زاوية العقائد الدينيةعقائد الشيعة

حديث حول علم الرجال – الجزء الثاني

بلغ بنا المطاف إلى ذكر الأدلة على نفي علم الرجال الذي وضعوه لرد روايات الطاهرين عليهم السلام فسنذكر منها جانباً، وكما يلي:

الدليل الأول: قطعية صدور الروايات التي وردت في الكتب الأربعة وهي الكافي للكليني رض المتكون من 8 أجزاء اثنان منها أصول وخمسه فروع والثامن كتاب الروضة، وكتاب من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق وهو 4 أجزاء والتهذيب والاستبصار للشيخ الطوسي رض وهذا ما ذهب إليه علماؤنا المتقدمين رض فقالوا بقطعية صدور الأحاديث الواردة عن أهل بيت العصمة عليهم السلام وعلى ذلك فالبحث في حال الراوي من حيث الوثاقة وعدمها لأجل طلب الاطمئنان بالصدور، لا موضوع له، فالمفروض إنها مقطوعة الصدور .


الدليل الثاني: عمل المشهور جابر لضعف السند وهو أن كل خبر عمل به المشهور فهو حجة سواء كان الراوي ثقة أو لا وكل خبر لم يعمل به المشهور ليس بحجه وان كان رواته ثقات. اذن ما الفائدة من علم الرجال ؟؟ إذا كان عمل المشهور جابر  وكاسرا للسند .

الدليل الثالث: لا طريق إلى إثبات عدالة الراوي. فإن عدالة الراوي لا طريق إليها إلا بالرجوع إلى كتب أهل الرجال الذين اخذوا عدالة الراوي من كتب غيرهم وغيرهم من غيرهم فلا يثبت بذلك التعديل المعتبر لعدم العبرة بالقرطاس .

الدليل الرابع: إن الخلاف العظيم في معنى العدالة والفسق يمنع من الأخذ بتعديل علماء الرجال بعد عدم معلومية مختار المعدل في معنى العدالة ومخالفته معناها في المبنى فإن مختار الشيخ في العدالة ظهور الإسلام بل ظاهر كونه مشهورا فكيف يعتمد على تعديله من يقول كون العدالة هي الملكة؟

الدليل الخامس: تفضيح الناس في هذا العلم. إن علم الرجال علم منكر يجب التحرز عنه لان فيه تفضيحا للناس وقد نهينا عن التجسس عن معايبهم وأمرنا بالغض والتستر قال تعالى ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا .

الدليل السادس: قول الرجالي وشرائط الشهادة. لو قلنا باعتبار قول الرجالي من باب الشهادة يجب أن يجتمع فيه شرائطها التي منها الاعتماد على الحس وهو شرط اتفق عليه العلماء ومن المعلوم عدم تحقق هذا الشرط لعدم معاصرة المعدل بالكسر والمعدل بالفتح غالبا 0فكيف ونحن نعلم أن التوثيقات في علم الرجال كلها أمور حدسيه ولم تكن حسية حتى يعتمد عليها .

الدليل السابع: التوثيق الإجمالي.  إن الغاية المستوحات من علم الرجال هو تميز الثقة عن غيره فقد قام مؤلفوا الكتب الأربعة بهذا العمل فوثقوا رجال أحاديثهم واسناد رواياتهم على نحو الإجمال دون التفصيل فلو كان التوثيق التفصيلي من نظراء النجاشي والشيخ وأضرابهما حجة فالتوثيق الإجمالي من الكليني والصدوق والشيخ الطوسي رضوان الله عليهم أيضا حجة فهؤلاء الأقطاب الثلاثة صححوا رجال أحاديث  كتبهم وصرحوا في ديباجتها بصحة رواياتها .

قال المحقق الكاشاني رض في المقدمة الثانية من كتابه الوافي في هذا الصدد ما هذا خلاصته: إن أرباب الكتب الأربعة قد شهدوا على صحة الروايات الواردة فيها قال الكليني في أول كتابه في جواب من التمس منه التصنيف وقلت: انك تحب أن يكون عندك كتابا كاف يجمع من جميع فنون الدين ما يكتفي به المتعلم ويرجع إليه المسترشد ويأخذ منه من يريد علم الدين والعمل به وبالآثار الصحيحة من الصادقين والسنن القائمة التي عليها يعمل وبها يؤدي فرض الله وسنة نبيه إلى أن قال قدس وقد يسر الله له الحمد تأليف ما سألت وأرجو أن يكون بحيث توخيت .

وقال الصدوق  رض في ديباجته الفقهية: إني لم اقصد فيه قصد المصنفين  في إيراد جميع ما رووه بل قصدت إلى إيراد ما أفتي به وأحكم بصحته واعتقد انه حجه بيني وبين ربي تقدس ذكره وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعول واليها المرجع .

وذكر الشيخ الطوسي في العدة أن جميع ما رواه في كتابه التهذيب والاستبصار إنما أخذه من الأصول المعتمدة. قال في كتابه الغيبة في مقدمته بعد ما حمد الله وصلى على النبي واله، الى أن قال: فإن كتبي في الإمامة وكتب شيوخنا مبسوطة في هذا المعنى في غاية الاستقصاء وأتكلم على ما يسأل في هذا الباب من الأسئلة المختلفة وأردف ذلك بطرف من الأخبار الدالة على صحة ما تذكره ليكون ذلك تأكيدا لما نذكره وتأييدا للمستمسكين بالأخبار والمتعلقين بظاهر الأحوال. وقال في موضع آخر من كتابه الغيبة بعد ذكر الوصية المباركة ردا على من أشكل على كتابه: فإن قيل دلونا على صحة هذه الأخبار  فإنها آحاد لا يعول عليها فيما طريقه العلم وهذه المسألة علمية ثم دلوا على ان المعني بها من تذهبون إلى إمامته  فإن الأخبار التي رويتموها من جهة الخاصة اذا سلمت فليس فيها صحة ما تذهبون اليه لانها تتضمن العدد فحسب ولا تتضمن غير ذلك فمن أين لكم ان أئمتكم هم المرادون بها دون غيرهم؟ قال الشيخ قدس: أما الذي يدل على صحتها  فإن الشيعة الامامية يروونها على وجه التواتر خلفا عن سلف وطريقة تصحيح ذلك موجودة في كتب الامامية والنصوص على أمير المؤمنين والطريقة واحده انتهى كلامه رفع مقامه .

فنستنتج إخوتي الكرام  مما مضى انه لا حاجة إلى علم الرجال بل هو ليس بعلم أصلا بل يطلق عليه على نحو التجوز فما هو إلا أكاذيب وتمحلات باطله ليس لها طائل في رد آثار أهل البيت عليهم السلام .

…………………………………………………………………………………………………..

( صحيفة الصراط المستقيم – العدد 6 – السنة الثانية – بتاريخ 31-8-2010 م – 20 رمضان 1431 هـ.ق)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى