الإفتتاحية

علم الرجال المعوج

افتتاحية العدد 105
افتتاحية العدد 105

كنت استمع إلى مناظرة بين بعض السنة والشيعة في واحدة من غرف البالتوك، وكان الحديث يدور حول واحد من أهم المصادر الحديثية الشيعية وهو كتاب التهذيب للشيخ الطوسي رحمه الله، وكان المناظر السني يُشكل على بعض الأسانيد في الكتاب، وهو حديث صار يتكرر هذه الأيام، فالوهابيون على وجه الخصوص يركزون هذه الأيام على مسألة أسانيد الروايات لأنهم يعلمون أن محدثينا القدماء رحمهم الله لم يكونوا يأبهون لمسألة السند. فكانوا رحمهم الله يرون الأحاديث بطرق كثيرة وأسانيد متعددة، ولكنهم لا يذكرون منها إلا واحداً إما من باب التبرك باتصال السند بالمعصوم عليه السلام، أو لعلة ما غير ذلك. ولأنهم كذلك كانت لديهم طرق في معرفة الحديث الصحيح من غيره ليس منها طريقة التوثق من رجال السند. ولكن وللأسف الشديد ركب بعض الشيعة مراكب العامة وصاروا كأولئك من عبيد الأسانيد، ولم يخطر في بالهم إنهم بعملهم هذا يعرضون تراث آل محمد عليهم السلام لخطر عظيم.

فالوهابيون ومن لفهم قد أسهروا ليلهم وكدوا عيونهم بحثاً عن ثغرة في البناء الشامخ لمذهب آل محمد عليهم السلام، وعادوا بعد رحلتهم المضنية خائبين فاشلين، ولكنهم اليوم وبفضل تخرصات وتبجحات بعض من ينتسب للشيعة ومن خلال بدعة علم الرجال على نحو الخصوص وجدوا حصان طروادة الذي يمكنهم من خلاله العبث في تراث آل محمد ونسبته إلى الوضع والكذب، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

ولا أدري هل سيستفيق الشيعة من غفلتهم وهل ستدركهم الغيرة على تراث آل محمد ويدركوا أن المراكب التي صنعتها أيدي العامة كان يراد بها منذ البداية التحكم فيما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله، ليصنعوا بالنتيجة مذهباً يوافق أهواءهم. وليت شعري هل وجد الشيعة في الروايات الواردة عن آل محمد عليهم السلام رواية واحدة تنص على ضرورة البحث في أسناد الروايات؟ ولو كانت هذه الطريقة صحيحة لوردت في حقها ولو رواية، فكيف والحال إن هناك الكثير من الروايات التي تقف بالضد منها!؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى