زاوية العقائد الدينية

وإذا الموؤودة سئلت؟؟!!!

بسم الله الرحمن الرحيم
وإذا الموؤودة سئلت؟؟!!!
بقراءة هادئة وهادفة ليس غايتها إلا بيان الأسباب التي أوصلت الأمة الإسلامية إلى هذا الحال المتردي على الرغم من أنها اليوم تعدادها فاق مئات الملايين من البشر ، هذا من ناحية ومن ناحية ثانية ؛ لماذا هذا الهجوم الشرس غير المبرر على شخص الرسول الكريم(ص) من محافل النصارى واليهود ، والى ماذا يستندون في حملتهم الشعواء تلك؟؟!!!

حيث أن من الواضح تماما أن أولئك القوم لا ينطلقون من فراغ ، وليست إساءاتهم تلك نابعة من فراغ ، بل لابد لتلك الجرأة على سيد البشر وأكرمهم عند الله سبحانه من مقدمات أسست لتلك النار المستعرة التي أحرقت يابس الناس وأخضرهم ، وأدخلتهم في نفق مظلم بين مؤيد لتلك الحملة المسعورة ، وبين معارض ، وثالث لزم الصمت حيرة وضلالة .
لاشك في أن ما يتعرض له شخص الرسول الأكرم(ص) اليوم هو داخل بحسب التقاليد الديمقراطية ضمن أجواء (حرية التعبير عن الرأي) وشراسة تلك الحملة تتناسب عكسيا مع قمع (رجال الدين) لحرية الفكر ، وأنبه القارئ الكريم إلى أني أقول (رجال الدين) وليس (الدين) لأن هناك بون شاسع بين المسميين ، فالدين الإلهي منذ آدم(ع) إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها يؤمن بحرية الفكر ، بل ويدافع عنها بقوة تفتقر إليها أكبر (المشاريع البشرية الفكرية الداعية لذلك) وربما سيسأل القارئ باستغراب عن ذلك ، وما الدليل عليه؟؟؟!!! فاستغراب القارئ مرده إلى الإرث القمعي لحكومات المتدينين التي صورت للناس أن الدين هو عبارة عن (سيف ونطع) وعبد أسود ضخم الجثة اسمه (مسرور) وطست يقع به رأس الفكر المعارض وتعقبه دماء جسده المنحور!! وتلك الصورة البشعة التي شكلت إرث الأجيال المتعاقبة من المسلمين واصطبغ بها تراثهم الشفاهي والكتابي خلقت لدى الناس ردة فعل من كل ما هو ديني قبل أن تقف وقفة إنصاف وتتأمل أن السيف والنطع والعبد مسرور وطست الجريمة ليست من مفردات الدين ، بل الدين كان أول من عبر تلك الطريق وعبدها مدافعا عن حرية العباد والبلاد ، ولست هنا في وارد الوقوف أمام تلك الجرائم التي ارتكبها رجال الدين (من فقهاء السوء) دفاعا عن مصالحهم المادية والشخصية وهم يرتدون عباءة التدين ، وهاكم انظروا ؛ فهذا يحيى بن زكريا(ع) نبي الله سبحانه يذبح ويوضع رأسه الشريف في طست ويهدى إلى بغي من بغايا بني إسرائيل ، وهذا شبيه عيسى(ع) يصلب ويعلق على الصليب ثلاثة أيام ، والصورة الأعظم للشهادة الكاشفة عن الوجه الناصع للدين هي شهادة الحسين بن علي(ص) ، الذي فضح المشروع الشيطاني الذي تلبس لبوس الدين ، وألبس على الناس ، فكان خروجه (ص) وقطعه لتلك المساحة الجغرافية الكبيرة ؛ من المدينة إلى مكة ثم إلى كربلاء إعلان ثورة حقيقية استغرقت العواصم الدينية الإسلامية وحطت رحالها على أرض شهدت إراقة دماء الكثير من ثوار الحرية والمدافعين عنها من الأنبياء والمرسلين(ع) ، ففي كربلاء كانت الواقعة التي خرق بها صوت الحسين(ص) مسامع الدهر قائلا : [لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا ظالما ولا مفسدا ، ولكنني خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله(ص) ، آمر بالمعروف وأنه عن المنكر] تلك الصيحة العظيمة كشفت الوجه الحقيقي للدين الإلهي وأزاحت عنه تلك الأردية السملة التي حاول الانقلابيون بعد رسول الله(ص) إلباسها للدين ليعلقوا عليه كل مفاسدهم وانحرافهم العقائدي والفكري والاجتماعي ، فبعد رحيل رسول الله(ص) اتخذ الناس سبيل الجاهلية ، وفارقوا سبيل الدين الحق ، وبعودة الجاهلية المرتدية للباس الدين عاد القمع ، والعنف ، والقتل المجاني وعلى وفق هوى الحاكم الجائر .
لقد بين القرآن الكريم للأمة وحذرها مما ستصير إليه جراء نفر اتخذوا من التقرب الظاهري لصاحب الرسالة الإلهية سببا يتعلقون به إلى آمالهم المنحرفة ، حيث قال الله تعالى{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ}(آل عمران/144) ، وحذرهم رسول الله(ص) في خطبة الوداع عندما قال لهم : [ولا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض …] ، فهل التفتت الأمة إلى قول ربها سبحانه وقول نبيها(ص) ، وهي تمر بهذا المنعرج الخطير ألا وهو رحيل سيد الخلق(ص) عن هذا العالم؟؟؟!!! أبداً لم تلتفت بل صدق عليهم إبليس ظنه واستخفهم بندائه فهرعوا إلى دعوته مسرعين ، مع أن القرآن بين لهم أنه سينكص عنهم وسيعيرهم باتباعه وأنه لا سلطان له عليهم ، وإنما هم اتبعوه مختارين ولذلك كان استحقاقهم ما لمسوه من العذاب الدنيوي ، وما خفي من العذاب كان أعظم ، قال تعالى {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}(إبراهيم/22) ولذا فليس للعباد في انحرافهم عن سبيل الله حجة ، بل الحجة البالغة لله سبحانه فقد بين لهم قادم حالهم وحذرهم بكلماته وعلى لسان نبيه(ص) ، وحتى على لسان عدوهم فكانت الحجة عليهم تامة بالغة .
لقد كانت أولى صيحات الانقلاب هي التنازع عند النبي(ص) عندما أمر القوم أن يأتوه بكتف ودواة ليكتب للأمة قبل رحيله كتابا يعصمها من الضلال أبدا ولقد علم أولئك النفر أن إمضاء هذا الكتاب يعني القضاء على مشروعهم ، وما دبروه واصطبروا عليه كل تلك السنوات الطويلة ، وهم يكتمون نفاقا أغلق عليهم كل مسمع من مسامع الهداية والأوبة ، فانتفض قائلهم عمر بن الخطاب : [إن نبي الله يهجر]!!! وما أعظمها عند الله سبحانه من عبارة تزلزل منها عرش الله سبحانه ، فهذا الحبيب ؛ حبيب إله العالمين يتلفظ في حضرته أعرابي كعمر بذلك اللفظ القبيح النابي ، ومن هنا بدأت مرحلة الانقلاب ، فما كان من رسول الله(ص) إلا أن طرد أولئك الذين أوقدوا نار الحرب ، ولكن الله سبحانه أطفأها بلسان نبيه الكريم(ص) ، وأثبت عنده أولئك النفر القليل الذي عرفوا مقامه وقدره وعظمته(ص) ؛ المقداد ، وسلمان ، وأبو ذر الغفاري ، ولقد شهدوا إملاء رسول الله(ص) للوصية على علي بن أبي طالب(ص) ، فشهدوا بذلك لما استشهدهم حينما كان يتحدث إلى طلحة حيث قال (ص) : [يا طلحة ، ألست قد شهدت رسول الله صلى الله عليه وآله حين دعا بالكتف ليكتب فيها ما لا تضل الأمة ولا تختلف ، فقال صاحبك ما قال : (إن نبي الله يهجر) فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله ثم تركها ؟ قال : بلى ، قد شهدت ذاك . قال : فإنكم لما خرجتم أخبرني بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وبالذي أراد أن يكتب فيها وأن يشهد عليها العامة . فأخبره جبرائيل : (أن الله عز وجل قد علم من الأمة الاختلاف والفرقة) ، ثم دعا بصحيفة فأملى علي ما أراد أن يكتب في الكتف وأشهد على ذلك ثلاثة رهط : سلمان وأبا ذر والمقداد ، وسمى من يكون من أئمة الهدى الذين أمر الله بطاعتهم إلى يوم القيامة . فسماني أولهم ثم ابني هذا – وأدنى بيده إلى الحسن – ثم الحسين ثم تسعة من ولد ابني هذا – يعني الحسين – . كذلك كان يا أبا ذر وأنت يا مقداد ؟ فقاموا وقالوا : نشهد بذلك على رسول الله صلى الله عليه وآله .](كتاب سليم بن قيس ؛ تح: محمد باقر الأنصاري:211) ، ومن يقرأ بروية ويتدبر تلك المواقف التي تتابعت من أولئك القوم يدرك خطورة السيناريو الإنقلابي الذي أعدوه كي يعيدوا سنة الجاهلية الأولى ولكن بلباس الإسلام ، فبعد وفاة الرسول(ص) يخرج عمر بحركة ممسرحة يبكي ويدعي أن رسول الله(ص) لم يمت وإنما رفع ، على الرغم من أن جسد الرسول(ص) كان مسجى ، فيسمعه أبو بكر لينهض له ويردع مقالته تلك ، ويقول قولته الشهيرة ؛ (من كان يعبد محمدا …)!!!
إن عمر حاول بتلك الحركة الممسرحة تهيئة الأجواء لمقالة أبي بكر ، فلولا تلك التهيئة لالتفت الناس إلى قائلها وواجهوه ؛ أن ليس أحد من الناس كان يعبد محمداً(ص) من دون الله سبحانه ، ولكن ما قاله عمر خلق جوا من الإرباك لتأتي مقالة أبي بكر كأنها علاج لما أحدث عمر ، وواقع الحال كانت عبارة أبي بكر الفقرة الثانية مما اتفق عليه ودبروه في ليل الظلمة والفتنة ، ليأتي بعدها دور الفقرة الثالثة في مسرحية اغتصاب الخلافة الإلهية ، عندما ذهبوا إلى السقيفة وأتموا ما دبروه بليل ، ومقالة أبي بكر تكشف عن جملة من الأمور منها على سبيل المثال لا الحصر :
1- إن أبا بكر يعلم علم اليقين أن ما ينصرف له الذهن من معنى العبادة لم يكن يفعله أحد من المسلمين مع رسول الله(ص) ، فكلهم بحسب فهمهم للدين كانوا يعبدون الله سبحانه بما علمهم رسوله(ص) ، فما الذي قصده أبو بكر من عبارته تلك؟؟ لاشك ولا ريب في أن المقصود كان سنة المعلم في العبادة ، أي كيف كان رسول الله(ص) يعلم الناس عبادة التوحيد القائمة على أن ؛ أمر الله سبحانه حكمة لا سبيل للعباد أن يخرقوها أو ينفذوا من خلالها إلا بإنكارها أو تعطيلها ، ولذلك وجد أبو بكر أن بقاء سنة محمد(ص) حية طرية يعني انفضاح تدبيرهم وما خططوا له .
2- يعلم أبو بكر وصحبه أن استمرار حياة محمد(ص) باستمرار حياة سنته وقيام من جعله قيما على تنفيذها ، وتلك السنة تقتضي أن يبقى أولئك النفر المتآمرون تحت سيف تلك السنة التي كانت ستكشف نفاقهم الذي بلغ ذروته عندما سلموا على علي(ص) بإمرة المؤمنين في غدير خم ، وكشف نفاقهم يخرجهم مما دفعهم إلى الدخول في دعوة محمد(ص) ، فأولئك النفر بما عرفوا مما عند اليهود والنصارى أن محمداً(ص) هو نبي آخر الزمان ودولته آخر الدول ، فكانت مطمعا لأولئك سهل لديهم تحمل كل تلك المشقات في سبيله .
3- مقالة أبي بكر تكشف أنها انطوت على مشروع تغيير لسنة محمد(ص) ، وتبشير بقرب ولادة سنة جديدة .
4- من يتأمل قول أبي بكر ذاك يجده لا يختلف عن قول إبليس في رفضه السجود لآدم(ع) ، فمشكلة إبليس لم تكن في عبادة الله سبحانه ، بل كانت في تنفيذ أمر الله وطاعته ، لأنها تكشف عما خبأت نفسه مقابلا لتلك العبادة وكذلك أبو بكر والنفر الذين كانوا معه ، فهم دخلوا في دين الله لأمر أكنته نفوسهم وعملوا على إخفائه ، ولكن الله سبحانه أظهره على ألسنتهم كما أظهره على لسان إبليس .
5- أولى ثمار مقالة أبي بكر تلك كانت ما حدث في السقيفة ، وكيف أنه وزع المناصب الإلهية برأيه ، حيث قال للأنصار ؛ أنتم الوزراء ونحن الأمراء ، من دون أن يكون لمقالته تلك مستند إلا الهوى ، والرغبة في الملك .
وهناك الكثير من الأمور التي استبطنتها عبارة أبي بكر تلك كشفتها مسيرة حكومته الإنقلابية ، حيث قام هو وعصابته بالاعتداء على حرمة بيت رسول الله(ص) والقيام بإضرام النار فيه ، وإكراه أمير المؤمنين(ص) على مبايعته ، وغصبهم لميراث رسول الله(ص) المعنوي في الخلافة والتشريع ، والمادي عندما اغتصبوا فدك وطردوا عمال فاطمة(ص) منها ، وعملوا على إبعاد ابنة رسول الله(ص) وأحب الناس إليه وبضعته التي يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها ، من مدينة أبيها وجعلوا زوجها أمير المؤمنين(ص) يبني لها بيت الأحزان في ظاهر المدينة لمناجاة أبيها (ص) ، وقاموا بقتل المؤمنين بجريرة المرتدين من أتباع مسيلمة وسجاح والأسود العنسي فخلطوا الحابل بالنابل ، وأسموا حروبهم تلك بحروب الردة ، وأسبغوا عليها شرعية لن تكون أبدا ، فما كان بنو نويرة مرتدين أو خارجين عن الدين ، بل كانوا أناسا مؤمنين رفضوا إعطاء الحقوق الشرعية لغير صاحبها الحق ، هذا غير سياسة الإرهاب التي اتبعها الرجلان مع كل من يتشيع لعلي(ص) أو يذكر حقه وسابقته ، وفضله ، حتى وصل الحال بأمير المؤمنين(ص) في عهد عثمان عندما كان يمر بين الناس يشاورون عليه أن هذا زوج ابنة الرسول(ص) وخلا .
وأيضا من الثمار المهمة والخطيرة لتلك الحكومة الإنقلابية هي إعدام سنة الرسول(ص) المكتوبة ، حيث روي عن عائشة أنه قالت : [إن أبي جمع الحديث عن رسول الله(ص) وكان خمسمائة حديث ، فبات ليلة يتقلب كثيرا ، قالت : فغمني ، فقلت : أ تتقلب لشكوى أو لشيء بلغك؟! فلما أصبح قال : أي بني هلمي الأحاديث التي عندك ، فجئته بها ، فدعا بنار فحرقها ، وقال : خشيت أن أموت وهي عندك فيكون فيها أحاديث عن رجل ائتمنته ووثقت به ولم يكن كما حدثني فأكون قد تقلدت ذلك .](كنز العمال للمتقي الهندي:10/285) ، وتأملوا هذا القول واعجبوا من التبرير ، هذا الذي يذكرون أنه لم يكن يفارق رسول الله(ص) يشك في أحاديث كتبها عن رجل وليس من رسول الله(ص)!!! كما أن هناك أمراً آخر وهو ؛ لو كان أبو بكر صادقا في خوفه لأحرق تلك الأحاديث التي رواها عن ذلك الرجل المجهول وترك الأحاديث التي أخذها عن رسول الله(ص) مباشرة وهي الأكثر كما يشير قوله لابنته ، فلماذا أحرقها كلها وأذهب الأخضر بسعر اليابس ـ كما يقال ـ؟؟؟!!! وهناك أمر آخر وهو شرعي مفاده أن الصحف التي فيها كلمات الله أو ذكر أوليائه لا يجوز حرقها ، والأحاديث التي أحرقها أبو بكر هي عن رسول الله(ص) ولاشك في أن كلمات الرسول(ص) هي كلمات الله سبحانه {وما ينطق عن الهوى} فكيف جاز لأبي بكر فعل ذلك؟؟؟!!! أو هذه النار التي أحرق بها تلك الأحاديث الشريفة هي بعض نار الحسد والضغينة التي اشتعلت في جوفه من سنة محمد(ص)؟؟؟!!! لقد كانت سياسة حرق السنة المكتوبة والتضييق على من سمع رسول الله(ص) منهاج عمل الرجلين أبي بكر وعمر ، بل كان الثاني أشد قسوة على سنة رسول الله(ص) حيث جمعها من شتى الأمصار حتى صارت كالتل فأشعل فيها النار وأحرقها كلها ، فضلا على أنه جعل عددا من صحابة النبي(ص) الأجلاء كابن مسعود وأبي ذر حبيسي دارهما إلى أن مات حتى لا يحدثا عن رسول الله(ص) حديثا ، يستبين الناس منه سنة محمد(ص) ، لأن الرجلين كانا قد عقدا العزم على قتل سنة محمد(ص) ، واستبدالها بسنة من صنع أيديهما ، وقد حكى القرآن الكريم حال من يفعل ذلك بقوله تعالى {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ}(البقرة/79) ، وربما سيحاول المغرمون بالرجلين التمحل بالقول أن الآية الكريمة وصفت حال اليهود في تبديل كتابهم ، والرد على هذا الزعم سهل يسير ، مفاده ؛ إن القرآن نزل على أمة تتبع محمداً(ص) وليس لأمة كافرة به ، فمن أين للأمة الكافرة بالرسول(ص) أن تتعظ بكتابه ، بل العظة هنا لمن قبل الكتاب وآمن به عليه أن لا يفعل كما فعلت الأمم السالفة مع كتبها ، ولكن الأمة التي تدعي الانتساب إلى محمد(ص) فعلت ، وكتبت وغيرت وأسست لنهج وسنة ما أنزل الله بها من سلطان اسمها (سنة الشيخين ؛ أبي بكر وعمر) ، حيث جعلت تلك السنة المختلقة فيصلا وميزانا افترق به الناس ، فمن رفضها سمي (رافضيا) ومن قبلها سمي (سنيا) ، حتى وصلنا إلى اليوم الذي انكشفت به تلك المصيبة واستبان مخيضها عن دين انقلابي عمري ، ودين آخر معطل هو دين محمد(ص) الحق الذي كلف بإعادة الحياة له رجل يخرج في آخر الزمان من ولد فاطمة(ص) يملؤها عدلا وقسطا ، كما ملأها أتباع سنة الشيخين ظلما وجورا ، قال تعالى{وإذا الموؤودة سئلت * بأي ذنب قتلت}(التكوير/9،8) .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى