الإفتتاحية

من أخذ دينه من أفواه الرجال أزالته الرجال

افتتاحية العدد 24 - 9صفر 1433 هـ
العدد 24 - 9صفر 1433 هـ

أمرنا الله ورسوله صلى الله عليه وآله بالتمسك بالثقلين؛ القرآن والعترة فالحق هو ما صدر منهما، وما عداه باطل، وزخرف لا يؤمَن على صاحبه من الزلل والوقوع في الهاوية السحيقة.

وإنه لمن أوضح الواضحات إن الإختلاف بين الناس وتفرقهم إلى مذاهب وشيع ونحلل وملل لم يكن ليقع لولا ابتعاد الناس عن هذين المصدرين والنبعين الصافيين؛ القرآن والعترة، فالناس افترقوا واختلفوا وابتعدت بهم أهواؤهم عن الحق بعد أن نبذوا القرآن والعترة وخلفوهما وراء ظهورهم.

وإذا كانت هذه الحقيقة من أوضح الواضحات كما سلف القول، فإنها بدورها لم تسلم من تلبيسات إبليس لعنه الله وطرقه الملتوية في إضلال الناس وإبعادهم عن الحق الواضح الجلي بوسائل سرابية يحسبها الجاهل ماء زلالاً. ومن بين الوسائل التي انتهجها لابعاد الناس عن منهل العترة العذب ابتكاره فكرة علم الرجال وإخراجها بصورة الفكرة التي تقرب الناس من الحق بينما هي في الحقيقة تبعدهم عنه أشواطاً طويلة.

فمن خلال فكرة علم الرجال ذات الأصول العامية كما يعرف الجميع استطاع الشيطان أخزاه الله أن يقنع البعض بأن الحديث الوارد عن العترة يقبع في جزيرة تطوقها الجنيات وسراق الليل ولابد من الوصول إليه من عبور القنطرة؛ أي قنطرة علم الرجال.

وإذا كانت هذه الصورة لا تعجب البعض فعليهم أن يرضوا بالصورة التالية لأن حقيقة فعلهم أقبح من كل الصور، والصورة الأخرى هي إنهم صوروا وصية رسول الله صلى الله عليه وآله بالثقلين؛ القرآن والعترة على أنها وصية لا تملك رصيداً فعلياً يمكن للإنسان أن يستفيد منها، وإنما هي أمنية لا تتحقق إلا إذا جعل ما انتجته عقول العامة الناقصة قائداً له.

بل إنهم في الحقيقة جعلوا وصيته صلى الله عليه وآله بلا رصيد أبداً، وهذه نتيجة يتوصل لها من عرف تخبطهم واختلافهم في توثيق أو تضعيف الرجال، وهو تخبط وتناقض يحصل للشخص الواحد نفسه، فنجد سين من علماء الرجال يوثق شخص في كتاب ويضعفه في كتاب آخر، وبهذا لا يسلم دين ولا علم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى