عقائد الشيعة

أحاديث الغربلة والتمحيص

قال تعالى ( ألم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ) العنكبوت/ 1-2.

إذن لابد من الفتنة والاختبار، ولاسيما في آخر الزمان حيث وردت أحاديث كثيرة تدل على الغربلة والتمحيص، فعلى الإنسان أن يعد نفسه لاستقبال الاختبار الإلهي، ولا نجاة إلا لمن تمسك بالثقلين؛ القرآن وآل محمد عليهم السلام، أما كلام فلان أو علان من الناس فلا ينبغي أن نعتمد عليه لاسيما في المسائل العقائدية، وهؤلاء الفلان والعلان حالهم حالنا مختبرون أيضاً فكيف نربط مصيرنا بمصيرهم، ولعل لديهم من الأسباب ما يجعلهم يتمردون على الله وأوليائه فهل نسمح لهم أن يقودونا إلى النار والعياذ بالله تعالى؟ إليكم الآن بعض الأحاديث وهي غيض من فيض

الغربلة والتمحيص
الغربلة والتمحيص

عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال ((مع القائم عليه السلام من العرب شئ يسير . فقيل له : إن من يصف هذا الأمر منهم لكثير . قال: لابد للناس من أن يمحصوا ويميزوا ويغربلوا ، وسيخرج من الغربال خلق كثير )) الغيبة ص 212 . وقوله: ( يصف هذا الأمر ) أي أنهم يؤمنون بالقائم كما يظهر ولكنهم مع ذلك يسقطون بالاختبار!

وعن عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سمعه يقول (( ويل للعرب من شر قد اقترب . قلت : جعلت فداك ، كم مع القائم من العرب؟ قال: شئ يسير . فقلت: والله إن من يصف هذا الأمر منهم لكثير . فقال: لابد للناس من أن يمحصوا ويميزوا ويغربلوا ، ويخرج مع الغربال خلق كثير )) الغيبة/ ص 93 .

وعن علي بن الحسين عليه السلام قال : ((  لا يكون الأمر الذي تنتظرونه حتى يبرأ بعضكم من بعض ، ويتفل بعضكم في وجوه بعض ، ويشهد بعضكم على بعض بالكفر ، ويلعن بعضكم بعضا . فقلت له: ما في ذلك الزمان من خير ؟ فقال علي بن الحسين عليه السلام : الخير كله في ذلك الزمان ، يقوم قائمنا ويدفع ذلك كله )) الغيبة/ ص213 . ولكن كيف يدفعه؟؟

لنقرأ هذا الحديث: عن مالك بن ضمرة ، قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام ((يا مالك بن ضمرة ، كيف أنت إذا اختلفت الشيعة هكذا – وشبك أصابعه وأدخل بعضها في بعض – ؟ فقلت : يا أمير المؤمنين ، ما عند ذلك من خير ؟ قال: الخير كله عند ذلك يا مالك ، عند ذلك يقوم قائمنا فيقدم سبعين رجلا يكذبون على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وآله فيقتلهم ، ثم يجمعهم الله على أمر واحد )) الغيبة ص214 .

وعن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: (( لتمحصن يا شيعة آل محمد تمحيص الكحل في العين ، وإن صاحب العين يدري متى يقع الكحل في عينه ولا يعلم متى يخرج منها ، وكذلك يصبح الرجل على شريعة من أمرنا ، ويصبح وقد خرج منها )) . الغيبة/ ص214 .

أقول يدل هذا الحديث على أن غالب الفتن سوف تكون في الدين بحيث يصبح الرجل على شريعة أهل البيت ويمسي وقد خرج منها إلى غيرها ، وهذا تحذير إلى كافة المؤمنين أن ينظروا إلى من يتبعونه ، فإذا كان يمثل أخلاق أهل البيت اتبعوه وإلا فهم خارجين عن شريعة أهل البيت .

وعن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: (( والله لتكسرن تكسر الزجاج ، وأن الزجاج ليعاد فيعود كما كان ، والله لتكسرن تكسر الفخار ، وإن الفخار ليتكسر فلا يعود كما كان ، ووالله لتغربلن ، ووالله لتميزن ، ووالله لتمحصن حتى لا يبقى منكم إلا الأقل ، وصعر كفه )) .

يعلق الشيخ النعماني على هذا الحديث بقوله: (( فتبينوا – يا معشر الشيعة – هذه الأحاديث المروية عن أمير المؤمنين عليه السلام ومن بعده من الأئمة عليهم السلام ، واحذروا ما حذروكم ، وتأملوا ما جاء عنهم تأملا شافيا ، وفكروا فيها فكرا تنعمونه ، فلم يكن في التحذير شئ أبلغ من قولهم ((إن الرجل يصبح على شريعة من أمرنا ، ويمسي وقد خرج منها ، ويمسي على شريعة من أمرنا ، ويصبح وقد خرج منها )) .

أليس هذا دليل على الخروج من نظام الإمامة وترك ما كان يعتقد منها إلى تبيان الطريق .

وفي قوله عليه السلام (( والله لتكسرن تكسر الزجاج وأن الزجاج ليعاد فيعود كما كان ، والله لتكسرن تكسر الفخار فإن الفخار يتكسر فلا يعود كما كان ))

فضرب ذلك مثلا لمن يكون على مذهب الإمامية فيعدل عنه إلى غيره بالفتنة التي تعرض له ، ثم تلحقه السعادة بنظرة من الله فتبين له ظلمة ما دخل فيه وصفاء ما خرج منه ، فيبادر قبل موته بالتوبة والرجوع إلى الحق فيتوب الله عليه ويعيده إلى حاله في الهدى كالزجاج الذي يعاد بعد تكسره فيعود كما كان ، ولمن يكون على هذا الأمر فيخرج عنه ، ويتم على الشقاء بأن يدركه الموت وهو على ما هو عليه غير تائب منه ، ولا عائد إلى الحق فيكون مثله كمثل الفخار الذي يكسر فلا يعاد إلى حاله ، لأنه لا توبة له بعد الموت ولا في ساعته ، نسال الله الثبات على ما من به علينا ، وأن يزيد في إحسانه إلينا فإنما نحن له ومنه . (إنتهى) .

وفي الغيبة : أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد ، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن عبد الله الحمدي من كتابه في سنة ثمان وستين ومائتين ، قال: حدثنا محمد بن منصور الصقيل ، عن أبيه ، قال: دخلت على أبي جعفر الباقر عليه السلام وعنده جماعة ، فبينا نحن نتحدث وهو على بعض أصحابه مقبل إذ التفت إلينا وقال: (( في أي شئ أنتم؟ هيهات هيهات لا يكون الذي تمدون إليه أعناقكم حتى تمحصوا ، هيهات ولا يكون الذي تمدون إليه أعناقكم حتى تميزوا ، ولا يكون الذي تمدون إليه أعناقكم حتى تغربلوا ، ولا يكون الذي تمدون إليه أعناقكم إلا بعد إياس ، ولا يكون الذي تمدون إليه أعناقكم حتى يشقى من شقي ، ويسعد من سعد )) الغيبة /216 .

وعن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: (( كونوا كالنحل في الطير . ليس شئ من الطير إلا وهو يستضعفها ، ولو علمت الطير ما في أجوافها من البركة لم تفعل بها ذلك . خالطوا الناس بألسنتكم وأبدانكم ، وزايلوهم بقلوبكم وأعمالكم فوالذي نفسي بيده ما ترون ما تحبون حتى يتفل بعضكم في وجوه بعض ، وحتى يسمي بعضكم بعضا كذابين ، وحتى لا يبقى منكم – أو قال من شيعتي – إلا كالكحل في العين ، والملح في الطعام وسأضرب لكم مثلا وهو مثل رجل كان له طعام فنقاه وطيبه ، ثم أدخله بيتا وتركه فيه ما شاء الله ، ثم عاد إليه ، فإذا هو قد أصابه السوس فأخرجه ونقاه وطيبه ، ثم أعاده إلى البيت فتركه ما شاء الله ، ثم عاد إليه فإذا هو قد أصابته طائفة من السوس فأخرجه ونقاه وطيبه وأعاده ولم يزل كذلك حتى بقيت منه رزمة كرزمة الأندر لا يضره السوس شيئا ، وكذلك أنتم تميزون حتى لا يبقى منكم إلا عصابة لا تضرها الفتنة شيئا )) الغيبة للنعماني ص218 .

وعن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: (( لو قد قام القائم عليه السلام لأنكره الناس ، لأنه يرجع إليهم شابا موفقا ، لا يثبت عليه إلا مؤمن قد أخذ الله ميثاقه في الذر الأول )) . الغيبة للنعماني ص219 .

وعن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام قال: (( قال: إن حديثكم هذا لتشمئز منه قلوب الرجال ، فانبذوه إليهم نبذا ، فمن أقر به فزيدوه ، ومن أنكره فذروه ، إنه لابد من أن تكون فتنة يسقط فيها كل بطانة ووليجة حتى يسقط فيها من يشق الشعرة بشعرتين حتى لا يبقى إلا نحن وشيعتنا )) الغيبة للنعماني ص210 .

وشيعتهم هم الأقل والأندر فالأندر كما ورد، فلا حول ولا قوة إلا بالله.

 —————————————————————————————————————————————————

( صحيفة الصراط المستقيم / العدد 29 / السنة الثانية/ في 8 / 2/ 2011 م -4 ربيع الاول 1432 هـ )

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى