زاوية العقائد الدينيةعقائد السنة

ما حقيقة حديث: ولدني أبو بكر مرتين

ما حقيقة حديث: ولدني أبو بكر مرتين
ما حقيقة حديث: ولدني أبو بكر مرتين

1. قال جمال الدين أحمد بن علي الحسيني المعروف بابن عنبة ( ت 828 هـ ) في كتابه ” عمدة الطالب في أنساب آل أبى طالب ” ص 195 ( وأمه أم فروة بنت القاسم الفقيه ابن محمد بن أبى بكر . وأمها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبى بكر ، ولهذا كان الصادق ” ع ” يقول : ولدنى أبو بكر مرتين ويقال له عمود الشرف ) انتهى .

2.  قال العلامة المجلسي — عليه الرحمة – في بحار الأنوار ج 29 ص 651 :

وقال صاحب إحقاق الحق رحمه الله تعالى : إن الحكاية عن كشف الغمة افتراء على صاحبه ، وليس فيه من الرواية عين ولا أثر….. ثم نقل عن الكتاب المذكور قول الصادق عليه السلام : ولدني أبو بكر مرتين ، وزاد فيه لفظ : الصديق…انتهى .

3.  جاء في حاشية بحار الأنوار : قال في كشف الغمة 2 / 378 نقلا عن الحافظ عبد العزيز بن الأخضر الجنابذي – وهو من أعلام العامة – قال في ترجمة الإمام الصادق عليه السلام : . . وأمه أم فروة ، واسمها : قريبة بنت القاسم ابن محمد بن أبي بكر الصديق ، وأمها : أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ، ولذلك قال جعفر عليه السلام : ولقد ولدني أبو بكر مرتين .

وانظر : إحقاق الحق 1 / 64 و 66 – 67 . فلفظ الصديق من الحافظ لا الصادق عليه السلام….انتهى .

و الحاصل أن بحار الأنوار ينقله عن كشف الغمة , الذي ينقله بدوره عن الجنابذي و هو من أهل السنة , و قد ترجم له الذهبي في سير أعلام النبلاء ج 22 ص 31 .  

4. دأب كثير من المؤلفين على نقل هذا الحديث بدون أي سند , و من هؤلاء المزي في تهذيب الكمال ج 5 ص 75 , و ابن حجر في تهذيب التهذيب ج 2 ص 88 .


و النتيجة أنه لم يثبت نسبة هذا الحديث إلى الإمام الصادق عليه السلام – . كما أن الحديث لا يخلو من غرابة , إذ الولادة مرتين باعتبار أمه و أمها ,  هذا غريب .فلماذا لم يدخل في العد أبناء أبي بكر ( محمد و عبد الرحمن ) و لا حفيده القاسم !!!! ؟ . مضافاً إلى أن وجود أي إنسان في سلسلة أجداد الإمام المعصوم لا يدل على تبرئته . و ها هم أهل السنة و الجماعة يعتقدون بكفر أبي الرسول و أمه وحاشاهما , كما يعتقدون بكفر أبي طالب وحاشاه , فإذا كانت الولادة و النسل دليل على الطهارة و العدالة فليجر هذا الدليل في حق أبوي الرسول و أبي طالب أيضاً . و هنا نقطتان لا بأس بالتذكير بهما :

أولاً : تعتقد الشيعة بضرورة طهارة نسب الرسول و الإمام ( آباء و أمهات ) من العهر و الزنا , فالشيعة تقول بأن جميع أجداد و جدات الرسول و الإمام من نكاح صحيح لا سفاح .

ثانياً : تعتقد الشيعة بأن آباء الرسول والإمام من الموحدين لا المشركين . فالرواية اذن سنية، وليست شيعية، وهي كما ذكرها الدارقطني التالية:
الدارقطني: عن أحمد بن محمد بن إسماعيل الآدمي، عن محمد بن الحسين الحنيني، عن عبد العزيز بن محمد الأزدي، عن حفص بن غياث قال: سمعت جعفر بن محمد يقول: (ما أرجو من شفاعة علي شيئاً إلا وأنا أرجو من شفاعة أبي بكر مثله. لقد ولدني مرتين..) تهذيب الكمال ج5 ص81 و82 وراجع: سير أعلام النبلاء ج2 ص259 وطبقات الحفاظ ج1 ص167 ونقل عن تاريخ دمشق ج44 ص455.

ونقول:نسجل هنا على هذا الحديث النقاط التالية:  

أولاً: قد ذكر القرماني: أن أم الإمام الصادق عليه السلام هي (أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي سمرة) أخبار الدول وآثار الأول (مطبوع بهامش الكامل في التاريخ سنة 1302 هـ) ج1 ص234. وعدم ورود القاسم بن محمد بن أبي سمرة في كتب الرجال لا يعني أنه شخصية موهومة، إذ ما أكثر الشخصيات الحقيقية التي أهمل التاريخ ذكرها لأكثر من سبب.. ولعل هذا هو السبب في أن الشهيد قد اكتفى بالقول: (أم فروة بنت القاسم بن محمد) راجع: البحار ج47 ص1.

ثانياً: هناك جماعة ـ ومنهم الجنابذي ـ تقول: إن أم فروة هي جدة الإمام الباقر عليه السلام لأمه، وليست زوجته، ولا هي أم الإمام الصادق عليه السلام  راجع: كشف الغمة ج2 ص120 ط سنة 1381 هـ المطبعة العلمية ـ قم وناسخ التواريخ، حياة الإمام الصادق ج1 ص11 والبحار ج46 ص218. ولعل شهرة القاسم بن محمد بن أبي بكر تجعل اسمه دون سواه يسبق إلى ذهن الرواة، فإذا كتبوا القاسم بن محمد، فإنهم يضيفون كلمة (ابن أبي بكر)، جرياً على الإلف والعادة. أضف إلى ذلك:  أن القاسم بن محمد أكثر من رجل، كما يعلم من مراجعة كتب التاريخ والتراجم..

 ثالثاً: إن الرواية لم ترو من طرق شيعة أهل البيت عليهم السلام، فكيف صح لهذا البعض أن ينسب هذا القول إلى الإمام عليه السلام من دون أن يَتثبَّت من صحة الرواية؟!  

رابعاً: إن شفاعة رسول الله محمد صلى الله عليه وآله، هي التي ترتجى وتطلب، فكيف يطلب حفيد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله الشفاعة من أبي بكر، ويترك جدّه الرسول صلى الله عليه وآله؟!  وأخيراً: إن بيت أبي بكر قد عرف بالمهانة والذل، فلاحظ ما يلي:  ولو فرضنا صحة هذه الرواية فلا بد من حملها على أنه عليه السلام أراد بيان أمر واقع ـ ربما لأجل دفع الشر عن ضعفاء شيعته..  ولم يقل ذلك اعتزازاً منه بالانتساب إلى أبي بكر، وإلى بيته، فإن من ينتسب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، لا يفتخر بالانتساب إلى أحد سواه.  

صحيفة الصراط المستقيم – العدد 27 – السنة الثانية – بتاريخ 25-01-2011 م – 20 صفر 1432 هـ.ق) 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى