زاوية الأبحاثزاوية الدعوة اليمانيةزاوية العقائد الدينية

المعترضون على خلفاء الله .. وحدة المنهج (( الحلقة الثامنة )) القسم (1)

مع منهج المعترضين على خلفاء الله في أرضه، وتحديدا في الأمر التاسع من مجادلتهم بالباطل، ومر بنا الصورة الأولى لهذه المجادلة وهي عدم سماعهم بهذا في ملة آبائهم الأولين، واليكم الصورة الثانية.

الصورة الثانية: ما اتبعك إلا أراذلنا

وهو ما قاله المعترضون لنوح (ع) لما دعاهم إلى الله سبحانه: ﴿.. وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ﴾ هود: 27، وأيضاً: ﴿قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ﴾ الشعراء: 111.

ولأنّ المعترضين متكبرون دائماً فينظرون إلى أتباع خلفاء الله الذين لا يريدون علواً في الأرض بأنهم أراذل ولا قيمة اجتماعية لهم، أو هم بتعبير أناس سذج وبسطاء ولا علم لهم ولم يدرسوا في مقاهي الباطل التي تدرس فنون الجدال وأمثاله، والحال أنّ فيهم من شتى صنوف المجتمع وبمستوياته المتعددة التي نجبر بعض الأحيان على بيانها، أقول نجبر لأنّ مقياس التفاضل بين بني البشر هو مقدار تقوى العبد لا غير (إن أكرمكم عند الله اتقاكم). وأما ما يطلبه المعترضون اليوم من صفة ينتظرونها في الأنصار فهي صفات يجدونها في المعترضين على خلفاء الله السابقين لا غير، فالشهرة والجاه والمال والأتباع والمكر وفنون الجدل وما شابه لم يتحلَ بها إلا فرعون ونمرود وقارون وأبو جهل ومعاوية وشريح وأشباههم .

إنّ هذا النوع من المجادلة بالباطل الذي يتوحّد عليه المعترضون نجد له شاهداً أيضاً لدى المعترضين من قوم الرسل لما يدعون أقوامهم فيكون جوابهم: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً﴾ مريم: 73. (أي الفريقين خير مقاماً)؟ مستضعف مجهول القدر، فقير، لا جاه ولا أتباع ولا مال ولا … ولا … ولا …، بل يعدّه القوم من الأراذل؟ أو معروف عند الناس يتبعه الملايين وعنده الآلة المادية من ملأ  ووسائل إعلامية ومال وسلطان وقصور وشركات وغير ذلك؟!

وأيهم (أحسن ندياً)؟ مجالسة من إذا حضر مجلس لا يُسأل وإذا غاب لا يفتقد ولا يحسب له حساب وان كلمته فلا مجال إلا للنصيحة الثقيلة والملل من الدنيا وأهلها وظلمها إن أحسن الحديث وإلا الصمت فقط وكانت العظة منه بخلقه وفعله، أو مجالسة من يحضر مجلسه أهل الكلام والمنطق وإجادة سمر الحديث وفاكهته ومن يدعي العلم والتجار والأغنياء، مجلس تقدم فيه أنواع المشروبات والأطعمة – والهدايا بشرط الحضور – وتلقى فيه شتى صنوف الحديث – إلا ذكر الله – ولا تكاد تستقر في الأرض لحظة لكثرة القيام لاستقبال الداخلين فإنهم من أهل القدر في نظر صاحب المقام ومن يستحقون القيام ترحيباً بل الانحناء كل بحسبه.

فمن بربكم عند القوم اليوم خير مقاماً وأحسن ندياً؟ هل يشك أحد في أنه الثاني في نظر أهل الدنيا وطلابها وهم الأكثر دائماً، نعم الغني المتكبر المتبوع هو خير مقاماً حتى وان كان الفقير المستضعف مؤمن بآيات الله ومصدق بكلماته وغيبه، وحتى وان كان المتبوع كافراً بها. وهو أحسن ندياً وان خلا مجلسه من ذكر الله وأهله، ومجرد كون الفقير مؤمن بآيات الله ويلبي نداء خلفائه إذا ما سمع مسرعاً لا يرفع عنه تهمة كونه من (الأراذل) التي يعيّر بها أنصار خلفاء الله .

ولهذا ليس صدفة أن نسمع في تفسير هذه الآية وما يليها ما يتعلق بالقائم (ع) والمعترضين عليه: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (ع)، في قول الله عز وجل: ﴿وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا﴾، قال: (كان رسول الله (ص) دعا قريشاً إلى ولايتنا فنفروا وأنكروا، ﴿قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ من قريش ﴿لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ الذين أقروا لأمير المؤمنين (ع) ولنا أهل البيت: ﴿أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا﴾ تعييراً منهم، فقال الله رداً عليهم: ﴿وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ﴾ من الأمم السالفة ﴿هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَرِءْياً﴾).

قلت: قوله: ﴿قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا﴾؟ قال: (كلهم كانوا في الضلالة لا يؤمنون بولاية أمير المؤمنين (ع) ولا بولايتنا، فكانوا ضالين مضلين، فيمد لهم في ضلالتهم وطغيانهم حتى يموتوا، فيصيرهم شراً مكاناً وأضعف جنداً).

قلت: قوله: ﴿حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضْعَفُ جُنْداً﴾؟ قال: (أما قوله: ﴿حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ﴾ فهو خروج القائم (ع)، والساعة، فسيعلمون ذلك اليوم، وما نزل بهم من الله على يدي وليه، فذلك قوله: ﴿مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً – يعني عند القائم (ع) – وَأَضْعَفُ جُنْداً﴾).

قلت: قوله: ﴿وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً﴾؟ قال: (يزيدهم ذلك اليوم هدى على هدى بإتباعهم القائم (ع) حيث لا يجحدونه ولا ينكرونه) الكافي: ج1 ص357 ح90.


اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى