زاوية العقائد الدينيةعقائد السنةعقائد الشيعة

آية توبة آدم – الحلقة الثالثة

التوسل بالعظماء والأولياء بعد وفاتهم:

 إنّ الوهابيين يفتقدون إلى الجواب المنطقي في مقابل هذه الآيات القرآنية والبراهين العقلية ولذلك اضطروا إلى تعديل مواقفهم من مسألة التوسل وأجازوا التوسل بالنبي في حياته ومنعوه بعد وفاته.

 إنّ هؤلاء لم يلتفتوا إلى لوازم هذا الرأي، لأن ذلك يعني أن الشرك وفقاً لهذه العقيدة مباح في حياة النبي ولكنه حرام بعد وفاته، وبعبارة اُخرى أن لازم ذلك أن يكون الشرك على نحوين :

 1 ـ الشرك المباح، 2 ـ الشرك المحرّم والممنوع.

 فهل سمعتم عالماً ينطق بمثل هذا الكلام ؟

 هل سمعتم أحد المسلمين يقول بأن الشرك مباح في بعض الأحيان ؟

 إنّ بطلان الشرك بمثابة قانون عقلي كلّي لا يقبل الإستثناء، ولكنّ الوهابيين هم طائفة متخلّفة فكرياً وعلمياً دون سائر المذاهب الإسلامية حيث لا يمكن قياسهم بعلماء دمشق ولا بعلماء الأزهر ولا بعلماء الشيعة وفضلاء الحوزات العلمية.

 مضافاً إلى ذلك نقول : كيف اختلف الحال بين وجود النبي على قيد الحياة وبعد الوفاة ؟ فرغم أن بدن النبي قد مات ودفن في التراب ولكن بدون شكّ أن روحه بعد خروجها من البدن الشريف ستكون أقوى على مستوى التأثير والإدراك.

 والقرآن الكريم يقرر الحياة البرزخية للشهداء ويقول في الآية 169 من سورة آل عمران:﴿وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبيلِ اللهِ اَمْواتاً بَلْ اَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾.

 فعندما يكون الشهداء أحياءاً بعد موتهم ويتناولون الطعام عند ربّهم كما تقول الآية التي بعدها أنهم يشهدون أعمال أحبتهم ورفقاءهم في هذه الحياة الدنيا، فهل أن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) الذي يتمتع بمقام أسمى بكثير من مقام الشهداء لا تكون له حياة برزخية ؟

 بلا شكّ أن النبي يعيش الحياة البرزخية في أعلى المستويات، ولذلك نرى أن المسلمين في ختام كلِّ صلاة يسلمون عليه ويقولون: السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ.

 فلو لم يكن النبي حيّاً فلماذا هذا السلام، وعلى من يكون، وماذا يعني ؟

 النتيجة هي أن التوسل بالأولياء جائز في حال حياتهم وبعد موتهم، ولا فرق هناك بين موت هؤلاء وحياتهم في هذه المسألة.

إذن فما هو مقصود الوهابيين من قولهم بأن التوسل شرك ؟ وما هي المرتبة من مراتب التوحيد التي يرون أنها تتنافى مع التوسل ؟

 ولأجل بيان هذه الحقيقة وهي أن التوسل لا يتنافى إطلاقاً مع التوحيد نرى من اللازم في البداية توضيح معنى التوحيد وبيان مقامه السامي في دائرة المعتقدات الإسلامية، وباعتقادنا أن التوحيد هو أصل وأساس الدين ويلعب دوراً أساسياً في جميع الاُمور المتعلّقة بالدين والسلوك الديني، إنّ الله تعالى واحد، وجميع الأنبياء دعوا أقوامهم إلى شيء واحد، وأن جميع الناس سوف يبعثون بعد الموت، وأن الكعبة هي قبلة المسلمين، والقرآن لدى جميع المسلمين واحد، والخلاصة أن التوحيد يمثل الأصل والأساس لجميع اُصول الدين وفروعه، ولهذا فإنّ التوحيد ليس أصلاً من اُصول الدين فقط بل يستوعب جميع اُصول الدين وفروعه، والتوحيد بمثابة خيط المسبحة الذي يربط جميع حباتها بحيث لولا التوحيد لا يبقى للدين من معنى كما أنه لولا خيط المسبحة لا يبقى معنى لوجود المسبحة، وبالالتفات إلى هذا المعنى للتوحيد ومكانته العليا بين العقائد والمفاهيم الإسلامية فإننا نعتقد بأن كلّ أمر يتنافى مع التوحيد فهو مرفوض ومردود.

 أقسام التوحيد:

 للتوحيد أقسام ومراتب متعدّدة، ونشير هنا إلى أربعة مراتب مهمّة للتوحيد :

 1 ـ توحيد الذات: يعني الإعتقاد بأن الله تعالى واحد في ذاته، وليس المراد بأنه واحد في العدد أي موجود واحد لا إثنين لأنه على أساس المعنى الأوّل للتوحيد أن الله واحد، بمعنى أن الإنسان لا يتصور له شبيه ومثيل، ولكن على المعنى الثاني يمكن تصور الشبيه والمثيل رغم انعدام الوجود الخارجي لهذا الشبيه.

 وعلى هذا الأساس فإنّ الآية الاُولى من سورة التوحيد ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ تفسر بمعنى قوله تعالى في هذه السورة أيضاً ﴿لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ﴾ فلا نظير له ولا شبيه ولا يمكن تصور النظير والشبيه له.

 2 ـ توحيد الصفات: فجميع صفات الله تعالى تعود إلى حقيقة واحدة، فليست صفة العلم شيءٌ آخر غير القدرة، والقدرة الإلهية أيضاً ليست شيئاً آخر غير الأزلية، وهكذا سائر الصفات الاُخرى تعود في الحقيقة على الذات، ولكن بالنسبة إلى الإنسان فيمكن القول أن علمه في روحه، وشجاعته وقدرته في عضلاته، ورحمته في قلبه، ولا يصحّ هذا القول بالنسبة إلى الله تعالى فإنّ ذاته المقدسة هي علم وقدرة وحياة وغير ذلك.

 3 ـ توحيد الأفعال: إنّ كلُّ فعل أو حركة أو ظاهرة في هذا العالم هي في الواقع من تجليّات الذات المقدسة ولا شيء بإمكانه أن يؤثر في عالم الوجود بدون إذنه ومشيئته (لا مُؤَثِّرَ فِي الْوُجُودِ اِلاَّ اللهُ) فعندما تحرق النار شيئاً فإنّ ذلك بإذن الله، ولذلك رأينا أن نار نمرود لم تستطع إحراق إبراهيم لأن الله تعالى لم يأذن لها بذلك، وعندما يطفىء الماء النار فذلك أيضاً بمشيئة الله، وكلُّ ما نعمل من عمل فإن ذلك بإذن الله لأنه تعالى هو الذي أقدرنا على ذلك ومنحنا الإختيار والحرية والقدرة والعقل لنتصرف كيف ما نريد، فكلُّ ذلك حصلنا عليه من الله تعالى، وكلُّ حركة من حركاتنا تعود إلى ذاته المقدسة، والخلاصة أن المؤثر للاستقلال هو الله تعالى وما بقي من الأسباب فليس لها قدرة على التأثير إلاّ بمشيئة الله وإرادته.

 4 ـ توحيد العبادة: إنّ العبادة لا ينبغي أن تكون إلاّ لله تعالى ولا يوجد موجود يليق بالعبادة غير الله تعالى، كما يشاهد من بعض الشيعة عندما يدخلون المشاهد المشرّفة لأحد الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) فإنّهم يقبلون الأرض أو عتبة الباب، فهو في الحقيقة من قبيل سجدة الشكر لله تعالى أنه وفقهم لزيارة أوليائه لا أنها سجود للإمام (والعياذ بالله) لأن الشيعة لا يعتقدون بأي موجود يستحق العبادة والسجود غير الله تعالى ولا يسجدون لغير الله، ولذلك نوصي الشيعة أن يتركوا هذا العمل أيضاً أي سجدة الشكر أمام الضريح المقدّس دفعاً لهذا التوهم وألا يكون ذلك ذريعة بيد البعض ليتحركوا ضد الشيعة من موقع التهويل والإتهام، وعلى أيّة حال فإنّ العبادة لا تكون إلاّ لله تعالى.

 هذه المراتب الأربع للتوحيد تعتبر المراتب الأصلية للتوحيد رغم وجود مراتب اُخرى متفرعة عليها نظير : توحيد الحاكمية ([1])، توحيد الشارعية ([2])، توحيد المالكية ([3])، وأمثال ذلك.

 ومن هنا يتضح أن الإنسان المسلم إذا اعتقد بما ذكر أعلاه من حقيقة التوحيد فإنه كامل الإيمان وموحد في نظر الإسلام، ولكن الوهابيين الذين يدّعون التوحيد ويرفضون الشرك لم يدركوا عمق هذه المراتب للتوحيد الواردة في تعاليم أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) ولذلك فهم يتهمون الآخرين بالشرك دائماً([4]).



[1]– المراد من توحيد الحاكمية هو أن يكون هو من يحكم الأرض من خلال نصبه لخليفته الشرعي.

[2]– يعني أن المقنّن والمشرّع للقوانين هو الله تعالى، فكلّ قانون ينتهي إلى القوانين الإلهية فهو مشروع.

[3]– يعني أن المالك في الحقيقة هو الله تعالى، وأما ما يملكه الناس فهو في الحقيقة أمانة بأيديهم، فكلّ ما لدينا في الحياة هو أمانة موقتة جعلها الله في اختيارنا لأيام معدودة.

[4]عدنان عرعور يكفر أباه !! و الأشاعرة!!!!                                    
: – قال عدنان عرعور في ( معالم في المنهج ) شريط ( 4 ) : ” والله ! لو مت على عقيدة أبي لكنت كافرا ، وكان أبي يشهد الجماعة ، بل أهل البلد كلهم شهود بصلاحه رحمه الله ، ولو مت على عقيدته لكنت من الكافرين !! قلت له مرة : أين الله ، وأنا صغير ؟ فقال : إن الله في الكون كالسمن في اللبن المخلوط ! هكذا سمع من مشايخه ، وهكذا تربى عليه ، وأما من قال – في اعتقادهم – أن الله فوق العرش فهو زنديق مجسم حاصر الله عز وجل في مكان.    
لا وجود للمجتمعات المسلمة اليوم عند عرعور!!!         
1 ــ قال عدنان عرعور في شريط ( رد الفارسي على رسالة عدنان عرعور) حيث قال : “ ما كان ينبغي لك أن تقول أن ( هكذا ) المسلمين الآن – والله ّ – وصلوا ، ما قلت أنا ، أقول : المسلمون هؤلاء ما نكفرهم أعيانا ، لكن مجتمعاتهم هذه ليست مجتمعات إسلامية ، بدليل رفضهم للشريعة الإسلامية ، الآن ضربنا أمثلة كثيرة !!! وأنا أعرف أنه قامت بعض الحكومات ، وتريد تطبيق الإسلام ، وعجزت عن ذلك ، لأن الشعب نفسه لا يرضى بهذا.      
2 ــ وأطلق الكفر على عموم الناس ، فقال : “ بل – والله ! – إن بلادا كافرة عَبَرْتُ فيها أسهل مما عَبَرْتُ بعض البلاد الإسلامية ، من الذي صنع هذا ؟ نحن الذين سكتنا عن الطواغيت أول ما سكتنا ، ثم جر هذا الكفر إلى عموم الناس !! ” ، وهذا من شريط مسجل في الجزائر في ” تفسير بعض آيات الحجرات ” وجه ( ب) .
3 ــ و قال أيضا : ” كثير من الحكام أولئك الذين كفروا بدين الله ، وكفروا بالله العظيم ، كثير أولئك ! لكن هل شعبنا ، هل مجتمعنا هذا مجتمع مسلم ؟ فقط كفر حكامه فننقلب عليهم ؟! فإن كانت المسألة كذلك فلا يجوز لك أن تنام الليلة إلا وتخرج على الحكام ، لكن شعبنا أو بعض شعبنا – حتى لا نتحسس ! – صاروا أفسد من حكامهم ، فما أنتم صانعون ؟ نعم ! لقد كان الواجب منذ دخول الاستعمار – على كافة أشكاله وألوانه-كان الواجب رده فورا، أن يقوم المسلمون قومة رجل واحد ، فيدفعوا هذا العدو اللدود عن ديارهم ، ولكن الله لم ينصرهم لأنهم خذلوه وأضاعوا دينهم ، فخذلهم الله وضيعهم.          
4 ــ و قال عدنان عرعور في شريط بعنوان ( ميزات الدعوة ) : “ إن المسلمين في باكستان باعوا دينهم بخمس مائة رُوبِية ، ونجحت بالأغلبية المطلقة كما تعلمون ، فأيُّ زعم لكم أن هذا مسلم ؟  .
5 ــ و قال في شريط ( ميزات الدعوة ) : ” يقول قائل أنت حيرتنا ! لا تقول : نكفر هذا المجتمع ؟! و لا نقول : مسلم ؟! ” . ثم أجاب بقوله : ” إي نحن نقول : إنه مجتمع مسلم أفراده ! أما كمجتمع : ليس بمسلم ، كمجتمع ، كبيئة !! أما كأفراد : نعم ! مسلمون ؛ لأننا لا نكفر الأفراد ؛ والدليل على ذلك أن هذا المجتمع كمجتمع ليس بمسلم !! ” . ثم ذكر دليله الغريب الذي جعله يوقف المسلمين في برزخ بين الكفر والإسلام كالمعتزلة ، فقال : ” احسب نسبة المصلين فيه ! واحسب نسبة الكاسيات العاريات بين التقيات الورعات !! واحسب نسبة الذين يتعاطون الخمر والربا والقمار !! ” .( http://al7ewar.net/forum/showthread.php?t=1663).

……………………………………………………………………………………………….

( صحيفة الصراط المستقيم – العدد 15 – السنة الثانية – بتاريخ 2-11-2010 م – 25 ذو القعدة 1431 هـ.ق)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى