زاوية العقائد الدينيةعقائد الشيعة

يوسف (عليه السلام) وقانون معرفة حجة الله

ان الله سبحانه وتعالى وضع قانون يعرف به داعي الحق في كل زمان وهو حجة الله على عباده وخليفة الله في ارضه وطاعته طاعة الله ومعصيته معصية الله، والايمان به والتسليم له هو الايمان بالله والتسليم لله والكفر به والالتواء عليه، هو الكفر بالله والالتواء على الله.

ام ان الله ترك الحبل على الغارب (حاشاه سبحانه وتعالى) وهو الحكيم المطلق وقدر كل شيء فاحسن تقديره، (وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَار) الرعد: 8 ،

وهو (عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)(سـبأ: 3).

فالنتيجة ان مقتضى الحكمة الالهية هو وضع قانون لمعرفة خليفة الله في ارضه في كل زمان، ولابد ان يكون هذا القانون وضع منذ اليوم الاول الذي جعل فيه الله سبحانه خليفة له في ارضه فلا يمكن ان يكون هذا القانون طارئ في احدى رسالات السماء المتاخرة عن اليوم الاول لوجود مكلفين منذ اليوم الاول، ولا اقل ان القدر المتيقن للجميع هو وجود ابليس كمكلف منذ اليوم الاول

فتعال معي عزيزي القارىء لنعرض القانون الذي وضعه الله لمعرفة حججه على نبي الله يوسف عليه السلام كما وضحه لنا الامام احمد الحسن عليه السلام في كتاب الاضاءات ج3

1- الوصية :-

في قول يعقوب(ع) ليوسف(ع): (وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (يوسف:6)

فيعقوب يبين ان يوسف(ع) وصيه وانه امتداد لدعوة إبراهيم (ع) وبكل وضوح

وفي قول يوسف(ع) (وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا   يَشْكُرُونَ) (يوسف:38) فيوسف(ع) يؤكد انتسابه إلى الأنبياء (ع) وانه الخط الطبيعي لاستمرار دعوتهم (ع).

2- العلم :-

في قوله (قَالَ لا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ) (يوسف:37)

وفي قوله (… تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّا تُحْصِنُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ) (يوسف:47-49) وفي قوله(قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) (يوسف:55)

3- البيعة لله :-

  في قوله (يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ * مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) بعد ان عرفنا وجود قانون الهي لمعرفة خليفة الله في أرضه وهو مذكور في القرآن الكريم بل وجاء به كل الأنبياء والمرسلين (ع) ويوسف(ع) أيضا جاء به نحتاج ان ننتفع ونعمل بهذا القانون الإلهي في زمن الظهور المقدس (زمن يوسف آل محمد(ع)) لأن من لا يعمل بهذا القانون يكون من أتباع إبليس (لع) كما تبين وأنت تجد حتى في الإنجيل أن عيسى (ع) يؤكد على ان الأنبياء السابقين من بني إسرائيل قد ذكروه وبشروا به وأوصوا به وكذا جاء بالعلم والحكمة وأيضاً رفع راية البيعة لله وطالب بملك الله وحاكميته، ومحمد أيضاً أكد هذا الأمر وبين ان الأنبياء السابقين ذكروه وبشروا به وأوصوا به وانه مذكور في التوراة والإنجيل وجاء (ص) ليُعلم الكتاب والحكمة ورفع راية البيعة لله وطالب بملك الله وحاكميته سبحانه وتعالى في أرضه.

وكذا آل محمد (ع) وتوجد أكثر من رواية عنهم (ع) أكدوا بها هذا القانون الإلهي لكي لا يضل شيعتهم ولكن للأسف من يدَّعون انهم شيعتهم اختاروا في آخر الزمان الكفر بروايتهم والإعراض عنها وعن القرآن الكريم وإتباع العلماء غير العالمين فأضلوهم وخلطوا عليهم الحق بالباطل فلم يعد عندهم قانون لمعرفة الحجة من الله وخليفة الله، مع ان هذا القانون الإلهي لمعرفة الحجة من الله وخليفة الله والوصي الذي يمتحن به الناس موجود في القرآن الكريم وقد بينته بوضوح لعل من يدعون انهم شيعة آل محمد وعامة أصحاب الأديان الإلهية يلتفتون إلى هذا القانون فينقذون أنفسهم من النار

إذاً فصاحب الحق الإلهي الوصي المعزي[1] لأنبياء الله ورسله الذي يأتي في آخر الزمان إذا جاء بهذه الأمور الثلاث وهي:

**الوصية أي ان الماضيين (ع) أوصوا به ونصوا عليه بالاسم والصفة والمسكن كما كانت الوصية بالرسول محمد من الأنبياء الماضيين (ع) باسمه وبصفته انه راكب الجمل وبمسكنه فاران أي مكة وما حولها (عرفات)، والروايات الدالة على الوصي في آخر الزمان باسمه وصفته ومسكنه كثيرة.

**وجاء أيضاً بالعلم والحكمة كما جاء رسول الله (ص) محمد بالعلم والحكمة قال تعالى:

(هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (الجمعة:2)

وهذا الرسول هو محمد بن عبد الله (ص) المرسل في الأوليين من هذه الأمة ثم يقول تعالى:

(وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (الجمعة:3)

وهذا الرسول في الآخرين هو المهدي الأول من ولد الإمام المهدي (ع) ومرسله هو الإمام المهدي (ع) وأيضاً يعلمهم الكتاب والحكمة مما جاء به رسول الله محمد (ص) وكان اسمه (ص) في السماء احمد، والمهدي الأول اسمه في الأرض احمد وفي السماء محمد فهو صورة لرسول الله محمد (ص) ويبعث كما يبعث محمد (ص) ويعاني كما عانى محمد (ص) فلابد من وجود قريش وحلفاءها وأم القرى والهجرة والمدينة وكل ما رافق دعوة رسول الله محمد (ص) فقط المصاديق والوجوه تتبدل إنما هي وهم كتلك وأولئك.

**أما الأمر الثالث:

وهو المطالبة بحاكمية الله والملك الإلهي فلابد ان يتحقق في الواقع المعاش بشكل يتوضح فيه صاحب الحق الإلهي وحكمته وعلمه ومعرفته بعاقبة الأمور والحمد لله تم هذا بفضل الله سبحانه وتعالى فكل أولئك العلماء غير العاملين دعوا إلى حاكمية الناس والانتخابات وشورى وسقيفة آخر الزمان إلا الوصي بفضل من الله عليه لم يرضَ إلا حاكمية الله وملك الله سبحانه ولم يحد عن الطريق الذي بينه محمد وال محمد (ع)، أما العلماء غير العاملين فقد خرجوا وحادوا عن جادة الصواب وتبين بفضل خطة إلهية محكمة ان رافع راية رسول الله محمد (ص) ((البيعة لله)) هو فقط الوصي.

اما من سواه فهم قد رفعوا راية الانتخابات وحاكمية الناس وهي بيعة في أعناقهم للطاغوت وبملئ إرادتهم، بل وهم قد دعوا الناس لها وانخدع الناس بسبب جهلهم بالعقيدة التي يرضاها الله سبحانه وتعالى مع إن أهل البيت (ع) قد بينوا هذا الأمر بكل وضوح وجلاء، ودم الحسين في كربلاء خير شاهد على ذلك وان كانت فاطمة الزهراء (ع) لما نحى القوم الوصي علي (ع) خاطبتهم قائلة: (أما لعمر إلهك لقد لقحت فنظرة ريثما ننتج، ثم احتلبوا طلاع القعب دما عبيطا وزعافا ممقرا، هنالك يخسر المبطلون ويعرف التالون غب ما أسس الأولون، ثم طيبوا عن أنفسكم  أنفسا، واطمأنوا للفتنة جأشا وأبشروا بسيف صارم وهرج شامل واستبداد من الظالمين، يدع فيئكم زهيدا وزرعكم حصيدا. فيا حسرتي لكم وأنى بكم وقد عميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون) (معاني الأخبار- الشيخ الصدوق  ص 355)

فهم اليوم علموا بانفسكم غب ما سَنّوا واحتلبوا طلاع القعب دما عبيطا.

فهل هذا الحال الذي انتم فيه عذاب من الله سبحانه ام لا؟!!!.

في قرارة أنفسكم تقرون انه عذاب من الله ولكن تخافون ان تقروا بألسنتكم لئلا يقال لكم فهذا احمد الحسن مرسل من الإمام المهدي (ع) وهذه رسالة إلهية والله يقول: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)

نقلا من كتاب اضاءات من دعوات المرسلين ج3 القسم الثاني للامام احمد الحسن (عليه السلام)


– [1]قال عيسى (ع):- ( وأما الآن فأنا ماضي للذي أرسلني، وليس أحد منكم يسألني أين تمضي، ولكن لأني قلت لكم هذا قد ملأ الحزن قلوبكم.

لكن أقول لكم الحق انه خير لكم أن انطلق لأنه إن لم انطلق لا يأتيكم المعزي، ولكن إن ذهبت أُرسله إليكم ومتى جاء ذاك يبكت العالم على خطيئة، وعلى بر، وعلى دينونة.

أما على خطيئة: فـ ( لأنهم لا يؤمنون بي )، وأما على بر: فـ ( لأني ذاهب إلى أبي ولا ترونني أيضاً )، وأما على دينونة: فـ ( لأن رئيس هذا العالم ) قد دين.

إن لي أمور كثيرة أيضاً لأقول لكم، ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن، وأما متى جاء ذاك ( روح الحق ) فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه، بل كل ما يسمع يتكلم به ) إنجيل يوحنا الإصحاح السادس عشر

…………………………………………………………………………………………………….

( صحيفة الصراط المستقيم – العدد 14 – السنة الثانية – بتاريخ 26-10-2010 م – 18 ذة القعدة 1431 هـ.ق)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى