زاوية العقائد الدينيةعقائد الشيعة

بحوث عن الإمام المهدي وعصر الظهور – الحلقة الثالثة

روايات الصفات الجسمية للإمام(ع) 

1 ـ لون البشرة:-

وهي روايات كثيرة متداخلة في ما بينها ومتناقضة في بعض الصفات على سبيل المثال نذكر بعض التناقضات التي لا يمكن تجاهلها:-

عن رسول الله (ص): (المهدي رجل من ولدي وجهه كالكوكب الدري اللون لون عربي والجسم جسم إسرائيلي) بحار الأنوار ج 51 ص 65.

عن النبي (ص)قال:ـ (انه رجل من ولدي كأنه من رجال بني إسرائيل يخرج عن جهد من أمتي وبلاء، عربي اللون ابن أربعين سنة كأنه وجه كوكب دري يملأ الأرض عدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً يملك…..) الملاحم والفتن لابن طاووس ص 141

وهو هنا يقصد أسمر كما يفسر ذلك السيد الصدر في الموسوعة ج3 ص 265 وتصفه بعض الروايات بصورة صريحة حيث يصف الإمام الصادق(ع) القائم بقوله: (أسمر يعتوره مع سمرته صفرة من سهر الليل) (إلزام الناصب / ج1: 420).

بينما في جانب آخر من الروايات:-

عن أمير المؤمنين(ع): (يخرج رجل من ولدي في آخر الزمان أبيض اللون مشرب بحمرة مبدح البطن عريض الفخذين….) إعلام الورى ص 465.

وفي خبر آخر يصفه،الامام الصادق (ع) بقوله: (واضح الجبين، أبيض الوجه، دري المقلتين، شثن الكفين، معطوف الركبتين) (إلزام الناصب / ج1: 420).

وهذه الروايتين وغيرها فيها تصريح واضح بأنه (ع) أبيض اللون وليس أسمر.

 2ـ الفخذين:-

عن أمير المؤمنين(ع): (هو رجل جلي الجبين أقنى الأنف ضخم البطن أزيل الفخذين بفخذه اليمنى شامة) بحار الانوار ج51 ص 131.

 ومعنى أزيل الفخذين هو هزيلهما مما يناقض الرواية السابقة التي تصفه بأنه عريض الفخذين.

  الحاجبــان:-

عن علي بن ابراهيم مهزيار في صفة المهدي (ع) قال (…… صلت الجبين  أزج الحاجبين أقنى الأنف سهل الخدين…..) الخرائج والجرائح ج 2 ص 787

أما الرواية المعارضة لها فإنها تقول مشرف الحاجبين:-

عن أبي جعفر الباقر(ع): (… ذاك المشرب حمرة الغائر العينين المشرف الحاجبين العريض ما بين المنكبين  برأسه حزاز وبوجهه أثر رحم الله موسى) غيبة النعماني ص215.

ذكر السيد الصدر هاتين الروايتين وناقش التناقض الذي ظهر عند تناول موضوع الحاجبان في الموسوعة ج3 ص 366 إذ قال إن معنى (أزج الحاجبين) يقال زج حاجبيه دققهما وطولهما.. بينما الصفة الأخرى(مشرف الحاجبين) معناها إن تكون الحاجبان عريضان فيحصل التناقض في المعنى..

  صفات العينين:-

نرى أوصافه(ع) بأنه أعين أي واسع العينين وفي الرواية في النقطة (3) غائر العينين مما يرجح أن لا يكون واسعهما.

5ـ  العلامات الفارقة على الوجه:-

قال رسول الله (ص) (….كأن وجهه كوكب دري في خده الأيمن خال اسود عليه عبايتان قطوانيتان….) بحار الأنوار ج15 ص 96.

أي أن علامة وجهه في خده الأيمن خال بينما في النقطة (3) تكون علامة وجهه فيه أثر وهذا اختلاف واضح((…. وبوجهه أثر رحم الله موسى….)).

النتيجة التي نخلص إليها:

التناقض الواضح في شكل الإمام(ع) عند الظهور من ناحية القيمة العمرية ومن ناحية الصفات الجسمية لا يترك أدنى شك بأن هناك رجلين كانا مقصودين بتلك الروايات فهي لا يمكن أن تنطبق على رجل واحد وهما قد وُصفا في جميع الروايات بالقائم أو المهدي أو الإمام وهذه شهادة بأن الشخص المقصود في الرواية هو قائم آل محمد أيضا وهو المهدي أيضا وإمام كذلك وهذا الأمر كما أسلفت سابقاً هو من دواعي السرية والرمزية الضرورية لحفظ عملية الظهور… وهنالك نقطة مهمة أحب الإشارة إليها في روايات الصفات فانك لو أخذت رواية فيها صفة مخالفة لصفة من نفس النوع كاللون مثلاً فان باقي الصفات المذكورة في هذه الرواية ستحددان صفات الشخصين وبجمع روايات أخرى تحتوي على صفات موجودة في إحدى روايتي اللون لأصبحت تلك الروايات محكومة بصفة معينة في تلك الرواية الأخرى وبهذا تكون كل الروايات الخاصة بالصفات  قد اجتمعت في مجموعتين والصفات الواردة في إحدى المجموعتين من الروايات هي صفات لشخص مختلفة بل ومتناقضة مع صفات ذلك الشخص المقصود في المجموعة الأخرى مع اشتراكهما ببعض الصفات كالطول الاسرائيلي وداء الحزاز وغيرها ولو ان هناك حالة من التناقض سوف نظهر في صفات المجموعة الواحدة وكمثال على ذلك تعطي صفات المهدي الاول (ع) وصفا ًدقيقاً له فهو طويل واسمر وتصف ملامح وجهه وهزال فخذيه أي انه ليس بضخم الجسم ولكن تجد صفة اخرى ساقتها احدى الروايات وهي انه ضخم البطن فلا يكون بين هذه الصفة تتناسب مع الصفات الجسمية المفترضة للمهدي الاول (ع) والحال هنا ربما يعود لأمرين:-

الأول: هو الحمل على الرمزية لإزالة التناقض الذي سيضطرنا الى الاستغناء عن الرواية.

الثاني: ان التناقض في صفات نفس المجموعة اذا حدث فانه قد يعود الى الرواة فهم ينقلون الرواية من الأئمة (ع) وتدوينها أو نسخها في مراحل زمنية متعددة، فاذا كانت روايات الصفات كثيرة جداً والراوي قد يجهل ان هناك شخصان مقصودان بلقب المهدي في تلك الروايات فقد يقع السهو والخطأ على اعتبار ان الصفة الواردة في تلك الرواية هي لنفس المقصود فلا يستدعي التدقيق فان وقع اضافة احدى صفات هذه الرواية الى صفات رواية اخرى وهي تخص نفس الامام فلا تعدي ولا تحريف وقع من وجهة نظر الراوي.. والله اعلم.

والنتيجة النهائية ان التناقض الموجود في صفات كل مجموعة على حده يكاد يكون ضئيلاً جداً الى درجة لا يغير المفهوم العام الأثبت والأوضح وهو كون الصفات منقسمة الى صفات رجلين لا رجل واحد وبهذا يثبت المحور الثاني في وجوب الرمزية في الاشارة الى الممهد.

……………………………………………………………………………………………………………………………

( صحيفة الصراط المستقيم – العدد 40 – السنة الثانية – بتاريخ 26-4-2011 م – 22 جمادى الأول 1432 هـ.ق)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى