدراً إذا ما أصبحت هي وحدها الهدف، وليس من روائها هدفاً آخر.
أما كيف نتأكد إننا استفدنا هذا الدرس، ووعيناه، فيكفي فيه إلقاء نظرة على واقعنا الخارجي، فهل نحن ما زلنا قابضين على الجمرة المقدسة، جمرة الانتظار والوقوف عند حد مبدأ حاكمية الله، والتنصيب الإلهي للحاكم، أم ابتعدنا عنه؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى