أخبار سياسية منوعة

أولياء أمريكا يحاصرون حذاء منتظر

 

لاشك في إن الكثير من العراقيين الشرفاء يشعرون بأن حذاء منتظر قد أعاد لهم بعضاً من الكرامة التي أهدرها السياسيون العملاء ، وفقهاء السوء الخونة ، وإنه كان صوتاً حقيقياً عبر بطريقة فريدة عن مكنون ضمير الأمة المثقل بمشاعر الغضب وخيبة الأمل ، بعد أن خذلها بل أذلها من كان يُفترض بهم أن يصونوا كرامتها ، ويدفعوا عنها وهي تخوض معركة الوجود والبقاء ، وتأكيد الهوية .

في هذا الوقت الذي استحق فيه هذا الحذاء وصاحبه الشجاع أن يرقى لمستوى رمزي متميز ، يستقطب مشاعر الكثير من أبناء العراق والبلدان الإسلامية ، شهدت الساحة الإعلامية هجمة شرسة لا تنقصها القذارة أبداً ، تستهدف تطويق الوهج المنبعث من شجاعة منتظر ، وتعمل على خلط الأوراق ، وتزييف حقيقة الدوافع والدلالات التي تؤطرها ، يستوي في هذا من آثر الصمت المريب ، ومن أطلق العنان لوقاحته فراح يتحدث عن وظيفة توجيه الأسئلة التي ينبغي للصحفي بزعمه أن يتحدد بها ، وأن منتظر الزيدي ما كان ليجرؤ على الإقدام على فعله هذا في ظل النظام الديكتاتوري الصدامي ، ليخلص الى نتيجة شيطانية يُظهّر الليل من خلالها نهاراً والمنكر معروفاً ، وبهذا يحاصر فعل منتظر بنطاق دلالة وحيدة فحواها التطبيل لمساحة الحرية المزعومة التي أتاحها الإحتلال .

إن فكرة بركة الحرية التي منحها المحتل للعراقيين تواترت كثيراً على ألسنة دهاقنة التضليل والتصيد في المياه العكرة ، ولعبت على ما يبدو دوراً خطيراً في إرباك قناعات الكثير من الناس ومواقفهم من نفس واقعة الإحتلال ، لدرجة أن البعض صار انطلاقاً من هذه الفكرة يرى الإحتلال فضيلة تنضاف الى سجل الولايات المتحدة قائدة العالم الحر ، وصرنا كثيراً ما نسمع الذئاب المتسربلين بجلود حملان المحللين السياسيين يدفعون كل تهمة تكال لهمجية الإحتلال بفكرة الحرية المنطلقة من سرفات دبابات المحتل وبساطيل جنوده .

والحق إن ثمة مغالطة كبيرة وخدعة قاسية ينطوي عليها مثل هذا الطرح ، فالإحتلال لم يكن في الحقيقة سوى أن جيوش المحتل دفعتها غايات ومصالح المحتل نفسه لدخول العراق وتحطيم جيشه ودولته ، والتحكم بالنتيجة بقراره كله . صحيح أن الدولة الطاغوتية وجيشها كانا مسؤولين عن مناخ القمع ومصادرة الحريات ، ولكن ولأنهما العلة في غياب الحريات لم يكن القمع هو الحالة الطبيعية ، بل كان الطارئ المعلول لوجود السلطة الطاغوتية ، وهكذا ما أن أُزيلت علة غياب الحرية حتى عاد حضورها ، وهذه العودة سببها كون الحرية هي الحالة الطبيعية ، وهي المعطى الرباني الفطري . أمريكا إذن لم تمنح العراقيين الحرية بل منحها لهم الله تعالى ، وأمريكا لم تُزح السلطة الطاغوتية لأنها أرادت لمانع الحرية أن يُزال ، بل لقد أرادت إبدال طاغوت بطاغوت ، أرادت هي أن تتسلط على رقاب العراقيين ومقدراتهم ومستقبلهم ، وما القمع الذي مارسته بحق العراقيين بأقل من ذاك الذي مارسه صدام ودولته الطاغوتية ، وإذا كانت أمريكا قد صادفت مواجهة وتحدياً من العراقيين ، فالدولة الطاغوتية قبلها قد واجهها العراقيون الشرفاء بالمقاومة والرفض كذلك ، وكان الرفض هنا وهناك يصدر عن شعلة الحرية المتوقدة بعون الله تعالى وإذنه ، وإذا كان ثمة فارق في الزخم والنوعية والحجم ، فهو ناتج عن حجم السوء الأكبر الذي تمثله أمريكا .

إذن لسنا بحاجة لصحفي كويتي تافه ، ولا لقناة ساقطة أخلاقياً كقناة العربية لتعلمنا كيف نُقيّم ما فعله منتظر الزيدي .

وعلى أية حال لقد كان واضحاً من طبيعة تعاطي بعض الجهات الإعلامية مع واقعة منتظر الزيدي أن ثمة تحريضاً سياسياً تقف وراءه أطراف سياسية محلية وإقليمية ودولية على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ، ولعل في هذا ما يشير الى أن جهات عديدة غير المحتل الأمريكي قد أحست بسخونة لطمة حذاء منتظر ، وما يمكن أن تولده هذا السخونة من مناخ سياسي يجري بالضد تماماً من توجهاتها الإنبطاحية ، التي تعتمد بالدرجة الأولى على إبقاء حالة الهجعة الشعبية ، الأمر الذي يعني في المحصلة الأخيرة إن معركة حذاء منتظر أوسع كثيراً من أن يتم حصرها بشعور الفرح العابر أو التنفيس المؤقت عن حالة الإحتقان النفسي لشعب تتلبد سماؤه بغمامة العمائم المنافقة ، أو السدارات الهجينة المستوردة .

هي معركة بقدر ما يتعلق الأمر بالعراق بين الحذاء الرافض الأبي الذي ينقل العراقيين الى شمس السيادة الحقيقية ، وبين العمامة المداهنة التي تحجب الشمس عنهم وتبقيهم منفيين في عوالم ظلمة السراديب الرطبة الموبوءة .

Aaa-aaa9686_(at)_yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى