الإفتتاحية

بيعة المهدي عليه السلام

وردت في المصادر الشيعية والسنية على حد سواء أحاديث كثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وعن أهل البيت عليهم السلام تأمر الناس وتوجههم لبيعة المهدي عليه السلام فور رؤيته، فماذا يمكن أن نستفيد من هذه الأحاديث؟

افتتاحية -العدد 18 – 26 ذو الحجة 1432 هـ. ق.

بطبيعة الحال لا أريد الآن إحصاء كل الدلالات التي يمكن أن استفادتها، وإنما أتطلع لوضع بعضها نصب أعين القراء، ولهم بالتأكيد أن يتأملوا فيها ويغترفوا من بحر الأحاديث دلالات أخرى غيرها.

واضح إن من يقرأ الأحاديث المشار إليها سيرى بجلاء أنها تأمرنا ببيعة المهدي عليه السلام دون شرط أو قيد، وتطلب منا المسارعة لبيعته عليه السلام، الأمر الذي يعني أن رسول الله صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام يخبرونا من خلال هذه الأحاديث وبطريقة غير مباشرة بأن كل الحكام في زمن الإمام المهدي عليه السلام غير شرعيين ولا ينبغي مبايعتهم أو حتى احترامهم.

ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام يعلمون تماماً أن الناس في زمن ظهور المهدي عليه السلام لهم حكام يحكمونهم، وبالتالي فإن الأمر ببيعة المهدي وتجاهل هؤلاء الحكام دليل على أنهم ليسوا شرعيين وليسوا مرضيين عند الله عز وجل.

وعليه فإن النظرية السنية التي تقول بشرعية الحكام غير المنصبين من قبل الله عز وجل تسقط من راس هنا ولا يبقى لها عين ولا أثر. فهؤلاء الحكام الذين يسميهم العامة أولياء الأمر يتجاهلهم النص النبوي ولا يقيم لهم وزنا ألبتة، فهو يوجه الناس لبيعة المهدي عليه السلام ولا ينتظر حتى موافقة أو عدم رفض هؤلاء الحكام.

ومن جهة أخرى من الواضح أن الأحاديث المشار إليها تدل بقوة على أن كل النظريات التي يتم من خلالها اختيار الحاكم باطلة باستثناء نظرية واحدة تتمثل بالتنصيب الإلهي للحاكم. فلا الديكتاتورية، ولا الديمقراطية مرضية عند الله. فالحكام الذين ينتخبهم الناس هم بدورهم يتجاهلهم رسول الله صلى الله عليه وآله ولا يقيم له وزناً، ويأمر الناس بالانفضاض عنهم وبيعة المهدي المنصب من قبل الله عز وجل

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى