الإفتتاحية

هزلت واستامها كل مفلس

نغمات نشاز ترتفع من هنا أو هناك، من مدعي العلم هذا أو ذاك، وبطريقة تثير الاشمئزاز حقاً. والعجيب الغريب إنك لا تجد من يحاول ضبط الأمور، وردع المتقولين، أو إعادتهم إلى جادة الصواب التي فقدوها.

ولقد كان يهون الأمر لو أن عبث الصبيان قد انصب على الأمور القديمة ذاتها التي كانت دائماً موضوعاً لعبث الأيدي، لكن الموضوع هذه المرة كبير، وخطير للغاية، لدرجة أن السكوت عليه لا يمكن إلا أن يعتبر مشاركة كاملة وبسابق إصرار في الجريمة السافرة.

نعم السكوت مؤامرة، كما إن الكلام المنحرف نفسه مؤامرة، فالموضوع هذه المرة يتعلق بعقيدة الناس، وبموقفهم من الإمام المهدي عليه السلام.

ومن أجل أن لا أطيل على القارئ، وأضعه في صورة ما يحدث، أقول إن ثمة شخوصاً يمتلكون بعض المنابر الإعلامية صاروا يروجون بين الناس عقائد منحرفة تتعلق بالأئمة عليهم السلام من قبيل أن أقدامهم تترك آثاراً على الحجر إذا ما داسوا عليه، في الوقت الذي لا ترى لهم أثراً فوق الرمال! ويزعمون أن هذه من الخصائص الثابتة لهم. أي إنها لا تحدث مرة أو مرتين وعلى سبيل الإعجاز، وإنما هي مرافقة لهم دائماً!

وكل ذلك من أجل محاربة الدعوة اليمانية المباركة التي رفعت اللواء ذاته الذي رفعه آل محمد فيما يتعلق بطريقة معرفة الحجة وهو لواء النص والوصية.

فهؤلاء بعد أن أعيتهم الحجة عن مقارعة الدعوة اليمانية الدليل بالدليل لجأوا لهذه الأساليب الرخيصة دون وازع من دين وغير مستندين إلى يقين علمي ليرفعوا راية التضليل والخديعة ويذيعوا بين الناس أن المعصوم يُعرف بالطريقة البشعة التي صوروه بها.

ويكفيك لتصور بشاعتها أن تتصور المعصوم الذي تنطبع أقدامه في الحجر، تتصوره ماشياً على رصيف أحد الشوارع المعاصرة، أو داخلاً لفناء أحد المساجد، أو المراقد المقدسة، ووراءه ركاماً هائلاً من الخراب المتخلف عن تحطم الأحجار أو قطع الكاشاني والمرمر التي تدوسها قدميه!!

على هؤلاء أن يخجلوا من أنفسهم، وعليهم أيضاً – إن كانوا مؤمنين بآل محمد عليهم السلام – أن لا يعطوا العدو ذريعة للتقول ومهاجمة مذهب الحق. وإلا ما عساهم يجيبون لو أن أحد الوهابيين قال لهم: إن الإمام المهدي عليه السلام لم يزر مراقد أهل البيت، ولا حج بيت الله قط! بدليل إننا لم نجد أثراً لقدم منطبعة على حجر، ولو واحد على الأقل؟؟

أقول إذا كان هؤلاء – وهم بالمناسبة من أنصاف المتعلمين، وليس فيهم عالم معروف – لا يتورعون ولا يشعرون بمسؤولية كلماتهم وما يمكن أن تترتب عليها من آثار كارثية، فعلى غيرهم ممن يعرف سخف مدعياتهم أن يمنعوهم ويضربوا على أيديهم وأفواههم.

وعليهم كذلك أن ينبهوا الناس إلى أن العقائد لا تبنى على رواية هنا أو هناك، من دون دراسة حقيقية لها، فلابد من دراسة الروايات بعرضها على حقائق القرآن وما ثبت عن آل محمد عليهم السلام.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى