زاوية العقائد الدينيةعقائد الشيعة

صيحة الحق – النداء باسم القائم ( الجزء الثاني )

كنا قد انتهينا إلى التساؤل التالي:

لِمَ يتبرأ مَنْ يدعي ولاية آل محمد من آل محمد (ع) – والعياذ بالله – عند صيحة إبليس (لعنه الله) التي تأتي بعد صيحة الحق التي تُعرِّف بالقائم (ع) في حديث الإمام الصادق (ع) الذي  يقول فيه: (.. فيؤمن أهل الأرض إذا سمعوا الصوت من السماء: ألا إن الحق في علي بن أبي طالب وشيعته.

قال: فإذا كان من الغد صعد إبليس في الهواء حتى يتوارى عن أهل الأرض، ثم ينادي: ألا إن الحق في عثمان بن عفان وشيعته، فإنه قتل مظلوماً فاطلبوا بدمه. قال: فيثبّت الله الذين آمنوا بالقول الثابت على الحق وهو النداء الأول، ويرتاب يومئذٍ الذين في قلوبهم مرض، والمرض والله عداوتنا، فعند ذلك يتبرءون منا ويتناولونا، فيقولون: إن المنادي الأول سحر من سحر أهل هذا البيت) غيبة النعماني: ص260.

وكونهم يتبرءون من أهل البيت (ع) عند سماع نداء إبليس (لعنه الله) يكشف عن أنهم يدعون – ولو على مستوى القول – ولاية أهل البيت (ع) قبل النداء الثاني الذي يكشف عن حقيقتهم فيبدؤون بالتبري وتناول أهل البيت واتهامهم بالسحر ؟؟!!

لا شك أنها حقيقة مرة وخطيرة في ذات الوقت، ولأجل استجلاء الحقيقة وتأملها لأخذ العبرة خوف الوقوع في هذا المنزلق الخطير، نقف سريعاً عند بعض مضامين روايات آل محمد (ع) مما يتعلق بصيحة الحق وقد وردت بعدة مضامين، هذه بعضها :

عن أبي جعفر (ع): (ينادي منادي باسم القائم واسم أبيه).

عن أبي جعفر (ع): (ألا إن المهدي من آل محمد فلان بن فلان).

عن أبي عبد الله (ع): (إن فلان هو الأمير).

عن أبي عبد الله (ع): (ألا أن فلان صاحب الأمر فعلامَ القتال).

عن أبي عبد الله (ع): (فيم القتل والقتالصاحبكم فلان).

عن أبي عبد الله (ع): (ألا إن الحق في علي بن أبي طالب).

عن أبي عبد الله (ع): (وينادي منادي أن علياً وشيعته هم الفائزون).

(انظر: غيبة النعماني: ص253 – 266).

ومما لابد أن يعلم قبل كل شيء أن الإمامين الهمامين الباقر والصادق (عليهما السلام) يتحدثان عن شخص واحد ستكون إحدى آياته ودلائله النداء الأول الدال عليه، ولا يصح أن يخطر في بال احد فيتوهم أنّ ما ذكر من المضامين التي تخص صيحة الحق ونداءه في كلام الإمامين أنهما يتكلمان عن عدة أشخاص، ذلك أنّ راية الحق ترفع من قبل واحد لا أكثر والحق لا يتعدد، فمن هو المنادى باسمه والذي وصِف بأنه: (القائم، والمهدي، والأمير، وصاحب الأمر، وصاحبكم، وإنه علي بن أبي طالب “ع”) ؟

كما أن من الواضح جداً أنّ المنادى باسمه ليس هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) بشخصه، وإلا فلماذا يرتاب من يدعي انه من شيعته بليلة واحدة تفصل بين النداء الأول ونداء إبليس في الغد مباشرة، والذي يكون سبباً ليس فقط لعدم نصرة داعي الحق بل للبراءة من أهل البيت (ع) وتناولهم والعياذ بالله ؟! وهل يزيد ذكر اسم علي (ع) بنداء الهي وسماعه ممن يواليه إلا إيماناً وتصديقاً ؟! فما بال القوم إذن سرعان ما يتبرؤون بل يقولون أنه من سحر أهل هذا البيت، ومن يجرؤ على قول ذلك ممن يدعي انه موالٍ له ولأولاده الطاهرين ؟!

انه إذن شخص آخر يكون مَثَلاً لأبيه علي (ع) في زمنه ويكون قطعة منه وروحه.

ولا يمكن القول إنه الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع) لنفس السبب المتقدم، فهو (ع) وإن كان مَثَلاً لأبيه أمير المؤمنين (ع)، لكنه بكل تأكيد غير مقصود بالمنادى؛ فمَن من الشيعة سيستمع إلى صيحة إبليس (لعنه الله) إن كان النداء باسم الإمام المهدي (ع)، ومن منهم لا يزيده ذكر اسم الإمام (ع) إيماناً، في حين أن الرواية تقرر حقيقة خطرة للغاية وهي التبرّي من آل محمد (ع) بعد سماع نداء إبليس أخزاه الله، بمعنى أن النداء سيكون حداً فاصلاً في إعلان جماعة – وهم كثر كما سيتضح – كانوا يدّعون مولاة آل محمد براءتهم منهم باستماعهم للنداء الثاني ورفضهم الأول، أو بالأحرى لرفضهم واعتراضهم على من يكون النداء الإلهي به.

فمن هو إذن ؟

هذا ما يتم تركيز الحديث عنه في الحلقات القادمة إن شاء الله تعالى.

…………………………………………………………………………………………………………….

( صحيفة الصراط المستقيم – العدد 1 – السنة الثالثة – بتاريخ 19-7-2011 م – 17 شعبان 1432 هـ.ق)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى