الإفتتاحية

حديث الآخرة وحديث الدنيا

إفتتاحية العدد 106
إفتتاحية العدد 106

حقيقة يجب أن تبقى ماثلة لأذهاننا وقلوبنا دائماً هي أن هدف مسيرتنا هو الآخرة، وهو هدف لابد لخطانا من بلوغه، فشئنا أم أبينا لابد أن نلقي رحالنا عند المنعطف. وهناك سيدرج بعضنا خفيفاً مسروراً لدار النعيم التي وُعد بها المتقون، وسيُقاد الكثيرون مكروبين محزونين لدار الشقاء والنصب.

حقيقة أخرى ما أجدر أن نستحضرها دوماً هي أننا غرقى في عالم المادة تحيط بنا الدنيا، وتطوقنا حبائلها، بل لعلها وللأسف الشديد هي شغلنا الشاغل، فلا نحتاج أبداً لمن يذكرنا بها، بل نحن أحوج ما يكون لمن يذكرنا بالآخرة التي نكاد نكون نسيناها لولا رسالة تطرق أبوابنا من هنا، أو هناك. بل نحن نسيناها حقاً، إذا ما قيس حجم تفكيرنا وعملنا بحجم الآخرة وما ينبغي أن نعده لها.

ومن نعم الله عز وجل علينا أن جعل بيننا من يذكرنا بالآخرة، ومن يرسم لنا سبل الوصول إليها سالمين غانمين. ولكن ما أتعس القوم الذين لا يجدون من يذكرهم بآخرتهم، بل وما أشقى القوم الذين يسلمون قيادهم لمن يفترض أن يذكرهم بالآخرة، ولكنه بدلاً من هذا يكرر عليهم حديث الدنيا، بل قد بلغ الأمر اليوم وصرنا نسمع من يكلم الناس بأمور الدنيا ويصور حديثه لهم على أنه من حديث الآخرة!

فما أشد ما انقلبت الموازين، وما أكبر الخدعة التي يغرق الناس اليوم في بحر وهمها؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى